فيلم Poor Cow
يمثل الزوج سليط اللسان كارثة اجتماعية تكاد تعصف بالعديد من الأسر، إذ تتسبب سلوكياته دائما في مشكلات جمة قد تصل بالأسرة إلى طريق مسدود، عندما تفاجأ بعض الزوجات بعد دخولهن «القفص الذهبي» أن الزوج الذي بنيت حوله الآمال والأحلام بأسرة سعيدة هانئة، رجل سليط اللسان، فتنهار تلك الأحلام وتتحول إلى كوابيس مزعجة.
«كل الأسرة» طرحت هذه القضية الشائكة على عدد من أساتذة الطب النفسي وخبراء العلاقات الزوجية والأسرية، وسألتهم عن كيفية مواجهة الزوجة للرجل سليط اللسان؟ وما هو الأسلوب الأمثل للتعامل معه؟
التعامل مع الزوج بحكمة وهدوء
الدكتورة دينا هلالي، خبيرة العلاقات الأسرية والتنمية البشرية وتعديل السلوك، تلفت الى ما تصفه بـ«الصدمة» التي قد تحدث بعد الزواج، عندما يكتشف أحد طرفي العلاقة أن الطرف الآخر لم يكن على قدر الأحلام، أو الصورة الذهنية التي شكلها الطرف الآخر له، وتضيف «دائما ما تسقط الأقنعة التي يتظاهر بها المخطوبون بعد أيام قليلة من الزواج، فالصوت الهادئ الحنون والرومانسية المتدفقة تخفت سريعاً بعد الزواج، ويبدو كل شيء واضحاً، حيث لا أقنعة ولا تمثيل، وتظهر الحياة على حقيقتها متخمة بعيوب لم تكن واضحة قبل الزواج، عندما يكتشف كل طرف في الآخر ما كان خافياً من قبل، مثل العصبية أو الصوت العالي، أو الخشونة والثرثرة والغباء».
وتنصح الدكتورة دينا هلالي، الزوجة بالتعامل مع الزوج بحكمة وهدوء، وأن تتفهم طبيعة شخصية زوجها، وتضيف «لكل زوج شخصيته، ولكل شخصية مفاتيحها التي تسهل فهمها، لكن ذلك لن يتم إلا عبر التعامل معه وتفهم ظروف نشأته، وتركيبة أسرته ونمط العلاقات بين أفرادها، وجميعها أمور لها تأثيرات كبيرة على شخصية الزوج وسلوكه».
وتواصل هلالي «يجب ألا تلجأ المرأة إلى أسلوب انتقاد الزوج حتى لو كان مخطئاً، فالرجل بطبيعته لا يحب من ينتقده بكثرة حتى لو كان النقد في محله، لأن ذلك الانتقاد المتكرر دليل على الرفض، لذا يجب على الزوجة أن تسيطر على مشاعرها السلبية، خاصة في لحظات الغضب، وأن تحاول دائماً أن تجد له عذراً، أو تفسيراً لعصبيته، لأنه في النهاية لا يوجد إنسان بلا أخطاء أو عيوب، والزوجة الذكية، يجب أن تكون مستعدة للتسامح دائماً، ونسيان الأخطاء».
كل شيء يمكن التسامح معه، حسبما ترى الدكتورة دينا هلالي، إلا ضرب الزوجة أو إهانتها لفظياً، وهي تقول عن ذلك «ليس من المروءة أن يضرب الرجل زوجته، فليس من الكرامة أن يهين الرجل شريكة حياته، وليس من الأخلاق أيضا أن يرى الأبناء أمهم في هذا الوضع، وفي النهاية لا توجد امرأة كاملة أو رجل كامل، لكنه الرضا مفتاح الحياة السعيدة».
