ما الأهم، أن أعيش الاحترام في العلاقة مع الشريك أم أن أعيش حالة من الحب؟ أيهما يدوم طويلاً؟
عندما نتحدث عن الاحترام فإننا نتحدث عن القيمة التي يعطيها الشريك لشريكه، والاهتمام به، والخوف على مشاعره، وعدم الإهانة واحترام مبدأ عدم تخطي الحدود وجرح الشريك في الخلافات، كما أن الاحترام يشمل عدم الإهمال والمشاركة وغيرها من السلوكيات التي يقوم بها الشريك تجاه شريكه وتجعله يشعر بالأمان والاستقرار. أما عندما نتحدث عن الحب، فإننا نتحدث بشكل أكبر عن المشاعر والانفعالات، بغض النظر عن الواقع والحقيقة.
يمكن أن نرى شريكين يعيشان قصة حب كبيرة، لكن لا يبادران بالاحترام بعضهما لبعض، فنراهما يتخطيان الخطوط الحمر في الخلافات والمشكلات، لكنهما يعودان إلى المصالحة نتيجة الحب؛ لذا فقد نجد علاقة حب تشهد الكثير من الخلافات، على عكس علاقة الاحترام التي قد تقل فيها الخلافات أو في حال وجودها تكون معتدلة، وتتضمن المنطق أكثر من العاطفة والانفعال.
أهمية الاحترام لنجاح العلاقة
الاحترام يضمن استمرار علاقة الثنائي أكثر من الحب. خصوصاً أن الكثير من الأشخاص الذين تزوجوا نتيجة حب مجنون قد أساؤوا إلى بعضهما من خلال خرق منطق الاحترام. فمن يُرِدْ علاقة تدوم وتنجح، فعليه بتأسيسها على أرضية متينة مبنية على الاحترام والثقة، والشعور بالانتماء للعلاقة مع الشريك، وأن يشكّلا فريقاً واحداً بأهداف مشتركة. وبما أنه لا أحد كامل، فإن أي طرف من الطرفين قد يسيء إلى الطرف الآخر. فمن يسعَ إلى بناء علاقة صحية، فعليه التمتع بالشجاعة للاعتذار باحترام لنجاح العلاقة.
الاحترام يبدأ منذ الصغر
في كل علاقة مبنية على الاحترام، يجب على كل طرف التعبير عن حاجاته من الشريك من دون انتظار أن يتفهم الشريك ما يزعجه. فكون كل فرد ينتمي إلى بيئة مختلفة، ومعايير الاحترام لديه قد تختلف عما هي بالنسبة للآخر، من الضروري التعبير والوضوح كي يستطيعا تقريب وجهات النظر.
الاحترام يلقى أساساته منذ الصغر، حيث يتعلم الأشخاص القيم والمبادئ في المنزل الوالدي، وبالتالي يتعلمون ما هو صواب وما لا ينم عن الاحترام للآخر. كما أن الأشخاص يعيشون فعل الاحترام انطلاقاً من قناعاتهم. فكلما كان الأفراد بحالة مصالحة مع الذات، تمكنوا من معاملة الآخر انطلاقاً من مخزونهم النفسي، وكلما زاد الاتزان النفسي، تصرَّف الإنسان بشكل تلقائي بكثير من الاحترام.
طرق إظهار الاحترام
وبما أن جزءاً من الاحترام متعلق بالشخص الذي يقوم بفعل الاحترام، هناك جزء آخر من الاحترام يفرضه علينا الآخر الذي نتعامل معه. ويمكن للشريك التصرف باحترام مع الشريك الآخر بعدة مجالات، منها مثلاً عندما يخالف أحدهما الآخر الرأي، أو عندما يختلفان حول أمور كثيرة، أو عند تذكر الشريك بمناسبات معينة أو القيام بمبادرات تجاهه، أو احترام مساحته الخاصة، والخوف عليه وغيرها.
من أهم مكونات نجاح العلاقة الاحترام، والانتماء إلى العلاقة مع الشريك، لكن كلما أضفنا مكونات على علاقة الثنائي، ضمنّا علاقة صحية أكثر. ومن هذه المكونات: الحب، الاحترام، التكافؤ في الطباع، النظرة المشتركة، وغيرها من العناصر التي تعزز العلاقة.
فالأشخاص الذين يبنون علاقة زواج على أساس الحب فقط، فإن أساسات هذه العلاقة تكون غير متينة. وبالتالي أي خلل أو اختلاف بالرأي أو تدخلات خارجية قد تضع الثنائي بحالة من الضعف والخطر.
أحياناً قد يحصل أن يتعامل الشريك مع شريكه بقلة احترام، سواء من ناحية التصرفات والتجاهل أو من ناحية الخلافات والإهانة، ففي هذه الحالة على الشخص المعني والذي يخضع لقلة الاحترام أن يقف أمام الشريك ويقول «لا»؛ لأن الشريك قد لا يعرف حدوده، أو كما ذكرنا سالفاً قد تختلف لديه المعايير التي يقيس من خلالها الاحترام. فيمكن وضع حد لذلك من خلال الكلمات، والتعبير اللفظي عن الانزعاج من الإساءة الحاصلة مهما كان شكلها وطبيعتها، أو من خلال الأفعال التي تعبر عن انزعاج الشريك من قلة احترام شريكه له. فالمشاعر وحدَها لا تضمن سعادة الثنائي ولا ديمومتها. وبالتالي فإن احترام الذات يعطينا شرعية في العلاقة ومجالاً لاحترام الآخر. وبدون احترام الذات لا يعرف الأشخاص احترام الآخر وحدود حقوقه وواجباته.