تجمّل الزوجة لزوجها مطلب شرعي، وفقاً لما أفتى به العديد من علماء الأزهر، حرصاً على الاستقرار الأسري، وباعتبار أن المرأة هي موطن الشهوة لزوجها، ومن حقه عليها أن تتزيّن له، وتبدو في أجمل صورة، حتى لا يفكر في أخرى.. فعيون كثير من الرجال تتحسّس دائماً مواطن الجمال في المرأة. ولكن، هل من واجب الزوج أن يتزيّن هو الآخر لزوجته، ليبدو أمامها في صورة مشوّقة، وجاذبة؟
التزيّن حق مشترك للزوجين
يجيب الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين، قائلاً «نعم، الزوج مطالب شرعاً بالتزيّن والتجمّل لزوجته، عن طريق الاعتناء بشكله ومظهره، وأن تجد الزوجة فيه ما يجذبها إليه في كل وقت، ما يسهم في استقرار الأسرة، وسعادتها، لأن المرأة تنفر من الرجل غير النظيف، وهذا حقها».
ويضيف «التجمّل والتزيّن» هو «حق مشترك بين الزوجين»، وكل منهما يتزيّن بطريقته، وما يليق به، من دون مبالغة، أو تكلّف.. والشريعة الإسلامية كما اهتمت بزينة الزوجة، وتجمّلها لزوجها، واعتبرته أحد الحقوق الزوجية التي يجب الوقوف عندها، والانتباه لقيمتها، لِما يترتب عليها من نجاح واستقرار للحياة الأسرية، اهتمت أيضاً بنظافة الزوج، وظهوره أمام زوجته بشكل مقبول لها. فالمذهب المالكي ألزم الرجل بتوفير أدوات الزينة لزوجته، وجعلها جزءاً من النفقة الملزم بها بعد المأكل، والمشرب، والملبس، والمسكن، والمقصود بالتزيّن للزوج ليس استخدام مساحيق التجميل والزينة الصارخة، بل اعتناء المرأة بشكلها، وقوامها، وألفاظها الجميلة، وتودّدها لزوجها؛ لأن هذا هو أقرب طريق إلى قلب الزوج».
زينة الشكل والكلام
وما حكم الشرع في الزوج الذي يهمل نفسه أمام زوجته، ولا يقتنع بحق زوجته عليه؟ يجيب د. علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي مصر الأسبق «الحياة الزوجية تقوم على السكن، والرحمة، والمودّة، ولن تتحقق هذه المعاني الإنسانية إلا إذا كان بين الزوجين قبول، وانسجام، وتفاهم، بخاصة في ما يخص العلاقة الشخصية بين الطرفين، وكل ما يحقق هذا الهدف يحث عليه الإسلام. لذلك دائماً ننصح الزوجين بالتزيّن، ليرى كل منهما في شريك حياته ما يشرح صدره، ويرضي نفسه، ويعفّه عن النظر إلى حرمات الآخرين. والأمر لا يقتصر على الزينة الشكلية فقط، بل يشمل الكلام الطيّب الذي يجذب كل طرف إلى الآخر، ولا ينفّره منه، ولذلك دعا الإسلام الزوج إلى ضرورة التزيّن للزوجة، كما تتزيّن هي له، حتى لا تنفر منه».
ويرفض مفتي مصر الأسبق الاعتقاد السائد بين كثير من الرجال بأن التزيّن مطلوب من الزوجة وحدها «هذا اعتقاد خاطئ، يخالف شرع الله الذي جعل للمرأة من الحقوق مثل التي عليها من الواجبات، حين قال تعالى: «ولهنّ مثل الذي عليهنّ بالمعروف»، وهذا معناه أنه إذا كانت الزوجة تتزيّن لزوجها، فلها أن تراه في صورة حسنة، وتشمّ منه رائحة زكية. والرسول عليه الصلاة والسلام، كان أسبق الناس للتزيّن لزوجاته، ومن أقواله الكريمة صلّى الله عليه وسلّم: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي»، وكان أوّل ما يفعله عند الدخول إلى البيت «السّواك»، ليعطّر رائحة فمه، كما أنه نهى عن أكل ما فيه رائحة مكروهة داخل بيت الزوجية، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: «إني أتزيّن لزوجتي كما تتزيّن لي»، وكذلك سيّدنا عمر بن الخطاب، كان يدرك هذه الأمور، وما قد تسببه من مشكلات زوجية، ولذلك عندما دخل عليه رجل أشعث أغبر، ومعه زوجته تقول: «يا أمير المؤمنين لا أريد هذا الرجل»، أمره عمر بالاستحمام، وتهذيب شعره، وتقليم أظافره، ففعل الزوج، فلما رأته الزوجة رجعت عن طلبها، فقال سيّدنا عمر: «هكذا فاصنعوا لهنّ، فوالله إنهنّ ليحببن أن تتزينوا لهنّ كما تحبون أن يتزينّ لكم».