3 نوفمبر 2020

حوار خاص مع الدكتورة شيخة سالم الظاهري الأمين العام لهيئة البيئة في أبوظبي

محررة في مجلة كل الأسرة

محررة في مجلة كل الأسرة

حوار خاص مع الدكتورة شيخة سالم الظاهري الأمين العام لهيئة البيئة في أبوظبي

لم تكتف الدكتورة شيخة سالم الظاهري  بالنجاح والتميز بأن تكون أول إماراتية تحصل على الدكتوراه في صون البيئة وحماية الحياة الفطرية، بل حملت على عاتقها مهمة رفد هذا التخصص بالخبرات الوطنية بتشجيع الشباب بالانضمام إليه، بمسيرة 20 عاماً في هيئة البيئة في أبوظبي بدأتها من مساعد باحث ثم باحث وصولاً إلى نائب إدارة تقييم التنوع البري ثم نائب مدير تنفيذي لقطاع التنوع البيولوجي البري والبحري إلى منصب مدير تنفيذي لقطاع التنوع البيولوجي وختاماً أمين عام للهيئة، تمكنت خلالها من وضع قاعدة أساسية لفهم التغييرات والتحديات الرئيسية التي تطرأ على البيئة بالعمل الميداني الذي كان أساساً لنجاحها.

في حوارنا معها أطلت بنا على أهم ملامح نشأتها وتخصصها الفريد وتأثير والدها ودعم زوجها وأسرتها لمسيرتها العلمية والعملية. 

الدكتورة شيخة سالم الظاهري الأمين العام لهيئة البيئة في أبوظبي - كل الأسرة

ماذا تستذكر د. شيخة سالم الظاهري عن طفولتها ونشأتها في إمارة أبوظبي؟

كانت طفولة محاطة بالطبيعة، حيث حرص والدي على قضاء أوقات عطلنا المدرسية في مزرعة العائلة كوننا ننحدر من مدينة العين، ولا أعلم إذا كان لهذا سبب في اختياري للتخصص أو الوظيفة فكل ما أذكره هو قضاء الكثير من الوقت بالقرب من الحياة البرية، كنت طفلة ذات فضول تطرح الكثير من الأسئلة مهتمة بالقراءة التي طالما حثنا عليها والدي لأهميتها في تنمية العقول، كثيرة القلق على نتائج النجاح لأني أعلم أن والدي لن يرضى إلا بالمركز الأول. 

كنتِ أول إماراتية تحصل على الدكتوراه في صون البيئة وحماية الحياة الفطرية، هل حملك ذلك مسؤولية؟

ليست مسؤولية بقدر ما هو التزام لتقديم أفضل ما لدي لخدمة ونفع وطني أولاً ومؤسستي ومجتمعي ثانياً لدراسة هذا التخصص الذي لم يكن مألوفاً أو شائعاً قبل 15 عاماً، حيث كان الاعتماد بشكل كلي على الخبرات الخارجية غير المواطنة، كان من واجبي تشجيع الشباب من حولي للخوض في هذا التخصص لحاجة سوق العمل، ولله الحمد أفتخر بتأثيري الإيجابي في العديد من أفراد العائلة الذين تخصصوا في علوم البيئة وكذلك الطاقات الشبابية في هيئة البيئة فأصبح لدينا إماراتيون متخصصون في الحياة البحرية والبرية بمختلف أنواعها ما ساعد على سد فجوة كبيرة فيها.

