27 أكتوبر 2020

هل الزوجة مطالبة شرعاً بالاعتراف لزوجها بالخيانة؟

فريق كل الأسرة

هل الزوجة مطالبة شرعاً بالاعتراف لزوجها بالخيانة؟

اتصلت الزوجة الشابة بالداعية الأزهري الشهير في برنامجه الفضائي، تسأله عن كيفية التخلص مما ارتكبته من ذنوب، وما لحق بها من آثام، حيث ارتكبت من الذنوب (كبيرها وصغيرها) وتشك في انتساب أحد أطفالها إلى زوجها، وأصبحت يائسة قانطة من رحمة الله وعفوه عنها.. ففتح لها باباً واسعاً للتوبة، ونصحها بعدم إبلاغ زوجها بخيانتها له.

على مواقع التواصل الاجتماعي نال الداعية الأزهري انتقادات كثيرة من جماهير من مختلف الأعمار، حيث رأى المنتقدون في كلامه تيسيراً على العصاة في غير محله، وتهويناً من حرمة الخيانة الزوجية، وهو ما يدفع كل مستمع إليه إلى ارتكاب ما شاء من الذنوب والمعاصي.. ثم يعقب ذلك بتوبة وكأن شيئاً لم يكن!!

"التخلص من الذنوب سهل وميسور لكل مسلم"

في البداية، يؤكد العالم الأزهري د. شوقي علام مفتي مصر أن الله سبحانه وتعالى هو الرؤوف الرحيم بعباده، وهو القائل في كتابه الحكيم: «قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم».
وهذا يعني أنه لا ذنب بلا توبة حتى الشرك بالله، وفي واقع الحياة لا يتوقف الإنسان عن ارتكاب مخالفات وتجاوزات شرعية بقصد أو بدون قصد، وعن علم بها أو جهل بحقيقتها، وكل مسلم- مهما عظم ذنبه- مطالب شرعاً باللجوء إلى أهل الذكر، وهم العلماء، فهم الذين ينيرون له الطريق، ويأخذون بيده إلى توبة صحيحة وصادقة، ويوضحون له شروط التوبة.
وهنا يؤكد مفتي مصر أن التخلص من الذنوب سهل وميسور لكل مسلم، ولا يقف في طريقه عقبات وحواجز حتى ولو كان الإنسان من مدمني المعاصي والذنوب، فتجديد التوبة من علامات صدق الإيمان.. أما الإصرار على المعاصي والذنوب فهو علامة على جحود القلب.. وكل ما هو مطلوب من الإنسان هنا أن يكون مخلصاً في نية التوبة ومحو آثار معصيته، والله سبحانه وتعالى يحثنا جميعاً على المسارعة إلى التوبة فيقول: «وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون».

لماذا المرأة وحدها هي التي تحاسب إذا ما ارتكبت جريمة الزنى؟ لماذا نعاقبها ونترك الرجل الذي نصب شباكه حولها

الداعية الأزهري د. مبروك عطية يؤكد أن الزوجة الخائنة لزوجها عقابها عند الله وليس عند الزوج، وهي ليست مطالبة شرعاً بالاعتراف لزوجها بالخيانة، حتى ولو كانت تشك في انتساب أحد أو بعض الأبناء إليه، فالقاعدة هنا حددها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله «الولد للفراش».. وهذا يعني انتساب الأبناء للزوجية القائمة، ولو زنت المرأة وأنجبت وهي ليست على ذمة رجل، ينسب الولد إليها، وليس إلى الزاني.
ويرى د. عطية ضرورة إغلاق كل أبواب الشك والريبة داخل بيت الزوجية، فقد يخطئ الزوج أو تخطئ الزوجة ويتوب كل منهما توبة صادقة يغفر الله بها ذنبه، ولا شأن للطرف الآخر به.. ومن نرفض وندين كل جرائم الشرف التي يرتكبها آباء أو أشقاء أو أزواج، ويقول: الجرم الذي ترتكبه المرأة المرتكبة لجريمة الزنا بينها وبين الله إن شاء عفا عنها وإن شاء عاقبها عليه في الآخرة، وليس مطلوباً من الرجال سواء أكانوا آباء أو أزواج أو أشقاء أن ينصبوا أنفسهم أولياء عن الله في أرضه، فالحاكم العدل وحده هو المنوط به شرعاً تنفيذ الحدود على الجناة والمرتكبين لجرائم الزنا إذا كان يطبق شرع الله.

ويتساءل الداعية الأزهري الشهير في تعجب: لماذا المرأة وحدها هي التي تحاسب إذا ما ارتكبت جريمة الزنا؟ لماذا نعاقبها ونترك الرجل الذي نصب شباكه حولها، وضللها بالوعود الكاذبة، واستغل ضعفها، وارتكب معها نفس الجرم الذي ارتكبته.
ويقول: الشريعة الإسلامية لا تعرف التمييز العنصري، ولا تحابى الرجال على حساب النساء، وكل شريكين في جريمة مثل الزنا ينبغي أن توقع عليهما (معا) العقوبة.. تخلصوا من الظلم والقهر لنسائكم وكونوا رحماء بهن وربوهن على الفضائل بدلاً من إحاطتهن بالظنون والأوهام.

ويؤكد د. مبروك عطية ضرورة الستر على المخطئين والمخطئات والمنحرفين والمنحرفات مع اتخاذ وسائل التوجيه والحض على التوبة وفتح أبوابها على مصراعيها أمامهم.. ويقول: الشريعة الإسلامية ترفض التربص بالناس لإلحاق العقاب والأذى بهم، وكشف هؤلاء للناس ليس زجراً لهم ولأمثالهم كما يتوهم البعض.. بل في ذلك فضيحة لهم ودفعهم إلى ارتكاب مزيد من المعاصي والذنوب.
ويقول: من توجيهات ديننا العظيم الستر على المخطئ والأخذ بيده للتخلص من ذنوبه وآثامه وليس تعليق المشانق له حتى ولو ارتكب جريمة من الجرائم المخلة بالشرف، ومن بينها جريمة الزنا.. فالأخوة الإسلامية تستوجب على المسلمين أن يكونوا متعاونين ومتعاطفين ومتآلفين ومتحابين يعين بعضهم بعضا، ويستر بعضهم بعضا.