17 مايو 2022

حملة «تتجوزيني بدبلتين» تثير جدلاً في مصر.. ما رأي الخبراء؟

محررة متعاونة

حملة «تتجوزيني بدبلتين» تثير جدلاً في مصر.. ما رأي الخبراء؟

أطلق مجموعة من الشباب في مصر حملة جديدة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» تحت شعار (العين بصيرة والايد قصيرة ـ تتجوزيني بدبلتين) دعوا فيها لتيسير الزواج على من يرغب خاصة أن الإمكانات محدودة وتكاليف الزواج من مهر وشقة ومستلزماتها أمر شاق وبالغ الصعوبة.

لاقت الحملة إقبالاً شديداً من قبل الشباب كما أنها أثارت الجدل بين البنات وأهاليهن ما بين مؤيد للفكرة ورافض لها تماماً، فالفتاة منهن من تمسكت بالحلم في شراء «الشبكة» وحفل الزواج باهظ التكاليف وأخريات يخشين الوقوع في براثن العنوسة وتأخر سن الزواج ويقبلن بالفكرة.

طرحت «كل الأسرة» عدداً من التساؤلات على مائدة خبراء الطب النفسي والعلاقات الزوجية والأسرية حول تكاليف الزواج الباهظة، هل هي عقبة أمام الشباب في تحقيق حلم الزواج في عمر مناسب؟ وهل لو قدمت الفتاة وأسرتها تنازلات من أجل إتمام الزواج سيكون في مصلحتها أم الأهم لها أن تؤمن نفسها مادياً خشية عدم الوفاق ووقوع الطلاق؟

حملة «تتجوزيني بدبلتين» تثير جدلاً في مصر.. ما رأي الخبراء؟

دائماً ما أحذر الأهل من المغالاة في تكاليف الزواج سواء على الشاب المتقدم لخطبة ابنتهم أو على أنفسهم

في البداية، تؤكد الدكتورة عطيات الصادق، استشاري العلاقات الإنسانية وخبيرة التنمية البشرية، أن أهم شرط لنجاح الزواج هو المودة والرحمة والتوافق بين الزوجين، «فما فائدة المؤخر في حالة وقوع خلافات تجبر الزوجة فيها على التنازل عن كل حقوقها للحصول على الطلاق؟ ودائماً ما أحذر الأهل من المغالاة في تكاليف الزواج سواء على الشاب المتقدم لخطبة ابنتهم أو على أنفسهم خاصة في ظل ضغوط الحياة الصعبة، وطالبت أكثر من مرة بإعداد برامج توعية للمقبلين على الزواج لما فيها من خطوة مهمة لحثهم على الحياة الزوجية المستقرة والحد من الطلاق عن طريق توعيتهم بالمفاهيم الصحيحة وتحمل المسؤولية بدلاً من المغالاة على الشباب والمبالغة في طلب أرقام فلكية لـ«الشبكة» والمهر ومن تجهيزات العرس التي تفوق إمكاناته المحدودة وهو السبب الذي أدى لتأخر سن الزواج بين الفتيات التي تحمل مؤهلات عليا».

وترى الاستشارية الأسرية أنه يجب على الأسر أن تقف إلى جوار الشاب المكافح الذي يبحث عن أكثر من عمل لتكوين نفسه وبناء مستقبله وذلك بالتخلي عن المظاهر الفارغة من حفل زفاف باهظ التكاليف وتجهيزات بمبلغ خيالي ينتظر لتكوينه سنوات وسنوات.

وتحذر الدكتورة عطيات الصادق الأهل والبنات من الوقوع فريسة للمقارنات العقيمة للمباهاة والتفاخر بإنجاز الأفضل مما يتسبب في إرهاق الزوج والعريس، وتقول «للأسف كل الأسر أصبحت تنظر لغيرها ويبالغون في طلبات الزواج، ومع الأسف أدى هذا التعسف لارتفاع نسبة العنوسة بين الفتيات وتقدمهن في السن».

حملة «تتجوزيني بدبلتين» تثير جدلاً في مصر.. ما رأي الخبراء؟

أصبح الزواج اليوم أقرب إلى الصفقة التجارية، بعد أن أصبحت بعض النساء تغالي في مؤخر الصداق في وثيقة الزواج

من جانبها ترى الدكتورة ميسون الفيومي، أستاذة العلوم السلوكية وخبيرة العلاقات الأسرية بالقاهرة، أن الأمر لم يعد يتوقف على المهور بل أصبح الاحتفال بليلة الزفاف لابد أن يشهد المظاهر الأسطورية فيتنافس أهل العروسين في إقامة الليالي الملاح والولائم الضخمة، وهو أيضاً تسابق على الإسراف فيما لا فائدة منه يؤدي إلى عزوف الشباب عن الزواج لعجزهم أمام التكاليف الباهظة.