بدأت العمل في الهيئة كمساعد باحث إلى أن تمكنت من الوصول إلى منصب الأمين العام، كيف ترصدين لنا مساركِ الوظيفي؟

على الصعيد العملي لدي خبرة مهنية وعملية تجاوزت 20 عاماً بدأتها عام 2000 بالعمل الميداني الذي أعتبره أساس النجاح في أي مجال لبناء ركيزة سليمة في فهم الخبرة الفنية المطلوبة، فكان من ضمن مهامي الذهاب في رحلات عملية إلى الصحراء أو الساحل أو مناطق الجبال لجمع بيانات عن البيئة والأنواع وفهم طبيعة التنوع البيولوجي في إمارة أبوظبي التي أعتبرها قاعدة أساسية مكنتنا من فهم التغيرات التي تطرأ على البيئة والتحديات الرئيسية، تدرجت خلالها من مساعد باحث ثم باحث إلى نائب إدارة تقييم التنوع البري، ثم نائب مدير تنفيذي لقطاع التنوع البيولوجي البري والبحري ووصولاً إلى منصب مدير تنفيذي لقطاع التنوع البيولوجي عام 2012 ثم تعييني كأمين عام لهيئة البيئة - أبوظبي عام 2019.

تجتهد الهيئة للحفاظ على التنوع البيئي وتطبيق مفهوم الاستدامة، ما هي أبرز التحديات التي تواجهها؟ 

وضع المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، رؤية رائدة لدولة الإمارات العربية المتحدة سبقت عصرها، وما زالت اليوم منارة نستلهم منها لمواصلة دورنا في تحقيق الاستدامة ورسم معالم المستقبل بتوجيهات قيادتنا الرشيدة وهذا هو صميم رسالتنا وغاية مطلبنا في هيئة البيئة – أبوظبي، أي العمل نحو بيئة مستدامة من أجل مستقبل مستدام. 

قد أدت التنمية الاقتصادية السريعة ومعدلات التحضر المتزايدة إلى ضغوط كبيرة على الموارد الطبيعية للأرض والتنوع البيولوجي لكوكبنا ما تسبب في زيادة الطلب على الموارد الطبيعية مثل المياه والتربة والوقود والمعادن وزيادة الضغوط على البيئة عبر زيادة الانبعاثات والتلوث وتدمير الموائل، هذا بدوره أدى إلى تحديات كبرى مثل جودة الهواء وتأثيره وجودة المياه البحرية وتأثيرها في صحة الإنسان والنظام البيئي، وتدهور المخزون السمكي وتداعياته على الأمن الغذائي وسبل العيش، وتراجع موارد المياه الجوفية وآثاره في الأمن الغذائي وسبل العيش، وفقدان التنوع البيولوجي سواء من حيث الموائل والأنواع المهددة بالانقراض. فضلاً عن تغير المناخ وآثاره في المجتمعات الساحلية لا سيما مع ارتفاع مستوى سطح البحر، وقد يكون تغير المناخ التحدي الأكبر بالنسبة لنا نظراً لآثاره الطويلة الأمد ولكونه ظاهرة يتطلب التصدي لها جهوداً عالمية موحدة. 

إن تطوير حلول ملموسة لأحدث التحديات البيئية التي تواجه عالمنا اليوم أصبح أمرًا بالغ الأهمية. بينما تعمل الاقتصادات العالمية بجدية أكبر وتنتج المزيد وتستهلك بشكل أسرع، فإن العواقب على النظم البيئية والمجتمعات التي تعتمد عليها تنذر بالخطر، لذلك نسعى جاهدين لتوسيع نطاق بحوثنا واستشراف المستقبل لإدراك كيفية تأثير تلك العوامل المختلفة على الطلب بصورة أفضل، ومعرفة أشكال الاستجابة التي نحتاج إليها، وبالحد الأدنى يتعين علينا ضمان التزام أقوى من الشركات والأفراد تجاه تبني الاستدامة في الإنتاج والاستهلاك.

