الممثلة ميليسا جيلبرت تكشف عن صراعها.. ماذا تعرف عن "الميزوفونيا" كره الأصوات إلى حدّ الجنون؟
أحدثت الممثلة، ميليسا جيلبرت، ضجة كبيرة عندما تحدثت عن معركتها مع حالة عصبية تدعى «ميزوفونيا»، والتي تجعل من الصّعب تحمّل أصوات المضغ، أو الشفط، أو حتى التنفس.
بالنسبة إلى الأشخاص المصابين بحالة كراهية الأصوات، فإن الأصوات، اليومية والطبيعية، التي يصدرها أشخاص آخرون، يمكن أن تثير لديهم مشاعر شديدة من الضيق.
قالت جيلبرت في مقابلة صحفية إنه «إذا كان أيّ من زملائي أثناء التمثيل يمضغ العلكة، أو يأكل، أو ينقر بأظافره، فسأرغب في الهروب بشدّة.. كان لون وجهي يتحول إلى الأحمر، وكانت عيناي تمتلئان بالدموع، وكنت أجلس هناك وأشعر بالتعاسة الشديدة، والذنب الشديد، لأنني أشعر بالكراهية الشديدة تجاه كل هؤلاء الأشخاص، الأشخاص الذين أحببتهم».
لقد كان هذا الأمر «جزءاً مظلماً، وصعباً حقاً، من طفولتي»، كما قالت جيلبرت، التي تبلغ من العمر الآن 60 عاماً، ومتزوجة من الممثل تيموثي بوسفيلد.
بمجرد أن أصبحت أمّاً، عرف أطفالها أن مضغهم للطعام يمكن أن يثير ضيق أمهم، فأصبحت العلكة ممنوعة، وباتت ردود أفعالها أكثر حدّة بمجرد وصولها إلى سن اليأس، وأضافت «مع تسرّب هرمون الإستروجين، تسرّب الغضب، وبدأ يؤثر فيّ حقاً، على أساس يومي، مع أحبائي».
كانت جيلبرت تعلم أن الحالة لها اسم، لكنها لم تكن تعرف أن هناك علاجاً متاحاً، حتى علمت بمركز ديوك للحساسية الصوتية والتنظيم العاطفي في دورهام، نورث كارولينا، وخضعت لعلاج مكثف.
وأخيرا، اختارت مشاركة تشخيصها وتفاصيل حالتها من أجل الترويج لعمل المركز، ومساعدة الآخرين الذين قد يعانون، ولا يعرفون ما يجري لهم، أو لا يعلمون أن هناك علاجاً.
ما هي «الميزوفونيا».. كراهية الأصوات؟
يقول الخبراء إن الأشخاص المصابين بكراهية الأصوات لديهم عادة، حساسية قوية بشكل غير عادي، وردود فعل سلبية قوية تجاه الأصوات المحفزة المختلفة التي يصدرها أشخاص آخرون، والتي تكون عادة عن طريق الفم، أو الوجه، مثل الارتشاف، والطّحن، والمضغ، والتنفس، وتطهير الحلق. ويمكن أن تزعج هذه الأصوات أيّ شخص في ظل الظروف المناسبة.
ولكن، كيف يمكنك معرفة ما إذا كانت ردود أفعالك علامة على معاناتك هذا الاضطراب؟ وفقاً للخبراء، فإن الأمر يتعلق بشدّة ردّ فعلك، ومدى تداخله مع حياتك اليومية.
إذا كان الصوت يزعجك قليلاً، فأنت إنسان طبيعي؛ إذا كان يجعلك غاضباً لدرجة أنك تريد إيذاء شخص ما، فقد يعني ذلك أنك مصاب بكراهية الأصوات.
وعلى الرغم من أن الآخرين، غالباً، ما يعتقدون أن الشخص المصاب بمتلازمة كراهية الأصوات يبالغ في ردّ فعله، فقد يشعر هذا الشخص بمشاعر الغضب أو الانزعاج، التي لا يمكن السيطرة عليها.
«الميزوفونيا» وردّ فعل «القتال أو الفرار»
قد تؤدي متلازمة كراهية الأصوات إلى جعل الشخص يبدي ردّ فعل معروفاً يسمى «القتال أو الفرار».
وتشير الأبحاث حول كراهية الأصوات إلى أن بعض الأصوات تؤدي إلى إثارة ردّ فعل في الجهاز العصبي اللاإرادي، يتباين بين «ضرورة القتال»، أي المواجهة، أو «الهروب»، والتي لا تحدث لدى الأشخاص غير المصابين بهذه الحالة.
ويشير الخبراء إلى أنه من الممكن أن يكون لدى الأشخاص المصابين بمتلازمة كراهية الأصوات أنظمة إنذار حساسة للغاية، وأن يعتبروا هذه الأصوات غير الضارة كتهديد.
هل هناك طريقة لتشخيص «الميزوفونيا».. كراهية الأصوات؟
كراهية الأصوات ليست تشخيصاً طبيّاً من الناحية الفنية، لكن يمكن للباحثين استخدام استبيانات التقرير الذاتي المعتمدة، مثل استبيان كراهية الأصوات، أو المقابلات السريرية، لتقييم المحفزات، وردود الفعل السلبية، والضعف اليومي المرتبط بهذه التجارب.
