26 سبتمبر 2021

لهذه الأسباب .. مواقع التواصل الاجتماعي تزيد من عمق الخلافات

محررة في مجلة كل الأسرة

لهذه الأسباب .. مواقع التواصل الاجتماعي تزيد من عمق الخلافات

تشهد مواقع التواصل الاجتماعي منشورات مختلفة لقضايا يكاد لا يخلو منها منزل، يتناول فيها البعض أسرار حياتهم الأسرية والاجتماعية بل وحتى في الكثير من الأحيان تفاصيل خلافات العلاقة الزوجية، لربما تكون الغاية منها الفضفضة أو طلباً للنصيحة، غير مدركين لما يجوز نشره وما لا يجوز، ومتناسين الفروق الاجتماعية والنفسية التي لا تكون بالضرورة ملائمة لظروف الشخص صاحب المشكلة وعلاقاته الخاصة.

هذا ما ناقشته «كل الأسرة» بعد أن استطلعت الآراء وسألت المختصين في علم النفس والعلوم الأسرية في هذا التحقيق:

via GIPHY

تشير المدربة والمستشارة الأسرية ميساء الشحادات إلى اختلاف وتنوع القضايا المطروحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، منها قضايا تربوية لأُمهات يطلبن حلولاً ونصائح للتعامل مع أبنائهن، واجتماعية متنوعة يفتي فيها الجميع، وصحية لأعراض وأزمات يمر بها شخص يطرحها طلباً للاستشارة، إضافةً إلى قضايا الخلافات الزوجية وهي أكثر المواضيع طرحاً في المنتديات النسائية.

كما تكون العائلة الممتدة من أم وإخوة وأخوات الزوج مادة دسمة، لها نصيب في تلك المواقع والكثير من الأزمات والمشكلات الاقتصادية التي تتعرض لها الأسرة يطلب لها حلول، عادةً ما تكون أسبابها قلة الموارد المالية ومعاناة الزوجة من شح يد الزوج أو رفضه للعمل، وبمختلف التصنيفات ولأسباب مختلفة أصبح ما يمر على الأسرة من خلافات أو مشكلات سواء كانت صغيرة أم كبيرة، مهمة أم غير مهمة، مادة مطروحة للعلن يمكن لمن يشاء أن يبدي فيها النصيحة أو يتهكم وينتقد.

من واقع مشاهداتها كمستشارة أسرية متابعة لقضايا المجتمع والأسرة ترصد الشحادات، قضايا مختلفة علق بعضها في ذهنها، وتشكك في مدى واقعية شخوصها وعدم انحيازهم لذواتهم في طرحهم، حيث تروي قصة فتاة طلبت النصيحة والرأي بشأن خلاف وقع بينها وبين خطيبها بسبب قاعة حفل الزفاف، فتقول «اختار الخطيب المكان الذي اعتقد من وجهة نظره أنه مناسب لإقامة حفلة العرس، بينما رفضت الفتاة لأنها اعتقدت بأنه غير مناسب، لتنهال عليها آراء أشخاص مختلفين بين محرض ومنتقد، ومعارض ومثير للفتنة، ولو كانت بالفعل بحاجة لحل حقيقي لم تكن هذه المنصة مناسبة لطرح هذا النوع من الخلافات التي يؤخذ فيها القرار إما بقطع العلاقة أو الاستمرار بها بسبب صالة العرس».

كما وجدت المستشارة الأسرية الغرابة في طلب نصيحة طبية من أشخاص بعيدين عن المجال الصحي أثناء طرح إحدى النساء معاناتها من مشكلة صحية تتعلق بالتنفس وآلام الصدر، طالبة المشورة من أعضاء إحدى الصفحات ليشيروا عليها برأي، ويشاركها من مر منهم بذات الأعراض في يومٍ ما بالنصائح والإرشادات، وهل ما تمر به هو مرض حقيقي أم أن الألم هو نتيجة قلقها الذي وصفه زوجها بأنه حالة نفسية.