تم اختيارك كمستشار إقليمي للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة لمنطقة غرب آسيا، ما هو دوركم وإسهاماتكم في هذا المجال؟

حصلت ولله الحمد على أعلى نسبة تصويت بين مرشحي غرب آسيا، ومنذ تعييني كمستشار قمت بتشكيل أول لجنة وطنية للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة في دولة الإمارات قمت بدعم مبادرة إعادة اللجنة الإقليمية للاتحاد على مستوى غرب آسيا، كما قمت وبرعاية ودعم من هيئة البيئة بتنظيم المنتدى الإقليمي الأول للتنوع البيولوجي لمنطقة غرب آسيا في أبوظبي الذي كان أهم مخرجاته عرض ومناقشة مستوى التقدم في تنفيذ الاستراتيجيات الوطنية للتنوع البيولوجي وتنفيذ أهداف أيشي في المنطقة وعرض مبادرات صون التنوع البيولوجي في دولة الإمارات العربية المتحدة والمنطقة العربية. كما ساهم المنتدى في تعزيز أوجه التعاون الممكنة بين الاتفاقيات المتعلقة بحماية التنوع البيولوجي وتوفير منصة لمناقشة أطر التنسيق الفني المشترك بين البلدان العربية في المنطقة من أجل مشاركة فعالة في المؤتمر الثالث عشر للأطراف المتعاقدة في اتفاقية رامسار (Ramsar COP 13) الذي تم عقده في دولة الإمارات العربية المتحدة في أكتوبر 2018 والمؤتمر الرابع عشر للأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي (CBD COP 14) الذي استضافته جمهورية مصر العربية في نوفمبر من نفس العام. نقوم أيضاً بدعم لجنة بقاء الأنواع التابعة للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة من خلال اتفاقية إطارية تهدف إلى تعزيز الجهود التي تبذلها اللجنة في الحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض ومعالجة كافة التحديات البيئية في جميع أنحاء العالم.

إطلاق أول منصة إلكترونية وطنية لرصد جودة الهواء في دولة الإمارات

من واقع مسيرة امتدت لأكثر من 18 عاماً واكبتها بأفكار وبرامج وحلول لحماية البيئة والتنوع البيولوجي، ما الإنجاز الذي تفخرين به؟

لحظة إعلان فوزي بجائزة التميز الحكومي لأنها ترجمت صحة اختياري للمجال وإيماني بشغفي وقدرتي على مواجهة العقبات الاجتماعية والعملية خصوصاً في السنوات الأولى حيث كان المجتمع متحفظاً تجاه عمل المرأة الميداني، لكني كنت محظوظة بأسرة تؤمن بعمل المرأة في شتى المجالات، عندما أستذكر مسيرة عملي التي بدأتها من أول السلم ينتابني أيضاً شعور بالفخر بأن الله وفقني لذلك ومازال أمامي الكثير لخدمة ونفع بلادي.

من هي الشخصيات التي أثرت في حياة د. شيخة سالم الظاهري؟

ترك المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أثراً كبيراً في شخصيتي كما في الكثيرين، وعملي البيئي وما حققناه من إنجازات ما هو إلا تجسيد لرؤيته الثاقبة وإصراره على تحدي المستحيل وتحقيق النجاح الذي أبرز دور دولة الإمارات في المجال البيئي على مستوى العالم، وشخصية والدي الذي يحمل نفس الصفات فعندما كنت أستمع لقصصه ومعاناته التي تكبدها للحصول على التعليم ودوره في تخريج أبناء يحملون مؤهلات علمية مختلفة فهو لم يدخر جهداً ولا مالاً في تعليمنا لنرتقي بأنفسنا، فمنا المهندس والطبيب والمحاسب، 5 منهم من حملة الدكتوراه، كما لا أنسى دور والدتي العظيم وتشجيعها الدائم لي وحثي على مواصلة العطاء لخدمة وطني.

برفقة وزيرة الدولة للأمن الغذائي مريم المهيري في إحدى المحميات
برفقة وزيرة الدولة للأمن الغذائي مريم المهيري في إحدى المحميات

وسط زحمة المسؤوليات، ما هو أهم إنجاز في حياتك؟
أطفالي الخمسة أهم إنجازاتي في الحياة، ستكون مهمتي انتهت عندما أرى أبنائي مواطنين صالحين يحملون شهادات يخدمون بها وطنهم ومجتمعهم كما رباني والدي ووالدتي. 

 

مقالات ذات صلة