بدأ كثير من الشباب التخطيط لرحلاتهم هذا العام باتجاه القارة الأوروبية، حيث ستقام بطولة دوري أبطال أوروبا، في الرابع عشر من شهر يونيو الجاري، انطلاقاً من ملعب اليانز أرينا بألمانيا، وبهذا تدور عجلة السفر نحو المستطيل الأخضر الذي يشكل عامل جذب سياحي تغلّبت فيه الكرة على وِجهات أخرى.
كيف تحكّمت كرة القدم في مشروعات الشباب السياحية لهذا العام؟ وكيف يخطط الشباب للسفر إلى أوروبا للسياحة والاستمتاع بلعبة شغلت العالم؟
«الأرض كوكب يتنفس كرة القدم، تتراجع فيه كل مظاهر الحياة الأخرى، حتى الحروب، عندما تحضر المستديرة الساحرة. وأرى أن هذه اللعبة وجدت لتسحر الألباب، وتخطف القلوب، فيهيم بجماليّاتها المريدون، ويرتحلون خلف بطولاتها ومبارياتها في كل بقاع الدنيا»..
بهذه الكلمات وصف الكاتب والمترجم محمد خليفة، في حديثه لـ«كل الأسرة» أهمية الرياضة، خصوصاً كرة القدم، في خلق عامل جذب كبير للسياحة والسفر لدى فئة الشباب، ويقول «خلال مسيرتي مترجماً أدبياً فُتنت بكتّاب من أمريكا اللاتينية، أول من أقام تلك العلاقة الفريدة على الورق بين الأدب وكرة القدم، وربما لا يعرف كثيرون أن أسماء، مثل ماركيز ويوسا، الحائزين على جائزة نوبل في الآداب، قد بدآ مشوار الكتابة بمقالات كانا يكتبانها شغفاً بكل المتعة والإثارة التي كانت تدور أمامهما في الملاعب المكتظة بالجماهير، فلا غرابة في أن تكون كرة القدم سبباً في ازدهار صناعات عدة، منها صناعة السفر والسياحة..
فإن تكون مشجع كرة قدم حقيقياً يعني أن تسعى وراء جنونها في كل مستطيل أخضر، عبر بقاع الدنيا. كرة القدم دنيا وحدها، وفيها إحالات، ومرجعيات، ورموز خاصة، تستغرق مشاعر المشجع ووجدانه كليّة، وملاعبها مسارح للأحلام، لذلك نسميها (الساحرة المستديرة)».
كرة القدم شغف مشترك لكل الشباب
لفت راكان عبدالله إلى متعة السفر مع عشاق كرة القدم، «عندما تسافر من أجل حضور المباريات، تختلف المعايير بالنسبة إلينا كشباب عاشقين لكرة القدم، خصوصاً عندما تكون مع أصدقاء لديهم الشغف ذاته، لذلك حرصنا على الاستعداد مادياً، قبل موعد السفر بفترة، واستأجرنا منزلاً صغيراً بدلاً من الفنادق التي تضاعف سعرها بسبب الإقبال الكبير على ألمانيا، وقلّصنا أحجام حقائب السفر كي نتمكن من الحركة والانتقال بحريّة، ووضعنا خطة للسفر بالقطار لزيارة العديد من الدول الأوروبية المجاورة لألمانيا».
حركة سياحية غير مسبوقة
يقول الإعلامي الرياضي صالح لبابيدي «في الآونة الأخيرة أصبحت كرة القدم أكثر من مجرد لعبة، بل صارت عامل جذب سياحي كبيراً، في جميع أنحاء العالم، ولكوني واحداً من عشاق بطولة دوري أبطال أوروبا، فإني أرى أن مستواها لا يقل عن مستوى بطولة كأس العالم. لذا من الطبيعي أن أي محب لكرة القدم يكون لديه الشغف والحماس لحضور هذه البطولة على أرضية الملعب، والدليل أن ألمانيا تشهد حركة سياحية غير مسبوقة، لاستضافتها هذه البطولة التي يشارك فيها عدد كبير من المنتخبات الأوروبية. وأنا وأصدقائي المتيمين بكرة القدم، مهتمون جداً بقضاء عطلة الصيف في ألمانيا لمشاهدة هذه المباريات، وللتعرف إلى ثقافة أوروبية جديدة».
