لين بابن تحمل كتابها
تقول الشاعرة والروائية الفرنسية لين بابن إن الحب هو القضية الكبرى في حياتها. هل تأتي بجديد؟ أليس الحب هو القاسم المشترك في ثلث الروايات وثلاثة أرباع دواوين الشعر المنشورة في العالم؟
أصدرت بابن كتاباً جديداً عن منشورات ستوك في باريس بعنوان: «بعد الحب». وفيه تتبع وقائع انفصال حبيبين خطوة في إثر خطوة. الكل يعرف أن طعم أول الحب حلو ولذيذ، لا يشبه علقم آخره. وهي تؤكد لقارئها أن اللقاء بين اثنين يدفعهما، في أفضل الحالات، إلى أن يكونا أفضل. أما في أسوأ الحالات فهو يشجع أحد الطرفين على أن يقوم بتغيير الطرف الثاني. وهذا يأخذ شكل السيطرة على الآخر والتلاعب به.
بدل التلاعب تنصح المؤلفة كل طرف بأن «يعتنق» صاحبه وأن يعرف من هو وما يريد. ومن خلال معرفة المحبوب يتوصل الحبيب إلى معرفة ذاته أيضاً. على كل منهما أن يحافظ على نواته صلبة. والخطر الأكبر هو أن يذوب أحدهما في الآخر. إذ ليس من المفيد أن تنصاع المرأة، أو أن ينصاع الرجل، لكل رغبات الشريك أو الشريكة ويوافق على تغيير ذاته وطباعه والتنازل عن رغباته الشخصية.
الحب، كما تقول، هو أيضاً ميدان للحالة النفسية واستقرار الأعصاب، وهو أرضية خطرة وزلقة. مع هذا تؤمن المؤلفة بأن جمال التغيير يكمن في أنه يتيح للفرد أن يصبح أفضل مما كان عليه قبل الالتقاء بالمحبوب. وهي تكتب: «الحب من النظرة الأولى يشبه ركوب قطار في أول انطلاقته. وهو يمنح فرصاً للحركة والتنقل واكتشاف الشخص الآخر، والتعرف إلى عادات أخرى. وربما العيش في بلد آخر».
الكتاب يفرق بين الحب القائم بين شخصين وبين شعور المرء بكيانه الاجتماعي. إنه يدفعك لخرق بعض الحواجز والخروج من المحيط الذي اعتدت الانزواء فيه. فالحب الحقيقي يعطيك كل فرص الحرية. لذلك تميل المؤلفة إلى استخدام صور الطيور في كل مؤلفاتها، وصور الفضاءات المفتوحة على السماء، للتعبير عن ذلك الإحساس بالتحليق. وهي تقول إن الحب مثل النار، يحتاج للهواء. وهي لا تتخيل وجود اشتعال بدون هذه النفحة من الحرية.
مع هذا فإنها تشدد على ضرورة حفاظ كل طرف على مساحته الخاصة. إن لحظات الوحدة ضرورية لكل منهما. فهي عندما تكتب تكون في حاجة للانفراد بنفسها، وأن تمتلك غرفتها. وبدون ذلك فإنها تشعر بالاختناق بدون فرصة للتنفس. وأهم ما تخبرنا به هو أن المرء يقع في حب الشخص كما هو، وسيحبه أكثر عندما يراه قادراً على الاحتفاظ بشخصيته وطباعه.
لا تستبعد المؤلفة فكرة أن يعيش الشريكان كل في منزل منفصل عن الآخر، وهي فكرة فرنسية شائعة ويقال إنها ناجحة وتضمن استمرار الشغف وعدم انطفاء الرغبة. فكرة تبدو لي مناسبة لمن استطاع إليها سبيلاً. أي من يقدر على تأمين مصاريف بيتين.
أقرأ الكتاب ولا أجد نفسي ملزمة بالاقتناع بكل ما جاء فيه. فقد كثرت وصفات الحب وتعددت النصائح حتى شاطت الطبخة. ونار يا حبيبي نار... من يحب الشغف المحروق؟