29 أغسطس 2023

ترند جديد.. "كفّن" نفسك وتأمل الموت لتعزيز الصحة النفسية

محررة ومترجمة متعاونة

محررة ومترجمة متعاونة

ترند جديد.. "كفّن" نفسك وتأمل الموت لتعزيز الصحة النفسية

البعض يبلغ به اليأس والقنوط والكآبة أحياناً إلى حد التوقف عن التلذذ بأي شيء في الحياة، لا يجد السعادة في أي مكان داخل نفسه أو خارجها.. لذلك بدأت ظاهرة جديدة تنتشر في بعض مواقع التواصل الاجتماعي تدعو إلى ممارسة ما يعرف بـ «تأمل الموت»، وذلك من خلال لف الشخص لنفسه، مثل «الكفن»، بقطع أقمشة، وتخيل النظر إلى «جثته».

يقول المتحمسون لهذه الفكرة والمروجون لها أنها واحد من توجهات استرداد الصحة النفسية والتصالح مع فكرة الموت واستعادة لذة السعادة في الدنيا.

تتمثل ممارسة تأمل الموت في التركيز الذهني على فكرة الموت كي تتخيل النعمة التي أنت فيها، وقد انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي، مع 2.5 مليون مشاهدة على تيك توك و3000 مشاركة على انستغرام، حيث تم الإعلان عن فصل دراسي واحد على Instagram باعتباره «تأملاً موجهاً بالتنفس يهدف إلى التفكير في الموت بأشكال عدة». بالإضافة إلى ذلك، ظهرت فصول دراسية في مدن كبرى، مثل نيويورك ولوس أنجلوس، يقول المسؤولون عنها إنها تهدف إلى جعل الممارسين لهذا النوع من التأمل يشعرون بالسلام حيال الموت.

«تأمل الموت» عبر التاريخ

في حين أن هذه الممارسة تبدو جديدة، إلا أنها لها جذور قديمة. فهناك عدة أنواع من تأمل الموت، بعضها يعتمد على تقاليد بوذية معينة. واحد منها الماراناساتي، maranasati، أو اليقظة من الموت، والتي تذكر الممارسين بأنهم يمكن أن يموتوا في أي لحظة ويجب أن يكونوا مستعدين. إذ تعلم الماراناساتي أن الموت ليس مفهوماً مخيفاً، بل هو عملية طبيعية، والتفكير فيه يمكن أن يؤدي إلى نظرة أكثر إيجابية.

وهناك ممارسة أخرى لتأمل الموت تقوم على أساس تصور التحلل الحتمي للجسم كي يتخلى الشخص عن تعلقه بالعالم المادي. وفي بعض الجلسات الأكثر حدة، يلف المشاركون أنفسهم في ملاءات بيضاء ليجعلوا أنفسهم يشبهون ويشعرون كأنهم مومياوات أو يكتبون كلمات التأبين الخاصة بهم لقراءتها بصوت عال على مجموعة من الأشخاص حولهم.

في حين أن بعض الأساليب قد تكون أكثر تطرفاً، إلا أن تأمل الموت يمكن أن يتخذ نهجاً أخف، مثل تذكر تفاصيل المحطات الرئيسية في حياتك.

ما رأي الخبراء؟

يرى بعض الخبراء أن هذه الطريقة «مدهشة خاصة للأشخاص الذين لديهم قلق متعلق بالموت والاحتضار والأفكار المتطفلة المتعلقة به». هذا لأن تأمل الموت يمكن أن يكون شكلاً من أشكال العلاج بالتعرض، وهي تقنية تهدف إلى المساعدة في التغلب على المخاوف والقلق من خلال إجبار المرضى على مواجهة مواقف مخيفة ومقلقة.

هذا لا يعني أنه ليس لديك خوف أو قلق من الموت، ولكن يمكنك النظر إليه من خلال كل من عدسة العاطفة والمنطق... حتى تتمكن من التركيز على اللحظة الحالية وما يحدث فيها.

تشير الأبحاث إلى أن القلق من الموت، المعروف باسم رهاب الموت، أصبح أكثر انتشاراً منذ بداية جائحة «Covid-19».

وجدت دراسة أجريت على مرضى نشرت العام الماضي في مجلة PLOS One العلمية أن القلق من الموت هو أكثر أشكال الخوف شيوعاً المرتبطة بالوباء. بالإضافة إلى ذلك، وجدت دراسة صينية نشرت في شهر مارس الماضي أن المرضى المسنين الذين تتراوح أعمارهم بين 60 إلى 96 كانوا أكثر عرضة للإصابة بقلق الموت أثناء الوباء. فالناس باتوا أكثر استعداداً للحديث عن القلق من الموت، يتشاركون مشاعرهم بهذا الخصوص، في حين أنهم في الماضي كانوا أكثر تردداً في مشاركة هذا الخوف. فبعد ما جرى في «كوفيد»، أصبح الناس أكثر انفتاحاً على الروحانيات والشعور بالاتصال مع الآخرين، وهو أمر حسن لأن فتح حوار حول مثل هذه المخاوف هو وسيلة للتعرف إليها والتعلم منها. هذا ما وجدته مثلاً دراسة أجريت في جامعة كنتاكي الأمريكية، حيث تبين أن التفكير في الموت قد يؤدي، عكس ما نظن، إلى زيادة السعادة، ويعزز التوجه نحو المنبهات الممتعة عاطفياً.

ولكن، في موازاة ذلك، لا ينصح الأطباء والمختصون الذين يعانون الاكتئاب الشديد أو التفكير الانتحاري بممارسة تأمل الموت، فهم لا يريدون زيادة الأفكار المتعلقة بالموت وأن يكونوا في منطقة يشعرون بها براحة أكثر مع فكرة الموت وأنهم أقرب إليه. ويقترح هؤلاء الخبراء التخفيف من هذه الممارسة، فبدلاً من لف نفسك بملاءة بيضاء لتبدو كأنها «كفن» أو مومياء، ينصحون بالنظر إلى الموت كجزء من الدائرة الطبيعية للحياة. ويوصون بتصوير الموت كجزء من دائرة الحياة في الطبيعة، فالإنسان يعلم تماماً ويقيناً بأنه ليس خالداً، والخلود لله سبحانه وتعالى وحده، وتذكر هذا الأمر مهم حتى نحقق أقصى استفادة من يومنا الحاضر.

ما هي اليقظة الذهنية التامة؟

اليقظة الذهنية التامة هي شكل شائع من أشكال التأمل، حيث تركز على أن تكون مدركاً بشكل تام لما تحسه وتشعر به في الوقت الحالي. تتضمن هذه الممارسة طرق التنفس، والتخيل الإرشادي، وطرقاً أخرى لإرخاء الجسم والعقل والمساعدة في تقليل التوتر. غالباً ما توصف بأنها أداة عالمية لتعزيز الصحة الذهنية عن طريق الحد من التوتر والقلق والاكتئاب.

لذلك، أصبحت اليقظة الذهنية التامة شائعة في السنوات الأخيرة كطريقة لتحسين الصحة العقلية والجسدية. ومن المشاهير الذين يؤيدونها إيما واتسون ودافينا ماكول وأنجلينا جولي وأوبرا وينفري.

 

مقالات ذات صلة