استأثر الإعلان عن إصابة نجم هوليوود، بروس ويلس، بالخرف، باهتمام وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم، وتسبب ذلك في تسليط الضوء على هذا المرض المعقد، حيث كشف الخبراء عن علامات تحذير غريبة يمكن أن تظهر على أشخاص وتكون جزءاً من الأعراض المبكرة للخرف ولا ننتبه إليها.
ويشير العلماء والعديد من المؤسسات المعنية بالخرف إلى أن هذا المرض لم يلق اهتماماً كافياً من أجل توعية الناس بالمعلومات الوافية عنه في سبيل التشخيص المبكر وطلب العلاج، لا سيما أن بعض أعراضه غريبة ويمكن أن تحدث كثيراً؛ إذ تبين أن النجم بروس ويلس يعاني الخرف الجبهي الصدغي الذي يمكن أن يؤثر في السلوك واللغة. وهذا النوع هو الأقل شيوعاً في العالم، حيث يمثل 2% فقط من إجمالي التشخيص، والزهايمر هو الأكثر انتشاراً، حيث يصيب 3 من بين كل 4 حالات خرف.
ونستعرض هنا أبرز العلامات التحذيرية من الخرف التي كشف عنها العلماء:
توزيع الأموال على الغرباء
على الرغم من أن الإيثار أمر جيد ويعبر عن الكرم، فإن المبالغة في منح الأموال للغرباء يمكن أن تكون علامة مبكرة على الزهايمر. فوفقاً لدراسة حديثة شملت 67 بالغاً في سن يقارب السبعين عاماً، وزّع الباحثون المشاركون الذين لم يلتقوا من قبل، على شكل أزواج وأعطوا كل زوج منهم 10 دولارات لتوزيعها على أنفسهم وعلى الآخرين، ثم أجروا لهم اختبارات عصبية لمعرفة حالتهم الإدراكية والمخاطر المحتملة لديهم للإصابة بالزهايمر. وتبين من النتائج أن أولئك الذين كانوا أكثر عرضة للإصابة بالزهايمر كانوا أيضاً أكثر استعداداً لتوزيع الأموال على أشخاص لم يلتقوا بهم سابقاً.
تغييرات في حس الفكاهة
قد يكون البدء في مشاهدة كلاسيكيات الكوميديا التهريجية مثل فيلمي Airplane وMr Bean، علامة أخرى على مرض الزهايمر، حيث إن الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالمرض كانوا أكثر استمتاعاً بمشاهدة الكوميديا التهريجية أو العبثية أو الساخرة مقارنة بآخرين في نفس أعمارهم. وجاء ذلك من خلال توزيع استبيان على أصدقاء وأقارب 48 شخصاً مصاباً بالزهايمر والخرف الجبهي الصدغي، وسألوهم عما إذا كان ذوقهم في مشاهدة الأفلام والبرامج والمسلسلات قد تغير في السنوات الخمس عشرة الأخيرة، وعما إذا كانوا قد لاحظوا أي فكاهة غير مناسبة في السنوات الأخيرة. ووفقاً لدراسة نشرت قبل أعوام، فإن مرضى الزهايمر يفضلون النكات التهريجية قبل تسع سنوات من ظهور الأعراض النموذجية للخرف. كما تبين للباحثين أن المصابين بالخرف الجبهي الصدغي كانوا أكثر عرضة للضحك أمام الأحداث المأساوية، أو يضحكون على أشياء لا يجدها الآخرون مضحكة، مثل سيارة متوقفة بشكل سيئ أو نباح كلب.
معاناة في اختيار الملابس
ارتداء موضة كارثية، وصعوبات في مطابقة الملابس، وارتداء ملابس غير مناسبة للطقس، هي علامات أخرى على الزهايمر. يشير باحثون في جامعتي «كينت» و«يورك» إلى أن الأشخاص الذين يعانون الخرف هم أقل قدرة على ارتداء ملابسهم بأنفسهم، وذلك من خلال دراسة أجريت على 32 شخصاً في ثلاث دور رعاية، و15 شخصاً في منازل عادية. وتقول ميليسا: «لم أر والدي قط فوضوياً في ارتداء الملابس، فقد عدت إلى المنزل ووجدته جالساً بملابس قذرة، كان أمراً مؤلماً حقاً لأنني لم أعتد على ذلك أبداً».
ويوضح مقدمو الرعاية أن الأشخاص المصابين بخرف أكثر تقدماً هم الأصعب في ارتداء ملابسهم ويحتاجون إلى تشجيع وتوجيه في كيفية توجيه أذرعهم. ويمكن أن تكون الفوضى وتغير ما يرتدونه عادة ترجع إلى عدة أعراض للزهايمر، من تصلب العضلات إلى الحركات غير المنتظمة للذراع، ويكون من الصعب عليهم بدنياً ارتداء الملابس بأنفسهم، وكذلك نسيان الملابس التي تخصهم.
إيقاف السيارة بشكل سيئ
يمكن أن تجعل حالة فقدان الذاكرة مريض الزهايمر سيئاً في قيادة السيارة؛ إذ تؤثر الحالة في المهارات الحركية والذاكرة وعمليات التفكير، ما يجعل رد فعلهم بطيئاً وسيئاً عند إيقاف السيارة في المرآب، الأمر الذي يجبرهم في النهاية على التخلي عن فكرة القيادة. فقد درس باحثون في جامعة واشنطن «سانت لويس» عادات القيادة لـ139 شخصاً على مدار عام، لمعرفة كيف غيّـر الزهايمر طريقة قيادتهم للسيارة. تم تشخيص نصف المشاركين في الدراسة بمرض الزهايمر المبكر، واعتبرت الدراسة أن هؤلاء المصابين كانوا يقودون ببطء ويجرون تغيرات مفاجئة في الاتجاه. واستخدم العلماء نتائج الدراسة لبناء نموذج يتنبأ بما إذا كان الشخص مصاباً بالزهايمر من خلال مهاراته خلف مقود السيارة. وبالفعل نجح النموذج في التخمين بشكل صحيح وما إذا ما كان الشخص مصاباً بالزهايمر لدى تسع من كل عشر حالات.
الشتم وتوجيه الإهانات
عدم الانتباه إلى الألفاظ وتوجيه الشتائم في «مواقف غير مناسبة» هي علامة تحذير أخرى؛ إذ عادة ما ينتبه الشخص لألفاظه بحضور الأطفال خاصة، ولكن هذا الأمر يضعف مع الإصابة بالخرف الجبهي الصدغي، فيوجه الشخص المزيد من الألفاظ النابية. فقد أجرى باحثون في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، دراسة شكلت 70 مريضاً طلبوا منهم تسمية أكبر عدد ممكن من الكلمات التي يمكن أن تخطر على بالهم وتبدأ بأحرف معينة، فتبين أن ستة من 32 مصاباً بالخرف قالوا كلمة بذيئة تبدأ بحرف معين، ثم قال المزيد منهم كلمات بذيئة تبدأ بأحرف أخرى.
كما أن مرضى الزهايمر لا ينتبهون إلى ما يتلفظون به، حيث تتدهور قدرتهم على السيطرة على تصرفاتهم، وما يقولونه في كثير من الحالات. ووفقاً للخبراء، فإن التعري في الأماكن العامة والوقاحة عند الحديث مع الغرباء، هي من علامات المرض. فالقشرة الجبهية في الفصوص الأمامية للدماغ هي الجزء الذي يتحكم في تصفية هذه السلوكيات والألفاظ، ولكن عند إصابة الشخص بالزهايمر يتقلص هذا الجزء من الدماغ.