يقول العلماء في جامعة ديوك، بولاية نورث كارولينا الأمريكية، إنهم نجحوا في ابتكار وتصميم تطبيق خاص قادر على تشخيص إصابة الطفل بالتوحد في غضون دقائق معدودة، وبنسبة دقة تصل إلى 88%، ويؤكدون أنه سيكون متاحاً قريباً للتنزيل على أجهزة iPhone وiPad.
يعمل هذا التطبيق، المسمى SenseToKnow، عن طريق تشغيل مقطع فيديو مدته ست دقائق للأطفال ومن ثم تحليل تعابير وجوههم التي تظهر عليهم نتيجة الاستجابة لبعض للمشاهد مثل الفقاعات، والثعلب الذي يخرج لسانه، والأطفال الذين يلعبون.
ولكن، بعد ظهور النتيجة، سيطلب من الآباء الذين سيقال لهم إن طفلهم «معرض لخطر كبير» للإصابة بالتوحد من خلال التطبيق، رؤية طبيب الأطفال الخاص بهم لإجراء تقييم طبي. والتطبيق متاح بالفعل في متاجر الهواتف عبر الإنترنت، لكن لن يتمكن الآباء في الوقت الراهن من استخدامه إلا بعد الحصول على إذن من فريق البحث.
وقد أشاد الباحثون بالتكنولوجيا الجديدة باعتبارها اختراقاً في تشخيص مرض التوحد، والذي يتم تقييمه حالياً من قبل الآباء الذين يجيبون على استطلاع رأي عام، على الرغم من أن هذا الأمر يكون أحياناً ضعيفاً.
وتبين الدكتورة جيرالدين داوسون، الطبيبة النفسية التي قادت الدراسة، «لا يزال التطبيق قيد البحث ولا يمكن تنزيله واستخدامه إلا للآباء المشاركين في دراساتنا. ولكن في المستقبل، نتصور أن يقوم الآباء بتنزيل التطبيق على هواتفهم الذكية أو الأجهزة اللوحية وإدارة التطبيق لأطفالهم في المنزل».
تتمثل نتائج التطبيق على وجه التحديد فيما إذا كان الطفل ضمن نطاق الاحتمالية العالية لتشخيص مرض التوحد، ويتم إرسال هذه النتائج إلى طبيب الأطفال أو مقدم الرعاية الصحية المتخصص، الذي سيناقش النتائج مع الوالدين ويقوم باتخاذ اللازم فيما يتعلق بإحالة الطفل إلى مزيد من التدقيق والاختبارات.
ويشير فريق البحث المبتكر للتطبيق إلى أنه يوفر أيضاً معلومات حول الملف السريري للطفل والتي يمكن استخدامها لتخطيط المعاينة والمراقبة.
الجدير بالذكر أنه في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها يعاني واحد من كل 36 طفلاً اضطراب طيف التوحد (ASD)، الذي يعتبر إعاقة في النمو، حيث غالباً ما يعاني الأشخاص المصابون باضطراب طيف التوحد مشاكل في التواصل والتفاعل الاجتماعي، بالإضافة إلى نمط السلوكيات والاهتمامات المقيدة أو المتكررة. ويكون معدل الإصابة أعلى بين الأولاد، أربعة من كل 100، مقارنة بالفتيات، واحدة من كل 100.
لا يوجد سبب محدد واحد للتوحد، وتشير الأبحاث إلى أن هذا الاضطراب يتطور من مجموعة من التأثيرات الجينية والبيئية التي تؤثر في نمو الدماغ المبكر.
دقة كبيرة في تشخيص مرض التوحد
وفي دراسة نشرت في Nature Medicine، استخدم 475 طفلاً، تتراوح أعمارهم بين 17 شهراً وثلاث سنوات، التطبيق أثناء زيارة أطبائهم لمراكز صحة الطفل. طلب من كل منهم مشاهدة مقاطع فيديو مدتها ست دقائق على التطبيق، وخلالها تم تتبع وتحليل تعابير وجوههم. سجل الباحثون الاستجابات السلوكية، مثل معدل الرمش وحركة الرأس ومدى الانتباه، من بين أمور أخرى.
وبشكل عام، تم تشخيص إصابة 49 طفلاً بالتوحد في وقت لاحق، أي 10.3%، ومن بين هؤلاء، اكتشف التطبيق بشكل صحيح مرض التوحد لدى 43 من أصل 49 طفلاً، أي 87.8%. أما بالنسبة لـ 426 طفلاً الآخرين، فلم يظهر أنهم مصابون بالتوحد، فقد قيل بشكل صحيح أن 80.8%، أي 344، لا يعانون هذه الحالة.
ويقول المختصون إن الأطفال في الدراسة الذين ثبتت إصابتهم باضطراب طيف التوحد من خلال التطبيق لديهم احتمال بنسبة 40 بالمئة تقريباً لتشخيص الحالة لديهم، مقارنة بمعدل احتمال 15 بالمئة للأطفال الذين ثبتت إصابتهم باستخدام المسح الأبوي القياسي (الاستطلاع). وقد ارتفع هذا الاحتمال بشكل أكبر عندما تم الجمع بين التطبيق والاستطلاع، مما أدى إلى احتمال بنسبة 63.4% أن يؤدي الفحص الإيجابي إلى تشخيص رسمي. كما قالوا إن النتائج كانت متسقة بين الأولاد والبنات، والأشخاص من جميع الأعراق.
ليست هذه هي المرة الأولى التي يلجأ فيها العلماء إلى التكنولوجيا لدراسة واكتشاف اضطراب طيف التوحد. فقد أصبحت شركة كوجنوا، وهي شركة طبية مقرها في بالو ألتو بولاية كاليفورنيا، في العام الماضي أول شركة تحصل على موافقة إدارة الغذاء والدواء على التطبيق الذي صممته لتشخيص مرض التوحد.
تم تصميم هذا التطبيق للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 شهراً وست سنوات. ولكن للحصول على تشخيص رسمي، لا يزال يتعين على الأطفال رؤية أخصائي مدرب على تشخيص مثل هذه الحالات، ومع ذلك، يمثل هذا التطبيق خطوة أخرى نحو اختبار موحد لمرض التوحد.
بشكل عام، ينصح بإجراء فحوص اضطراب طيف التوحد عند عمر 18 شهراً و24 شهراً، عندما تتم ملاحظة وقياس مهارات اللغة والحركة والتفكير لدى الطفل، بالإضافة إلى السلوكيات والعواطف، مقارنة بأقرانه من فئته العمرية.
ولكن، يجب أن يتم التعامل مع التشخيص الرسمي من قبل طبيب متخصص قادر على تحليل وتشخيص هذه الحالات.
اقرأ أيضاً: هل يمكن تشخيص التوحد قبل ولادة الطفل؟ وما التقنية المستخدمة؟