16 يوليو 2022

الفرق بين غيرة الرجل وغيرة المرأة

أستاذة وباحثة جامعية

الفرق بين غيرة الرجل وغيرة المرأة

قرصة الغيرة هي من أكثر القرصات إيلاماً، لكن إذا ما نظرنا إليها من وجهة نظر التطوّر البشري نجد أن العلماء يصنِّفونها بين المشاعر المفيدة والتي سمحت بتكاثر البشر واستمرارهم وحمايتهم من عوامل البيئة واختيار ما هو أفضل لحياة آمنة ومزدهرة.

فهل صحيح أن الغيرة قد ساهمت في بقائنا؟

بالطبع الغيرة موجودة على جميع المستويات سواء أكان على المستويات الاجتماعية والمالية والجمالية... لكن أول ما يتبادر إلى الذهن حين نتحدث عن الغيرة هو العلاقات العاطفية والزوجية. وعلى الرغم من الصورة السلبية التي تحملها الغيرة معها، ثمة إجماع بين العلماء الذين درسوها على القول إنها مفيدة لاستمرار الجنس البشري على اعتبار أن وجود زوجين يضمن بقاء الصغار تحت رعايتهما لسنوات طويلة ويحميهم من المخاطر إلى حين انطلاقتهم في الحياة.

ولكن ماذا عن الفرق بين غيرة الرجل وغيرة المرأة؟

جاء بعض العلماء، ومن بينهم ديفيد بوس من جامعة ميشيغان، بفرضية أن النساء أشد غيرة حينما يخونهن الرجل على المستوى العاطفي منه على المستوى الجنسي نظراً إلى أنهن يبحثن عن أمان عاطفي ومادي ضروري لتأمين حسن تربية أولادهن ومستقبلهم، في حين أن الرجال لا يحتملون وجود منافس لهم على الصعيد الجنسي من أجل تأمين نسب الأطفال الذين تنجبهم المرأة إليهم.

بيد أن التجارب والاختبارات على أرض الواقع والتي أجرتها كاترين هاريس من جامعة سان دييغو، أثبتت أن لا فرق بين الجنسين في مسألة الغيرة وأن كليهما يتأثران بالخيانة العاطفية كما بالخيانة الجنسية بمستويات متقاربة. لكن الملفت أن هذه التجارب قد بيّنت أن حدّة الغيرة مع ما يرافقها من غضب وحزن وخيبة أمل تشتد كلما كانت أواصر العلاقة بين الزوجين عميقة ومتينة.

ما العمل إذاً؟ هل نضع حدوداً لشدّة تعلقنا بالشخص الآخر خوفاً من زيادة حدّة الغيرة في حال الخيانة؟

قد يأتينا الحل من الصين هذه المرة ومن جامعة شنغدو، حيث أثبت العلماء أن هرمونة «الأوسيتوسين» أو هرمونة الحب التي يفرزها جسم المرأة بكثافة لحظة ولادة الطفل تحول دون تفاقم الإحساس بالغيرة وتخفض المشاعر السلبية. كما ثبت أن رذاذاً من هذه الهرمونة يحمل الرجال المتزوجين إلى الاحتفاظ بمسافة بينهم وبين النساء اللواتي يجدونهن جذابات.

وهكذا قد يكون إنتاج «عطر الإخلاص الزوجي» من الأوسيتوسين للرجال والنساء معاً فكرة جيدة من أجل توطيد العلاقة الزوجية. لكن بانتظار هذا العطر، الذي سيحظى بشكل مؤكد بنجاح تجاري هائل، قد تكون الفكرة العملية الأقرب هي تغذية المودة والحب والحنان الذي يربط ما بين الزوجين درءاً لنار الغيرة الحارقة.