د. حسن مدن يكتب: الحب سباحة

من الأغنيات الجميلة التي أداها الفنان البحريني الراحل سلمان زيمان، من كلمات الشاعرة فتحية عجلان، أغنية «لأقطع بحر سبّاح/ يمكن ألاقيكم»، وجاء في كلماتها «ياربعتي وش جرى/ ما اسمع غناويكمْ/ متكدرٍ، والقلب يحجي ويبجيكمْ/ لآغوص كل النسم/ وأطفح اناجيكم/ وآقول ليت الزمن/ يعرف خطاويكم».

ولشرح معنى الكلمات العامية الواردة في الأغنية، لمن استعصى عليهم فهمها، نقول إنها تعبر عن رغبة في لقاء الحبيب الذي بعُد، وغابت معه أغانيه وأخباره، حتى لو اقتضى الأمر عبور البحر سباحة بلوغاً إلى الضفة الأخرى، التي قد يكون هذا الحبيب فيها، فما ألمّ بمن يحبه من ألم وكدر، يحمله على أن يغوص أعماق البحر حتى يكاد يفقد أنفاسه، ثم يطفح على أمواجه ثانية ليناجي ذلك الحبيب، متمنياً لو أن الزمن يعرف إلى أي الأماكن قادت الحبيب خطاه.

أغنية «لأقطع بحر سبّاح/ يمكن ألاقيكم» للفنان البحريني سلمان زيمان

نتذكر هذه الأغنية بكلماتها العذبة، الحنون، ولحنها الشجي حين نقرأ خبراً مؤثراً عن حكاية تكاد تشبه الأسطورة، كأن بطلتها حققت الأمنية – النبوءة الواردة في الأغنية، وتدور الحكاية التي كانت محط اهتمام رواد وسائل التواصل الاجتماعي، حول فتاة تدعى كريشنا ماندال سبحت من بنغلاديش إلى الهند، من أجل الزواج من حبيبها الذي يعيش هناك، وحسب موقع «فري برس جورنال» فإن كرينشا البالغة 22 عاماً، سبحت لأكثر من ساعة، وتحدت كل الظروف القاهرة للوصول إلى الهند وملاقاة حبيبها الذي يدعى أبهيك، حيث كان الحبيب ينتظرها فعلاً بالسيارة عند وصولها، وتوجه الثنائي لاحقاً إلى معبد في كولكاتا الهندية وتزوجا.

تقول المعلومات المتداولة بأن الثنائي تعرفا إلى بعضهما بعضاً في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» ووقعا في الحب، ولم تكن العاشقة كرينشا ماندال تملك جواز سفر يتيح لها الدخول بشكل قانوني إلى الهند، ما دفعها للمخاطرة بحياتها وعبور الحدود بشكل غير قانوني.

كريشنا ماندال

خبر مثل هذا كان محل حديث الـ«سوشيال ميديا»، التي أثنى روادها على شجاعة الفتاة، ورأوا في تلك الشجاعة مثالاً على ما يمكن للحب أن يفعله من معجزات، لم يكن بالوسع إخفاؤه عن مسامع أجهزة الشرطة الهندية، التي ألقت القبض على كرينشا ماندال لدخولها الهند بشكل غير قانوني، وقد يتم تسليمها قريباً إلى المفوضية العليا لبنغلاديش، وفق ما أورده موقع «ديكان هيرلد».

وفاءً للحب وتقديراً لشجاعة هذه الفتاة في اجتراح ما يعدّ مستحيلاً للوصول لمن تحب، فإن الأمل كبير في أن ترق قلوب من يعالجون مسألة دخولها «غير القانوني» للهند، ويغضوا الطرف عن ذلك، لأن نداء القلب ليس بوسعه انتظار تأشيرة دخول، كانت في حكم المستحيلة. الحبّ الذي استحق التضحية يستحق الغفران.