يُعد مركز «لؤلؤ أبوظبي» في المرفأ، بمنطقة الظفرة، التابع لهيئة البيئة- أبوظبي، أحد المشاريع الرائدة التي تجمع بين الثقافة، والتعليم، والسياحة المستدامة، لما يوفره من فرص لاكتشاف عمليات استخراج اللؤلؤ المستدام والحفاظ على جماليّاته، والتعرّف إلى أهميّته، الثقافية والبيئية.
حرصت هيئة البيئة – أبوظبي على تأسيس «لؤلؤ أبوظبي» كدراسة تجريبية لتقييم جدوى إنتاج لؤلؤ بجودة عالية بطريقة مستدامة، في مياه أبوظبي، وبلغ معدل الإنتاج ما بين 80000 إلى 100000 من المحار الملقّحة، وما يقارب 20000 حبّة لؤلؤ عالية الجودة سنوياً، حيث تقوم الهيئة باستزراع اللؤلؤ المستدام في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي منذ عام 2007، باستخدام النوع المحلي من محار اللؤلؤ (Pinctada radiata)، ما أتاح أن تكون له فرصة متميّزة للنمو كمشروع رائد يعزز الاقتصاد المحلي، ويجذب الزوار للاطّلاع على طريقة استزراع اللؤلؤ، وإحياء هذا الموروث.
تأريخ اللؤلؤ في الإمارات
ارتبطت مهنة استخراج اللؤلؤ، التي مثلت عصب الحياة الاقتصادية في الإمارات قديماً، ولفترة غير قصيرة، بأسماء عائلات كبيرة، وفي عالم مملوء بالمخاطر والتحدّيات كانت تجارة الجواهر البيضاء هي من تعطي معنى جديداً لحياة الأسر في الإمارات، حيث كان رب الأسرة يغامر بحياته في عرض البحر أملاً بالعثور عليها، ورغم اكتشاف حقول النفط الذي أطفأ بريق هذه التجارة، وغيّر مسار الحياة، إلا أن هذه اللآلئ بقيت محتفظة ببريقها، وقيمتها لتذكّرنا بتاريخ الأجداد، وقصص البحر، وذكرياته.
الخطوات الأولى لاستزراع اللؤلؤ
يتميّز المركز بإنتاجه الطبيعي الذي يأتي بأشكال، وألوان، وأحجام مختلفة، حسـب المحار، والبيئة التي نشأ فيها. حيث تُعدّ محار اللؤلؤ مــن المفرخات الحرّة (Spawners Broadcast)، لأنها تطلـق البيـض والحيوانـات المنويـة فـي الميـاه المفتوحة حيـث تحـدث عمليـة الإخصاب. ومـن بيـن ملاييـن البيض المخصب، ينجح القليل منه فقط، في الاستقرار على أسطح مناسبة لينمـو إلى حجم أكبر، أما البقية فتأكله الكائنات المفترسة، أو لا يجــد سـطحاً مناسباً يستقر عليه، وهنا تبدأ رحلة اســتزراع اللؤلؤ المستدام.
مراحل استزراع اللؤلؤ وفتراتها
تمر رحلة الاستزراع بمراحل عدّة، تبدأ بوضع هيئة البيئة – أبوظبي جامعات صغار المحار في البحر، وهي عبــارة عــن حبال عائمة تستخدم لجمع بيض المحار المخصب، والتي لولاها لن تجد المحار سـطحاً مناسباً تستقر عليه، حيث تتــرك هذه الجامعات في البحر لمدة عام، يتم بعدها جمع صغار المحار ونقلها إلى موقع الاستزراع، وتستمر في النمو، ليتم بعد ذلك إنماء صغار المحار في أنواع مختلفة مــن الشباك لمدة عام آخر حتى تبلغ الحجم المناسب لعملية التلقيح.
بعد بلـوغ المحـار عاميـن، تكـون قـد أصبـحت جاهـزة للتلقيـح، حيـث يتـم إدخـال نـواة مصنّعـة مـن صدفـة ميـاه عذبـة فـي المحـار الحـي، وبعـد ذلـك تتـم إعـادة المحـار الملقـحة إلـى موقـع الاسـتزراع لتواصل النمـو بشكل طبيعي في المياه النقية لمـدة عاميـن لإنتاج لآلئ زاهيـة.. خلال تلـك الفتـرة، يتـم تنظيـف المحار والاعتنـاء بها في البحـر بواسـطة كوادر فنية مختصة لضمـان نمـوّها بشكل صحي، بعد عاميــن تبدأ عملية حصاد اللؤلؤ وتنظيفه بشكل بســيط باسـتخدام الملـح الطبيعـي ليصبح أكثر بريقاً.
تلتزم هيئــة البيئة - أبوظبي، التــي تأسســت فــي عام 1996، بحماية وتعزيز جودة الهواء، والمياه الجوفية، إضافــة إلى حماية التنوع البيولوجي في النظم البيئية الصحراوية والبحرية فــي إمارة أبوظبي. ومن خلال الشـراكة مع جهات حكوميـة أخرى، والقطاع الخاص، والمنظمات غيـر الحكوميـة، والمنظمـات البيئيـة العالمية، تعمل الهيئــة على تبنـّـي أفضل الممارسات العالمية، وتشجيع الابتكار والعمل الجاد لاتخاذ التدابيـر والسياسات الفعالة. كمــا تسعى الهيئة لتعزيز الوعـي البيئي، والتنمية المستدامة، وضمان اسـتمرار إدراج القضايا البيئية ضمن أهـم الأولويات في الأجندة الوطنية.
* تصوير: السيد رمضان