توضح الشحادات الأسباب الحقيقية لهذه الحالة:

  • فقدان بعض الأشخاص النسيج المجتمعي حولهم وعدم وجود شبكة اجتماعية يثقون بها لمساعدتهم وتوجيههم.
  • حاجة البعض النفسية ومحاولاتهم في جذب اهتمام واستعطاف مشاعر الآخرين بكلمات ترطب مشاعرهم
  • قد يكون هدف البعض توسيع مداركه بمشكلته عندما يشاركه الآخرون آراءهم ليتمكنوا من رؤيتها من زوايا مختلفة كما هم الآخرون، بالتالي يكونون أكثر قدرة على التعامل معها بحيادية
  • هناك من يتخذ هذا الأسلوب كحيلة دفاعية يقوم بها ظناً منه أنه أخذ بالأسباب بينما هو غير جدي في اتباع أي منهج للتغير أو إيجاد حل للمشكلة

* تنبه المستشارة لسلبيات هذا النوع من المشاركات «استباحة الخصوصيات بتفاصيل وقضايا لا يتقبل المجتمع مشاركتها، السماح لفئة عامة غير متخصصة بالإرشاد يزيد ويعقد من حجم المشكلة، ويفتح المجال أمام إطلاق الأحكام والتنمر على صاحب المشكلة وعدم تفهم ظروفه مما ينعكس عليه سلباً، كما قد تكون هذه الطريقة سبباً في تبادل الاتهامات وإثارة العداوات بسبب اختلاف الآراء وشخصنة المشكلة أحياناً وتضييع الوقت والطاقة فيما لا طائل منه فينعكس سلباً بسبب تضارب آراء المشاركين كل حسب القيم التي نشأ عليها».

via GIPHY

قد نواجه مشاكل تجعلنا نلجأ للعالم الافتراضي لأجل إشباع احتياجاتنا والنقص الذي نعانيه سواء كان في الجانب العاطفي أو النفسي أو الاجتماعي، لكن للأسف بتصرفنا هذا كما يقول المثل الشائع «نزيد الطين بله»

يؤكد استشاري العلاج النفسي الدكتور جاسم المرزوقي، أن البحث في مواقع التواصل الاجتماعي بمختلف تسمياتها عن حلول لبعض المشاكل والمعاناة كمن يريد أن يعد طعاماً من خلال اتباعه بعض الوصفات الموجودة في بعض كتب الطهي، فاستقاء التجربة مباشرةً من الطاهي ليست كمحاولة تطبيق وصفته الواردة في الكتب، فالمسألة قد لا تكون متوافقة تماماً وهناك اختلاف كبير جداً، يعقب المرزوقي «قد تفيد أحياناً لكنها ليست بهذا التعقيد، فهذه الوصفات ليست بالضرورة أن تكون دائماً مفيدة فالأمر يحتاج إلى التفصيل والتباحث، فلكل مشكلة بصمتها الخاصة التي تختلف فيها عن الوصفة الموجودة في هذه المواقع».

يشرح المرزوقي، «في العالم الحقيقي نواجه أحياناً مشاكل تجعلنا نلجأ للعالم الافتراضي لأجل إشباع احتياجاتنا والنقص الذي نعانيه سواء كان في الجانب العاطفي أو الجانب النفسي والجانب الاجتماعي والثقة بالنفس وغيرها، لكن للأسف أحياناً بتصرفنا هذا كما يقول المثل الشائع «نزيد الطين بله»، نزيد من جراح وأعماق المشكلة، لكننا في نفس الوقت من جانبنا كأخصائيين دائماً ما ننصح الأشخاص بالحضور للمراكز المختصة للحصول على الاستشارات وإن لم يكن ممكناً يمكن الاستعانة ببرامج الاتصال المرئي وإن تعذر يمكن الاتصال، وفي أسوأ الحالات اللجوء إلى المراسلة فالإنسان لا يمكنه التحليل وإبداء الرأي بما يتناسب وطبيعة المشكلة دون اطلاع مباشر عليها».