السفر حيث يقيم نجوم كرة القدم
ويستشهد صالح بالمملكة العربية السعودية في تأثير مشاهير كرة القدم في الجذب السياحي «بعد تعاقد المملكة مع نجوم في عالم كرة القدم ككريستيانو رونالدو، وكريم بنزيما، ورياض محرز، ونيمار، أصبح الجمهور العربي والعالمي يفكر دائماً بزيارة المملكة لحضور المباريات ومشاهدة نجومهم المفضلين، وقد شهدنا عرض الجناح السعودي في معرض سوق السفر العربي لقمصان هؤلاء اللاعبين، تأكيداً لدورهم في تعزيز السياحة وتنويع الاقتصاد بالمملكة».
كرة القدم متعة أينما كانت
كما يبيّن أسامة عبدالحميد «متابعة كرة القدم واللاعبين العالميين دفعني لتغيير خطتي للسفر لهذا العام، فقد كنت أؤجل فكرة السفر لأوروبا في الصيف بسبب غلاء الأسعار وصعوبة استخراج الفيزا، ولكن أمام الشغف لا يوجد مستحيل، فقد سافرت عدة مرات لأشجع فريق الزمالك المصري في بطولاته في بعض الدول العربية، وكنت أتمنى السفر لحضور مباريات كأس العالم في قطر، لكن لم يحالفني الحظ، ولكنني سأعوض ذلك بالسفر لحضور المباريات التي سيخوضها مشاهير كرة القدم، والأروع أنني سأكون بين جماهير أوروبا الذين يعطون لمثل هذه المباريات العالمية طابعاً مميزاً، ويشعلون الحماس عند تشجيعهم لفرقهم».
كرنفال المباريات في الدول المستضيفة
أما نادين الشربيني، فلها وجهة نظرها في السفر خلال أي بطولة رياضية، خصوصاً كرة قدم «إن التخطيط لرحلة تختلف أهدافها عن الاستجمام والتسوق والاستمتاع بالمناظر الطبيعية، يضفي شعوراً رائعاً ومختلفاً، فالحماس يبدأ قبل ركوب الطائرة، حتى إن الدول المستضيفة تتزين بشكل يدهش كل من يصل إليها، فنشعر كأننا في كرنفال سياحي، لذلك فإن الوجهة الأنسب للسفر من وجهة نظري هي التي تستضيف المباريات الرياضية التي تستقطب المزيد من السياح أكثر من أي فعالية أخرى».
نصائح قبل التخطيط للسفر
من جهته، قدم مأمون حميدان، المدير العام لمنصة «ويجو» لحجوزات السفر إلكترونياً، نصائح للشباب عند الحجز للسفر في موسم يُعد الأغلى سعراً في هذا العام، وقال «هنالك طرق مختلفة للحجز ولكن الأنسب بالنسبة إلى الشباب استخدام التطبيقات التي توفر لهم فرصة اختيار أفضل الأسعار وأنسبها، خصوصاً في فترة الصيف. وننصح المسافرين خصوصا من الشباب باختيار شركات الطيران الاقتصادية، ونقدم لهم أكثر من اختيار، وكذلك بالنسبة للإقامة ننصحهم باختيار الحجز في الشقق الفندقية، التي تستوعب أعداداً كبيرة، حيث يكون بينهم تآلف وتخطيط أفضل من غرف الفنادق العادية».
حلول إقامة فندقية مبتكرة
من جهته نصح فنسنت ميكوليس، المدير العام الإقليمي لشركة اسكوت لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وتركيا والهند، الشباب باختيار الفنادق ومساحات المعيشة المشتركة، لما توفره من مرونة تلبي الاحتياجات المتطورة للمسافر العصري اليوم، وقال «نوفر نموذج الإقامة الفندقية الهجينة والتي تعتبر حلا مبتكرة لتلبية احتياجات المسافرين المتغيرة، إذ يجمع بين حسّ الراحة التي يوفّره المنزل ووسائل الراحة التي توفرها الخدمات الفندقية، بما في ذلك الأمن على مدار 24/7، خصوصا أن أغلب الشباب يسافرون برفقة أصدقائهم الأمر الذي قد يقلق أولياء أمورهم، كما نحرص على تلبية احتياجات الزوار الشباب الرقمية من خلال توفير مساحات عمل مرنة وإنترنت عالي السرعة لتسهيل عملية التواصل، ورغبتهم المستمرة للتواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما يضمن الإنتاجية والراحة لأولئك الذين يمزجون بين السفر والعمل أو الدراسة».