عدم تقبل وقاحات الزوج من البداية
الدكتور محمد إدريس، استشاري الطب النفسي والسلوكي بالقاهرة، يرى أن سلاطة اللسان التي يمارسها بعض الأزواج تقطع أواصر المودة والرحمة بينهما، وقد تؤدي في كثير من الحالات إلى الطلاق، ويضيف «حتى لو لم يحدث الطلاق، فإن هذا السلوك يخلق نوعاً من أنواع الانفصال الجسدي والروحي، وقد يؤدي أيضاً إلى كره الزوجة للبيت». وينصح الدكتور محمد إدريس الزوجات بعدم تقبل وقاحات الزوج من البداية، ويقول «هذا الأسلوب المتدني في المعاملة ربما يبدأ على شكل دعابة، سرعان ما تتحول إلى أسلوب دائم في الحوار، الذي قد يتحول بعد فترة إلى مهزلة بمعنى الكلمة، وما يحدث أنه بعد مرور سنوات من الزواج تبدأ الزوجة في التذمر من أسلوب الزوج، الذي اعتاد على هذا المستوى من الألفاظ، ويصبح على المرأة القبول به، بعدما تنازلت عن كرامتها وحقها في الاحترام المتبادل».
هذه الشكوى دائماً ما تأتي متأخرة، حسبما يؤكد أستاذ الطب النفسي، وربما بعد فوات الأوان، ويبين «اعتراض الزوجة المتأخر لن يستطيع إيقاف هذا الفيضان، الذي كانت السبب الأول في حدوثه عندما وافقت عليه من البداية، بل إن محاولة إصلاح تصرفات الزوج، التي تأتي متأخرة، قد تؤدي إلى انهيار البيت وفشل العلاقة الزوجية، والنصيحة في هذه الحالات قد لا تفيد، والمفروض على المرأة منذ بداية الزواج، بل عليها منذ فترة الخطوبة، مسؤولية وضع حدود في المعاملة مع الطرف الآخر على نحو يخلق بينهما الاحترام المتبادل، بعيداً عن مهزلة التراشق بالكلمات الغليظة، أو التدني في أسلوب الحديث».
ويوجه الدكتور محمد إدريس حديثه إلى الأزواج قائلاً «من السهل جداً على الزوج أن يكسب زوجته بالكلمة الطيبة، والتصرف الحسن، فتصبح المرأة أسيرة الرجل، أما إذا لجأ إلى العنف والقسوة، فالنتيجة ستكون مفزعة».
فترة الخطوبة لها دور كبير في الطريقة التي يبنى عليها عش الزوجية
الدكتور أحمد هارون، مستشار العلاج النفسي وعضو الجمعية العالمية للصحة النفسية، يوضح أن الإهانة اللفظية التي يمارسها بعض الأزواج ضد زوجاتهم، أمر بالغ القسوة خاصة إذا كانت أمام الناس، ويقول «يدل ذلك دائما على أن الرجل الذي يصدر عنه هذا الأمر لم يتلق التربية الصحيحة في بيت أسرته، وإن ظل السبب يرجع إلى غياب الحوار والتفاهم بين الزوجين».
ويشير الدكتور أحمد هارون، إلى أن بعض الرجال لا يعرفون كيف يتعاملون مع الزوجة، فالبعض من قصار النظر يعاملونها بهمجية وكأنها خادمة خلقت لتطيع الرجل، لكن في المقابل، وفي كثير من الحالات، قد يكون سوء تصرف الزوج نابعا من إهمال الزوجة لزوجها وعدم حرصها على توفير طلباته وتعمد عصيان أوامره، فلا يستطيع تأديبها إلا بهذا الأسلوب الهمجي، ويضيف هارون «المرأة مطالبة بالحرص على المعاملة الحسنة مع زوجها وطاعته أيضاً، فلا يجوز لها أن تسأل عن كيفية التعامل مع الزوج الذي يهين زوجته، وهي تعامله معاملة سيئة».
ويؤكد استشاري العلاقات الزوجية، أنه يجب على الفتاة ألا تسكت خلال فترة الخطوبة، وأن تضع حداً للإهانة التي قد تجدها من الخطيب، ويضيف هارون «فترة الخطوبة لها دور كبير في الطريقة التي يبنى عليها عش الزوجية، فمنذ الخطوبة يتعين على الفتاة، أن توضح لزوج المستقبل، كيف ستكون حياتهما معاً، وكيف أنها ستكون له الزوجة المصون وأنها سوف تحترم كل أفعاله، لكنها لن تغفر له الإهانة».