المنزل هو الشعور بالدفء والراحة النفسية، هو التئام أفراد العائلة تحت سقف واحد، هو حرية التصرف من دون قيودـ، ومن دون حسابات، هو الحب والعفوية والتلقائية من دون تدقيق أو مجاملات.. من أجل ذلك، يهتم الإنسان بأن يكون منزله في أجمل صورة تتناسب مع ذوقه وتفكيره، وتتماهى مع مشاعره وتطلّعاته.
ولكن ديكور المنزل الذي يعكس الكثير من طبائعنا، لا يبقى غالباً ثابتاً، بل يكون في كثير من الأحيان متغيّراً، ومتحوّلاً بشكل مستمر، فمتى يحتاج المرء إلى تغيير ديكور منزله؟ ولِمَ يعمل على تبديل صورته بشراء أثاث جديد وقطع جديدة؟ وهل تغيير الديكورات يعالج مشكلات نفسية بسبب ظروف الحياة، وضغوطاتها؟
ذوق ربّة البيت
غالباً، يعكس ديكور المنزل ذوق ربة البيت ورؤيتها للجمال، وأساليب الراحة، والمرأة هي المسؤولة الأولى عن تنظيم بيتها، وجعله في أجمل صورة يرتاح لها جميع أفراد العائلة، وقد تحتاج ربة البيت إلى تغيير الديكور من فترة إلى أخرى، لكسر الرتابة، والتغلب على حالات التوتر التي تصيبها بسبب الضغوطات في العمل.
ولو ألقينا نظرة على مواقع التواصل الاجتماعي، لوجدنا الكثير من النصائح والأفكار المبتكرة المتعلقة بالديكور المنزلي، وأساليب تغييره، وتجديده بما يتناسب مع شخصية كل فرد، وحجم غرف المنزل، وشكلها. وتجديد ديكور المنزل عموماً، ليس سهلاً إن كان يتطلب تبديل الأثاث، وشراء ملحقاته، فاتخاذ مثل هذا القرار يحتاج إلى وقت وميزانية خاصة.
تغييرات بسيطة تجدّد روح المنزل
قد يكون تجديد الديكور بسيطاً، تتطلبه المناسبات والأعياد، وهو عادة تغيير بلمسات تعطي المناسبة طابعاً جميلاً ومريحاً، ولا يحتاج إلى ميزانية كبيرة، تقول ليال «أحب أن أضيف بعض الديكورات إلى منزلي كل عام، في شهر رمضان المبارك، ليشعر أولادي بقيمة هذا الشهر، وأهمّيته، وليعتادوا على استقبال شهر الصوم استقبالاً يليق به، فيترك ذلك بصمة في نفوسهم، ترافقهم كل عمرهم، ليعلموا أن رمضان ليس مثل غيره من أشهر السنة، وكذلك أفعل في العيدين؛ الفطر والأضحى».
أما نورا، فهي تجدّد ديكور منزلها بلمسات بسيطة، وتغيير أماكن الأثاث «في العيد أو المناسبات الأخرى، مثل ذكرى ميلاد أحد أفراد الأسرة، أو عودته من السفر، أو شفائه من مرض، أشتري إضافات للديكور؛ قطعاً تتناسب بألوانها وتصميمها مع الأثاث، والمناسبة».
تجديد الديكور مؤشر لاضطراب نفسي
أم قيس، امرأة خمسينية مطلّقة، تعيش في بيت بالإيجار مع أفراد عائلتها، اشتكت إحدى بناتها من رغبة والدتها المستمرة في تغيير أثاث المنزل، بل في تغيير كل المنزل بما فيه الجدران والبلاط... تقول البنت «لا نكاد نرتاح من الفوضى التي يحدثها تغيير الديكور في المنزل، حتى نغرق في فوضى جديدة، فأمّي في حالة هستيرية ومستمرة من تجديد أثاث المنزل، لا تهدأ، ولا تهنأ إن لم تغيّر الأثاث والديكورات، مرّتين أو ثلاثاً في العام، حتى إنها وصلت إلى تكسير البلاط والرخام، وتبديل خزائن المطبخ. نحن نعيش في حالة عدم استقرار، لا نعرف كيف نتوجه إلى وظائفنا بين الركام والعمال الذين يدخلون ويخرجون كأننا نعيش على أنقاض منزل مدمّر».
التسوّق عبر الإنترنت وسهولة تغيير الديكور
مع انتشار التسوق عبر الإنترنت، والعروض المتنوعة للمنتجات التي يمكن الحصول عليها بسرعة، وفي أي لحظة، وبأي مبلغ، كما كثُر الطلب على الأزياء بمختلف أنواعها لأنها تبدو جميلة فحسب، من دون التفكير في ما إذا كانت مناسبة أم لا، كثّر كذلك الطلب على قطع الديكور وكل ما يتعلق به..
عروض خيالية تجعل الوضع في البيت غير مستقر في سبيل البحث عمّا يرضي التطلعات، ويؤمّن الراحة النفسية والجسدية، كل ذلك مدفوع بالشعور بعدم الرضا، والاضطراب النفسي الذي يغذيه التوتر، والقلق، والعلاقات الأسرية المشوشة.
فالأسرة اليوم تعاني التشتت، على الرغم من وجود أفرادها تحت سقف واحد؛ أبناء يعيشون مع والديهم جسدياً، أما روحياً ونفسياً فهم غارقون في متاهات الـ«سوشيال ميديا»، وأصدقاء الإنترنت. وبحثاً عن الهدوء، واستقرار النفس، ولملء الفراغ العاطفي، قد يبحث أفراد الأسرة عن تغيير ديكور غرفهم علّهم يجدون في تجديد القطع الجامدة ما يغني عن الترابط، والتلاحم، والعاطفة، والتواصل الفطري.
في النهاية، يمكن القول إن تغيير الديكور في كل الظروف أشبه بعلاج نفسي يعدّل المزاج، ويعطي شعوراً بالراحة، ويقضي على الملل. وقد أثبتت الدراسات أن تنسيق المنزل يساعد على التحكّم في المشاعر مثل الفرح، والرومانسية، والاكتئاب والتوتر... فمن يبحث عن السعادة قد يجدها في تغيير ديكور منزله.