هناك من يولد وفي فمه ملعقة من ذهب. ولعل شارلوت كاسيراجي، البنت البكر لكارولين أميرة موناكو، هي من هؤلاء. لكن حتى الذين يولدون مصبوبين من الذهب، فإن شهرتهم وثروتهم وجمالهم لا تحميهم من هزات القلب. ومثلما عانت والدتها عدة زيجات فاشلة، فإن قلب البنت انكسر أكثر من مرة إلى أن استقرت على زوج يتحدر من عائلة عراقية موصلية عريقة. والخبر السعيد في مسيرة شارلوت أن دار «شانيل» الباريسية العريقة للأزياء اختارتها مطلع العام الجديد سفيرة لها.
صورة لشارلوت وهي ترتدي أزياء الدار من مجموعة ربيع وصيف 2021
لم تحصل على لقب أميرة فصارت سفيرة
على الرغم من أنها ابنة أميرة فإن شارلوت كاسيراجي لم ترث لقب الإمارة من والدتها كارولين ذات الشهرة العالمية. وكارولين لا تحمل فقط لقب أميرة موناكو، بل هي أيضاً أميرة هانوفر، وهو لقب حازت عليه من آخر أزواجها، إرنست أوجست دو هانوفر. وفي حساب العائلات النبيلة الأوروبية فإن تاريخ عائلة هانوفر الألمانية أرفع شأناً من تاريخ عائلة جاريمالدي التي تحكم موناكو.
مشكلة شارلوت أنها لا تحمل لقب الإمارة لأن والدها لم يكن أميراً بل صناعياً إيطالياً ثرياً، ورث عن أسرته شركة شهيرة لصناعات الدواء. مع هذا فإن جدها الأمير الراحل رينيه كان يسميها «الأميرة شارلوت» نظراً لتعلقه الشديد بها منذ ولادتها، ولأنها فقدت أباها وهي طفلة، عام 1990، في حادث زورق سريع.
والدتها كانت أميرة الأميرات
موناكو تشتري أغلفة المجلات ثم تلاحقها في المحاكم
كبرت شارلوت وأصبحت نجمة اجتماعية تطاردها عدسات المصورين. فمن المعروف أن إمارة موناكو تعتمد في شهرتها على أمرين: سرية مصارفها وجمال أميراتها. وقد احتلت شارلوت الموقع الذي تراجع بعد تقدم والدتها كارولين في السن وكذلك خالتها الأميرة ستيفاني. ومن المعروف أيضاً أن العائلة الحاكمة في موناكو اعتادت التعاقد مع مجلات شهيرة واسعة التوزيع، مثل «باري ماتش»، في باريس، لكي تمنح العائلة حقوق نشر أغلفة عن أميراتها مقابل تفاهم مالي بين الطرفين.
إن موناكو تختنق بدون حملات الترويج المستمرة لشواطئها وللكازينو الرائع فيها الذي يقع على صخرة تطل على البحر المتوسط من أجمل بقاعه. مع هذا، كانت كارولين وشقيقتها ستيفاني تقيمان الدعاوى ضد «باري ماتش» وتلاحقان المجلة في المحاكم بتهمة اختلاس صور تتعلق بالحياة الشخصية. وغالباً ما كانت المحكمة تصدر أحكامها لصالح الأميرتين وتقضي بدفع غرامات مجزية للأميرتين. كما كانت المجلة تضطر لنشر قرار الحكم على غلافها، في الموضع ذاته الذي نشرت عليه الصور المختلسة.
