لم تكن الأميرة "دُر الشهوار" قد جاوزت العاشرة من عمرها حين أخبروها أن عليها هي وأسرتها الرحيل عن وطنها تركيا عام 1924، بعد خلع والدها السلطان "عبد المجيد الثاني" ومجيء "مصطفى كمال أتاتورك" رئيساً للدولة. انحنت الأميرة حينها لتلتقط حصاة صغيرة من أرض وطنها لتتذكره دائماً في غربتها التي لم تكن تدري كم ستطول.
وُلدت الأميرة "خديجة خيرية عائشة دُرشهوار" في قصر "تشامليجا" بمنطقة "أوسكودار" في اسطنبول في 26 ينايرعام 1914. وهي الإبنة الوحيدة لآخر الخلفاء العثمانيين السلطان "عبد المجيد الثاني"، وكانت باهرة الجمال وكان السلطان يحبها كثيراً حتى أنه ملأ قصر "دولما بهجة" بلوحاتٍ عديدة لها. وحين صدر قرار ترحيل الخليفة وأسرته من تركيا، قرر الاستقرار بمدينة نيس الفرنسية، إلا أنه بعد عدة سنوات نفدت أمواله فاستضافه السلطان "عثمان علي خان" حاكم حيدر أباد، والذي كان يُعد وقتها أغنى رجلٍ في العالم بثروة تُقدّر بنحو 100 مليون جنيه استرليني عام 1930.
وفي عام 1931 تزوجت الأميرة "دُر الشهوار" من الأمير "حمايت علي خان" أكبر أبناء السلطان "عثمان علي خان" آخر حكام مقاطعة حيدر أباد بجنوب الهند، وتم الزواج في مدينة نيس ومن هنا أصبحت الأميرة "دُر الشهوار" العثمانية أميرة هندية تحمل لقب "أميرة برار". وقد أنجبت الأميرة إبنها الأمير "مكرم" عام 1933 و الأمير "مفخم" عام 1939 .
وبعد عدة سنوات، وتحديداً في عام 1944 توفى الخليفة عبد المجيد الثاني، فسعت الأميرة "در الشهوار" جاهدة لدفنه في وطنه الأم تركيا، إلا أن السلطات لم توافق على طلبها. لذا قامت بصفتها "أميرة برار" الهندية بزيارة الرئيس التركي حينها "عصمت إينونو" لإقناعه بدفن والدها في تركيا إلا أن زيارتها لم تؤتِ ثمارها ورجعت إلى الهند خائبة الرجاء، فقررت أن تدفن والدها في أحد مساجد باريس.
وفي عام 1954، جددت أميرة "الهند التركية"، كما كانت تحب الصحافة أن تلقبها، زيارتها إلى تركيا في محاولة أخيرة منها لإقناع رئيس الحكومة آنذاك "عدنان مندريس" بنقل رفات أبيها السلطان "عبد المجيد الثاني" إلى تركيا، إلا أن محاولتها باءت بالفشل مجدداً، فتوجهت بطلبها إلى السلطات السعودية التي وافقت على دفن الخليفة العثماني بالمدينة المُنورة. شعرت "در الشهوار" بحنق شديد تجاه الحكومة التركية، مما جعلها ترفض استعادة الجنسية التركية في وقتٍ لاحق عندما تم السماح لأسرة "آل عثمان" بذلك، وفضلت الاحتفاظ فقط بجنسيتَيها الإنجليزية والهندية.
وفي 7 فبراير عام 2006، أُسدل الستار على حياة الأميرة "دُر الشهوار" حيث وافتها المنية في مدينة لندن عن عمر ناهز الـ 92 عاماً، وتم دفنها في مقابر المسلمين في لندن وفقاً لوصيتها. ويُقال أنها ظلت محتفظة بالحصاة الصغيرة التي التقطتها من حديقة قصرها وهي فتاة لا تتجاوز العشرة أعوام قبل رحيلها هي وأسرتها عن وطنها الذي افتقدته دوماً.
اقرئي أيضًا:
ما الأسرار التي تخبئها قلادة الملكة نازلي؟