تعاني بعض النساء تغير سلوك الزوج وقت مرضه وتحوله إلى العنف والغلظة، ففي الوقت الذي تحاول هي أن تشعره بحنانها رغبة منها في أن تشاركه آلامه كنوع من التخفيف عنه، تجده يقابل ذلك بحدة شديدة غير مبررة على أتفه الأمور، وهو ما ينهكها نفسياً ويقودها إلى أخذ ردة فعل يراها البعض غير مناسبة في توقيتها، وهي إما بالابتعاد عنه ثأراً لكرامتها التي تراها تبعثرت أو مبادلته نفس الأسلوب الذي تتلقاه منه.
لماذا يتغير الرجل عند مرضه؟
أولاً: افتقاد الذكاء العاطفي
الدكتورة مايا الهواري، مدربة ومحاضرة استشارات في الذكاء العاطفي والقيادة، تعلق «وهب الله تعالى المرأة سمات تميزها عن الرجل، منها قدرتها على تحمل الألم وما يشمله من حمل ورضاعة ورعاية للأبناء، فهي فسيولوجيا قادرة أكثر على العطاء ومنح الحب والحنان، أما الرجل فالوصلات العصبية في الدماغ لديه، التي لها علاقة بالعاطفة، ليست دقيقة مثل نظيرتها عند المرأة، فعندما يمرض يظهر جلياً عدم قدرته على تحمل الألم، ورفضه للواقع الذي يفرض عليه عدم القوامة وتدبر شؤون بيته ومتابعة مجريات عمله، وهي مشكلة تواجهها معظم النساء ممن يفتقد أزواجهن الذكاء العاطفي، الذي يعرف الإنسان من خلاله طبيعته النفسية وكيفية التحكم في ذاته عند مواجهة أي موقف فيعجز عن إدارة مشاعره بالطريقة التي لا تعود على من حوله بالسلب، فكم من بيوت يشعر من فيها بالارتباك لمجرد أن الأب مريض».
وتكمل «استيعاب المرأة لطبيعة الرجل النفسية والفسيولوجية تجعلها قادرة على تجاوز تلك الفترة والتعامل معها بحكمة، فالصبر والوعي بالاختلاف يجعلها تدرك ذلك، كما يجب أن تعي أيضاً ألا تنتظر منه العطف عليها وقت المرض، فالرجل لكونه يميل بعقله إلى المنطقية يرفض فكرة أن يراها ضعيفة وغير قادرة على تدبر شؤون بيتها وأسرتها فيتمرد على حالتها وربما تجده يعاملها بقسوة غير مبررة في وقت لا تحتاج هي سوى من يحنو عليها».
ثانيًا: الخوف من الفشل و الشعور بعدم القدرة على السيطرة على أمور حياته
يؤكد الدكتور أحمد النجار، أستاذ علم النفس الاجتماعي «عندما نتحدث عن سيكولوجية الأزمة، فإننا نكون بصدد الحديث عن منحى مختلف عن سيكولوجية الحياة الطبيعية الزوجية، وذلك لأن التعامل الإنساني في الحالتين مختلف، رغم أن هناك من يرى أن وقت الأزمة تظهر حقيقة الناس أكثر، وإن كنت أرى أن في الحياة الطبيعية يكون كل طرف شاعراً أنه قادر على أداء المهام المنوطة به، ولكن عند سيكولوجية الأزمة ونعني هنا وقت المرض تظهر سلوكيات ناتجة من مخاوف الفشل أو عدم معرفة طريقة التعامل مع الأزمة ومع الطرف الآخر، فنجد أن الزوج عندما يتعرض لوعكة صحية وتحاول شريكة الحياة أن تظهر له الاهتمام والود يبدأ هو بردة فعل بها عنف، وهنا نقول إنه لا يقصد توجيه العنف لشخصها بقدر تعنيف الموقف الذي هو فيه، فالشعور بعدم القدرة على السيطرة في إدارة الحياة بالشكل الذي اعتاده هو الذي يؤدي إلى مثل تلك الممارسات الاستفزازية من جانبه لإثبات أنه ليس في حاجة لمن يعينه وأنه قادر على إدارة أموره مثلما كان يفعل قبل ذلك».
ويضيف «هناك من يظن أن هذا السلوك قد يأتي فقط من الرجال، فهم من تكون ردود أفعالهم بهذا الشكل مع زوجاتهم، والحقيقة أن هذا الأمر قد يصاب به أي شخص تعرض لحادث وأصيب بإعاقة أو عاهة أو مرض عضال فتكون له ردود أفعال دفاعية، تنحصر بين إما العزلة عن المجتمع والمحيطين به، أو المصادمة والعنف والتعامل بشراسة وهؤلاء نسبتهم لا تتجاوز 20% ممن لا يتحملون الإشفاق من الأشخاص القريبين منهم".
ويكمل "نصيحتي سواء للمرأة أو الرجل في مجال الأزمات هي الملاحظة والاختبار والبحث عن أسلوب التعامل الهادف إلى عدم استثارة شعور الضعف أو الهزيمة الذي قد يسبب رد الفعل العدواني من الطرف الآخر، وهذه إحدى المهارات للتعامل وقت الأزمات، ونحن في علم النفس نعتبر أن الإنسان من هذا النوع بحاجة إلى دعم نفسي، فهو ليس في حاجة إلى تقديم الحنان فقط ولكن المساعدة دون إظهار الإشفاق، فمن المهم أن يختبر كل طرف الآخر لاستشراف الأسلوب الأمثل في التعامل وقت الأزمات، وبما يضمن نجاح العلاقة الزوجية".