الثروة والجمال والشباب لا تحمي من كسرة القلب
ارتبطت شارلوت، لفترة من الزمن، بنجم الفكاهة المغربي الأصل المولود في الدار البيضاء جاد المالح وولدت منه طفلاً. وكان رئيس المجلس الوطني في مونت كارلو، لوران نوفيون، قد أعلن يومها أن فرداً جديداً قد انضم إلى العائلة الأميرية في موناكو. وأضاف في ختام اجتماع رسمي أن شارلوت كاسيراجي، ابنة الأميرة كارولين، قد رزقت بطفل ذكر. وجاء الإعلان ليضفي طابعاً شرعياً على العلاقة بين الوالدين. وهو الارتباط الذي لم يستمر بسبب انشغال الأب بارتباطات كثيرة خارج فرنسا. وعلى الرغم من أن شارلوت ظهرت مع شبان كثر في سنوات صباها الأول فإن جاد المالح كان حبها الكبير. لذلك فإن انفصالهما سبب لها جرحاً في القلب. إن من الصعب أن يعيش شخصان شهيران تحت سقف واحد بدون أن تتصدع أركانه بسبب الغيرة وحكايات المعجبين والمعجبات.
ثم تعرفت شارلوت إلى المنتج السينمائي ديمتري رسام، وهو عربي أيضاً ويتحدر من جد موصلي وجدة لبنانية. وبعد علاقة استمرت سنتين، وزواج مدني في موناكو، احتفلت الإمارة بزواجهما في مراسم دينية جرت في كنيسة بجنوب فرنسا. وكانت الأميرة كارولين، والدة العروس، في مقدمة الحضور بالطبع، وكذلك شقيقها أمير موناكو ألبير، خال العروس. كما حضرت والدة العريس الممثلة الفرنسية المعروفة كارول بوكيه.
ارتدت شارلوت في زفافها فستانًا من تصميم شانيل - تصوير FÉLIX DOL-MAILLOT
شارلوت ستكون سفيرة ثقافية وليست مجرد واجهة جميلة
بعد ركود في بورصة الأخبار السياحية لموناكو نظراً لخروج الأميرات الكبيرات من حلقة الشابات المثيرات والجذابات، ها هي دار «شانيل» الفرنسية العريقة للأزياء تختار شارلوت سفيرة لها مع بدء السنة الجديدة. إنها أولى بنات الجيل الثالث من حسناوات موناكو، بعد جدتها نجمة هوليوود الراحلة جريس كيلي، وبعد والدتها الأميرة كارولين. وقد تم التقاط الصور الترويجية الأولى لسفيرة «شانيل» في المنزل السابق لكارل لاجرفيلد في موناكو، وهو المصمم الألماني الذي كان قبل رحيله مديراً فنياً للدار على مدى عقود.
جدتها الأميرة جريس كيلي
إن جدتها الأميرة جريس كيلي كانت من زبونات دار "شانيل" المخلصات، وكذلك والدتها كارولين، وهي نفسها قد ارتدت فستاناً لعرسها من تصميم الدار. لكن شارلوت التي تلقت تعليماً راقياً لا تجد نفسها في مهنة عرض الأزياء. ونظراً لأنها تحب الأدب والشعر وكانت شديدة التعلق بـ«اللقاءات الفلسفية السنوية لموناكو»، فقد اختارت أن تكون سفيرة لفعالية ثقافية بعنوان «الموعد الأدبي لشارع كامبون»، وهو الشارع الذي يقع في الرقم 31 منه المبنى التاريخي لدار «شانيل». ومن المقرر أن يجري إطلاق هذا النادي الثقافي قريباً، حيث يلتقي فنانون وأدباء، مرة في الشهر، للتحاور حول أعمالهم.
يأتي اختيار شارلوت كاسيراجي سفيرة ثقافية لـ«شانيل» كنوع من التعويض عن عدم منحها لقب أميرة. وهو تكريم يترافق مع المعرض المقام في متحف الموضة في باريس والمخصص لتكريم مؤسسة الدار، الآنسة جابرييل شانيل. وهو المعرض الذي كان قد فتح أبوابه لجمهور يرتدي الكمامات ويحافظ على تعليمات التباعد بسبب «كورونا». ومن المقرر أن يستمر حتى 14 من مارس المقبل، مع احتمال كبير بتمديده.