زحام المهرجانات السينمائية العربية على أشدّه في هذه الفترة، بدأت بمهرجان الجونا في مصر، وتنتهي بمهرجان قرطاج في مدينة تونس، قبل نهاية السنة بأيام قليلة. ما تفسير هذا الزحام، وكيف يتنافس كل مهرجان من أجل يستحوذ على أفلامه؟
انتهت الدورة السابعة من مهرجان الجونا في الثاني من شهر نوفمبر، لتنطلق في إثره أربعة مهرجانات عربية، ما إن ينتهي أحدها حتى يبدأ في إثره مهرجان آخر.
من مهرجان الجونة الأخير
بعد «الجونا» لدينا بفاصل 12 يوماً مهرجان القاهرة في دورته الرابعة والأربعين الذي يستمر حتى الثاني والعشرين من الشهر ذاته.
يلي القاهرة مهرجان مراكش في دورته الجديدة التي ستنطلق في التاسع والعشرين من نوفمبر، حتى السابع من ديسمبر.
وخلال إقامته يتم افتتاح مهرجان «البحر الأحمر» في دورته الثالثة، ما بين الخامس والرابع عشر من ديسمبر المقبل.
وعلى غير عادة، سيختتم مهرجان أيام مهرجان قرطاج السينمائية هذه السلسلة من المهرجانات، وهو الذي كان يتوسطها سابقاً. هذا العام تم نقله ليقع ما بين يوم ختام «البحر الأحمر»، وحتى الحادي والعشرين من ديسمبر.
مهرجان دبي السينمائي
لا يحدث ذلك للمرّة الأولى، بل منذ سنوات باتت بعيدة، فعندما انطلق مهرجان دبي في سنة 2004 خلال شهر ديسمبر من كل عام، وجد نفسه محاطاً بمهرجانات، قديمة وجديدة، في التو. كان هناك مهرجانا القاهرة وقرطاج اللذان يتقدّمان، تاريخياً، كل مهرجانات المنطقة، ثم تم إطلاق مهرجانات، أبوظبي والدوحة والجونا ومراكش، التي توزع بعضها مباشرة قبل دبي، وبعضها الآخر مباشرة بعده.
كل منها أراد نصيبه من الكعكة (وأحياناً ما يستطيع من نصيب سواه)، وسعى إلى ذلك ببذل مالي كبير، يتجاوز ما كانت عليه ميزانيات المهرجانات العربية التقليدية (القاهرة، قرطاج وعدد من المهرجانات الصغيرة حجماً)، كشرط رئيسي للاستحواذ على النجاح، وتبوّؤ القمّة بين كل المهرجانات العربية.
أتاح توقف مهرجان دبي سنة 2014 (الذي حافظ على مكانته رغم المنافسة)، مساحة عمل أوسع للمهرجانات الرئيسية الأخرى آنذاك، خصوصاً أن مهرجان أبوظبي توقف قبل ذلك العام، ثم أقفل مهرجان الدوحة الدولي مفضّلاً اعتماد مهرجانين متخصصين، (وأصغر حجماً).
مهرجان مراكش
إذا عُرف السبب...
توقف مهرجان مراكش بدوره إنما لسنتين، تم خلالهما تغيير الإدارة، وترتيب وضعه، بحيث يتحوّل إلى نقطة لقاء بين السينما الأجنبية وتلك العربية. هذا كان أحد أسس مهرجان دبي، الذي تولى رئاسته عبد الحميد جمعة، بنجاح كبير، وأداره فنياً مسعود أمرالله، بنجاح مواز.
ما سبق لا يجيب عن أسباب تزاحم هذه المهرجانات الخمسة على مدار أسابيع معدودة، من كل عام، وعلى نحو متداخل في بعض الأحيان. ما الذي يمنع انتقال بعضها لمواعيد زمنية أخرى خلال أشهر السنة الباقية. إذا كان الصيف غير مناسب بسبب درجة حرارته، فماذا عن الربيع، والأشهر الثلاثة الأولى من السنة؟
هناك سببان أساسيان لذلك، أحدهما أن الأشهر الثلاثة الأخيرة من كل عام هي الفترة المناسبة لانتهاء العمل على أفلام عربية كانت قيد التصوير. والمنافسة على هذه الأفلام بين المهرجانات التي تريد الاستحواذ عليها شديدة، ومعظمها إما يتم اختياره مسبقاً، بسبب نظام الدعم المادي، وإما لاحقاً، شرط ألّا يشهد عرضه الأول في مهرجان آخر.
مهرجان القاهرة
أفلام غير مُعلنة
السبب الثاني، أنها الفترة التي تقوم فيها لجان الاختيار بمعاينة ما تم تداوله من أفلام عربية وأجنبية في مهرجانات السنة، من برلين وروتردام وسندانس (في مطلع كل سنة)، إلى كان ولوكارنو وكارلوفي فاري وفينيسيا وتورنتو، من بين أخرى.
لا يعني ذلك أن المهرجانات العربية لا تستلم طلبات لقبول أفلام يبعث بها صانعوها مكتفية بتجميع ما تم عرضه سابقاً. ما يعنيه هو ملاءمة النصف الثاني من السنة لبدء الاختيارات، وتكوين الجسم الفعلي للدورات، وتحضيرها للأسابيع الأخيرة من السنة.
اختيارات المهرجانات المذكورة من الأفلام ليست معروفة بعد.
لا شيء معروفاً، أو مؤكداً، بالنسبة إلى المهرجانات الأخرى. إعلان مهرجان القاهرة (ما زال تحت إدارة ناجحة لرئيسه حسين فهمي ومديره عصام زكريا)، عن أفلامه سيعمّم قريباً. مهرجان قرطاج شهد تغيّر قيادة، وهو الآن تحت إدارة المخرج فريد بوغدير، ومن أفلامه التونسية المرتقبة «ماء العين» لمريم جبّور، مع احتمال عرض «الكل يحب تودة» للمغربي نبيل عيّوش خارج المسابقة، وهو كان أحد الأفلام المسابقة في مهرجان الجونا الأخير.