وتوضح «في الواقع نحن الذين وضعنا العراقيل أمام الشباب من الجنسين وصرفناهم أو حرمناهم من الإعفاف والإحصان، عن طريق التقاليد البالية التي مازالت تسيطر علينا، وفي مقدمتها المغالاة في المهور، والوقوف ضد رغبة الشباب من الجنسين في اختيار شريك الحياة دون تدخلات من الأسرة، ومحاولة فرض زوج بعينه على الفتاة، فتضطر إلى رفض الزواج وتنضم بعد ذلك إلى طوابير العانسات، وهكذا تتعدد وتتنوع صور صرف الشباب عن الزواج».

وتشدد الدكتورة ميسون الفيومي على أن هذا الأمر يتطلب تكاتف جميع منظمات وهيئات ومؤسسات المجتمع، خاصة بعد أن تجاوزت المبالغة كل الحدود المعقولة، ولم تقتصر على المجتمعات والطبقات الفقيرة ومحدودي الدخل، فالأسر أصبحت ترهق نفسها وتعجز الشباب المتقدم للزواج من بناتها، وتكون النهاية المحزنة هي عجز الشباب وفرارهم من إتمام الزواج.

وترى أستاذة العلوم السلوكية أنه للأسف الشديد أصبح الزواج اليوم أقرب إلى الصفقة التجارية، بعد أن أصبحت بعض النساء تغالي في مؤخر الصداق في وثيقة الزواج، بل قد تطالب الزوج بالتوقيع على شيك على بياض أو يدون به المبلغ المغالي فيه، ليتحول الأمر من الحقوق المدنية إلى الحقوق الجنائية، لكن في الماضي كانت الفتاة تبحث عن الزوج الصالح الذي تطمئن إليه وتعيش معه في سلام وأمان، بغض النظر عن كونه غنياً أو صاحب جاه وسلطان، فالمهم أنها تتمسك بصاحب الدين، أما في عصرنا هذا فإن المهور قد تطورت وأخذت شكلاً من أشكال التباهي والتفاخر، وأصبحت بعض النساء تطلب مهراً يتفق مع مكانتها الاجتماعية لا لشيء سوى التباهي والتفاخر أمام مثيلاتها من النساء، ولما كان هذا الأمر فيه مغالاة، فإنه قد يترتب عليه عزوف الشباب عن الزواج هرباً من القيود الثقيلة التي يكبل بها الزوج.

حملة «تتجوزيني بدبلتين» تثير جدلاً في مصر.. ما رأي الخبراء؟

ينبغي ألا يتحول الزواج إلى مزاد علني والذي معه أكثر يتقدم!! فالزواج أولاً وقبل أي شيء سعي وراء السكن والمودة

ويتفق معها الدكتور محمد عادل الحديدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة المنصورة، في أنه نتيجة هذه الموجة من المقارنات والتفاخر بين الأسر تظهر الكثير من التأثيرات السلبية على نفسية الفتاة التي تتطلع إلى زوج يحقق لها أمنيات مستحيلة كالتي تسمع عنها، لتتفاخر بذلك أمام أهلها وصديقاتها.. ورغم أن هذه أحلام مشروعة لكن ينبغي ألا يتحول الزواج إلى مزاد علني والذي معه أكثر يتقدم!! فالزواج أولاً وقبل أي شيء سعي وراء السكن والمودة.

ويلفت الدكتور الحديدي إلى أن الشباب الآن يستحق الشفقة على ما يمر به من حالات يأس واكتئاب أو انحراف لأنه يقف أمام هذه المظاهر المطلوب منه أن يؤديها والمهور المرتفعة المطلوب منه أن يدفعها وكأنه لا يملك من حطام الدنيا شيئاً يسعد به شريكة حياته سوى هذه المظاهر الفارغة. هذا ما جعل بعض الشباب يفقد قيمة الانتماء والمصلحة العامة ويرتكب سلوكيات سلبية خطيرة مثل الرغبة في تحقيق الثراء الفاحش والسريع بشتى الطرق غير المشروعة.

وينصح الاستشاري النفسي الأسر بالتوقف عن الجري وراء المظاهر والمبالغة في قيمة الشبكة وتكاليف الزواج والفرح، وينصح «لا داعي لحب الآباء والأمهات وأولياء الأمور للتفاخر والمباهاة والظهور كطبقة ثرية اعتقادا بأن هذا يضفي على العائلة مزيدا من الوجاهة الاجتماعية والمكانة المرموقة».