هل يعتبر كره الأصوات مثل اضطراب الوسواس القهري؟
في بعض الأحيان، يخلط الأطباء بين كره الأصوات، واضطراب الوسواس القهري، لكن البحث العلمي واضح بشأن هذا: كره الأصوات ليس مجرد نوع من اضطراب الوسواس القهري. ويقول الأطباء إن اضطراب الوسواس القهري ليس التشخيص الأكثر شيوعاً للصحة العقلية للأشخاص الذين يعانون أيضاً كره الأصوات، حيث يبدو أن القلق واضطرابات المزاج الأخرى هي الأكثر شيوعاً..
ويضيفون أن مقدمي الرعاية الصحية قد يخطئون أيضاً في تشخيص كره الأصوات على أنه فرط السمع، وهو تشخيص سمعي للأشخاص الذين يعانون أصواتاً أعلى من تلك التي يسمعها مَن حولهم، ولكن يمكن أن تكون الأصوات المحفزة لكره الأصوات ناعمة، وصاخبة، وكل درجة بينهما؛ بينما يرتبط فرط السمع بعدم الراحة بسبب ارتفاع الصوت.
ما هو علاج «الميزوفونيا».. كراهية الأصوات؟
لا يوجد علاج محدد واحد لجميع الأشخاص المصابين بكراهية الأصوات، لأن الأشخاص المصابين بهذه الحالة مختلفون تماما، ويحتاجون إلى مناهج فردية.
استناداً إلى الأبحاث المتاحة حالياً، يُعتقد أن خطط العلاج الأكثر فائدة هي تلك المرنة، ومتعدّدة التخصّصات، والمصمّمة خصيصاً للمريض، وأنها تشمل أفراد الأسرة، وتستخدم ممارسات قائمة على الأدلة.
يمكن أن تساعد العلاجات السلوكية المعرفية، الأشخاص على تطوير أنماط جديدة للتفكير، وإدارة المشاعر، وتعلّم كيفية التعامل مع الضيق العاطفي المرتبط بكراهية الأصوات، وتحسين الأداء اليومي.
قد يشارك متخصصون آخرون أيضاً، في العلاج، بناء على شدّة الاضطراب، وما إذا كانت هناك مشكلات أخرى، مثل اضطرابات القلق، أو الاكتئاب.
ويمكن لأخصائيي السمع تقييم السمع، ويمكنهم استخدام مولدات الصوت لتحييد الضوضاء المحفّزة، من أجل تقليل الاستجابة.
وقد يقدم المعالجون المهنيون علاجاً متعدد الحواس، لتحسين الأداء حول الإشارات المحفزة لمساعدة الأشخاص على التعامل مع اللقاءات اليومية بطريقة صحية.
كما يمكن لأطباء الأعصاب استبعاد، أو معالجة القضايا الأساسية التي قد تسهم في أعراض كراهية الأصوات.
في بعض الحالات، قد يصف الأطباء أدوية للمساعدة على معالجة الحالات الصحية العقلية الموجودة، والمشاكل العاطفية والسلوكية المرتبطة بكراهية الأصوات.
هل كراهية الأصوات حالة تستمر مدى الحياة؟
تشير الأبحاث المتاحة إلى أن كراهية الأصوات هي حالة يعانيها المصاب مدى الحياة، ولكن هناك حاجة إلى المزيد من الدراسات طويلة الأمد لتأكيد ذلك.
على الرغم من أن الحالة ليست خطرة، أو مهددة للحياة، إلا أنها يمكن أن تؤثر سلباً في الصحة العقلية، والعلاقات، ورفاهية العيش. ولكن قد يساعد العلاج الأشخاص على إدارة الحالة، وتحسين نوعية حياتهم.
ماذا تفعل إذا كنت تعتقد أنك تعاني كراهية الأصوات؟
نصيحتنا هي أن تظل على اطلاع ووعي بكل ما هو جديد علمياً، في ما يخص حالة كراهية الأصوات، والتحدث إلى طبيب مختص حول هذا الأمر، وإعطائه معلومات جديرة بالثقة حول كراهية الأصوات، وطلب المساعدة من المتخصصين الذين يقدمون التقييم والعلاج القائم على أدلة علمية معقولة.
وتذكّر أنه لا يوجد علاج محدد لجميع الأشخاص المصابين بمتلازمة كراهية الأصوات، ويجب التعامل بحذر مع أي شخص يعد بإيجاد «علاج». لكن هذا لا يعني أن الناس يجب أن يشعروا باليأس بشأن الحصول على المساعدة. اطلب الرعاية من أخصائي السمع الذي يعالج مشاكل عدم تحمل الصوت، مثل فرط السمع، أو طنين الأذن.
واطلب الرعاية من مقدمي خدمات الصحة العقلية الذين يقدمون علاجات قائمة على الأدلة يمكن تصميمها بشكل فردي، لتحسين مهارات التأقلم، وتحسين الأداء اليومي.
اقرئي أيضاً: هل أنتِ مصابة بوسواس المرض؟ اختبري نفسك الآن