ست سنوات مضت على رحيل رينيه أنجليل دون أن تتوقف سيلين ديون عن افتقاد الزوج الذي عاشت معه قصة حب مستحيلة وزواج جاهدت لكي يتخطى الصعاب. إنها اليوم تعيش مع أبنائها الثلاثة وكلابها الثلاثة وتعاني وعكة صحية سببها حاجتها إلى الرجل الذي كان سنداً لها في كل خطواتها.
«سأكون كاذبة لو قلت إنني بخير». هذا ما أعلنته سيلين ديون، مؤخراً، في منشور لها على «إنستجرام». وحال نشر هذه العبارة راحت الصحافة (ومن ورائها جمهورها الذي يقدر بالملايين) تتساءل عن الأزمة التي تعانيها المغنية الكندية ذات الشهرة العالمية.
هل هي وعكة صحية بسبب الإرهاق أم حالة نفسية سببها افتقادها لحبيب عمرها رينيه أنجليل، الذي لم يكن الزوج فحسب بل الراعي والمكتشف ومدير الأعمال والمنتج الذي تدين له بما بلغته من نجاح وانتشار؟
يقول المقربون من سيلين إنها تمر بفترة صعبة، وعدا افتقادها لزوجها الراحل فإنها كانت مضطرة لإلغاء جولتها الغنائية التي كانت مقررة للترويج لأسطوانتها «كوراج»، أي شجاعة، وذلك لأسباب صحية. يأتي الإلغاء مع حلول الذكرى السادسة لوفاة زوجها في الرابع عشر من شهر كانون الثاني. وهو اليوم نفسه الذي كتبت فيه منشورها الذي جاء فيه أيضاً «سأكون كاذبة لو قلت إنني بخير».
وهو عنوان واحدة من الأغنيات التي تتضمنها أسطوانتها الأخيرة التي صدرت قبل ثلاث سنوات، قبيل الجائحة بفترة وجيزة. كما نشرت سيلين صورة لها بالأبيض والأسود ومعها تعليق: «أفكر فيك 100 مرة على الأقل لأنني أسمع في صدى صوتي كلماتك وأنك ما زلت هنا... أفتقدك».
في اليوم التالي ظهر الإعلان عن إلغاء جولتها في أميركا الشمالية. وغردّت المغنية الكندية قائلة إنها لن تتمكن من الالتزام بمواعيد حفلاتها التي كانت مقررة ما بين مارس وأبريل، وأضافت «كنت آمل فعلاً أن أكون قادرة على اعتلاء المسارح لكن يبدو أن عليّ المزيد من الصبر».
I was really hoping that I’d be good to go by now, but I suppose I just have to be more patient and follow the regimen that my doctors are prescribing. /J’espérais vraiment être prête à remonter sur scène maintenant, mais je constate que je dois être plus patiente. - Céline xx... pic.twitter.com/zNnDMBo1JR
— Celine Dion (@celinedion) January 15, 2022
من المؤكد أن العروض الباهرة لسيلين ديون وفرقتها الموسيقية الاستعراضية تحتاج للكثير من التحضير والتنظيم.
لهذا كان عليها اتخاذ قرار بشأن الأشهر المقبلة. وهي لا تخفي لهفتها لاستعادة صحتها وأملها بأن تنتهي الجائحة وتصبح من الماضي، وبهذا تعود إلى جمهورها دون وجل. وبحسب بيان صادر عن المنظمين فإن الجولة لم تلغ تماماً بل جرى تأجيلها لظرف أفضل. والحقيقة أنها المرة الثانية التي تؤجل فيها سيلين حفلاتها لأسباب صحية. وهو أمر يقلق المعجبين بها.
ففي الخريف الماضي ألغت عدة عروض وقالت لمن حجزوا أماكنهم واقتنوا التذاكر «إن قلبي كسير بسبب هذا الوضع، فأنا وفريقي نشتغل منذ 8 أشهر للتحضير لهذا العرض الجديد، لكننا مضطرون للتأجيل وأشعر بالحزن لما سببته للفريق من إحباط وللمعجبين الذين كانوا يخططون للحضور إلى لاس فيجاس للاستماع لي».
تنوي المطربة البالغة من العمر 53 عاماً التركيز حالياً على صحتها لكي تستعيد قواها بأقرب وقت. لكن من الواضح أنها ما زالت تعاني غياب الزوج الذي بمثابة الجدار الذي تستند إليه. لكن ذلك الجدار تداعى بسبب مرض خبيث في البلعوم، وهي قد بذلت كل ما تملك من مال وعلاقات لكي توفر له أفضل علاج ممكن، وهو بالفعل قد تعايش مع السرطان لفترة من الزمن، وتمكنت سيلين خلال ذلك من ولادة ثلاثة أبناء ذكور، ولجأت إلى التلقيح بالأنابيب وكافة الوسائل الطبية المتاحة لتحقيق حلمها بالأمومة وحلم زوجها بالأبوة، وهو الحلم الذي تسلل إليه طائر الحزن برحيل رينيه. وفي كل ذكرى، كانت المغنية تحرص على نشر كلمات رقيقة توجهها له، تقول فيها «نحبك دائماً»، التوقيع: سيلين، رينيه شارل، نلسون وإيدي.
العروس سيلين
الحب والمعجزات
يبلغ ابنها البكر من العمر، اليوم 20 عاماً. وهي قد ربت أبناءها بمفردها بعد رحيل والدهم، ذلك المهاجر السوري الأصل الذي كان يعمل منظماً لحفلات الفنانين يوم تعرفت إليه وهي دون الخامسة عشرة. لقد آمن بصوتها وعرف بخبرته أنه أمام جوهرة ثمينة تحتاج للصقل. وكان عليه أن يقنع عائلتها باحترافها الغناء، وبأن يتركوها أمانة بين يديه، يدربها ويبحث لها عن كلمات وعن ألحان، وأن يسافر معها لتقديمها على مسارح باريس، باعتبارها من مواليد مقاطعة كيبيك وتتحدث الفرنسية. لقد جاء بها إلى فرنسا وتمكن من التوسط لتحل ضيفة في برنامج النجم التلفزيوني ميشيل دروكير.
كانت يومذاك أشبه بفتاة ريفية ممتلئة تملأ البثور وجهها، لها أنف كبير ووجنتين سمينتين ولكنة مضحكة. لكن الحب، وجراحي التجميل، يصنعون المعجزات.
أحبت البنت الموهوبة مكتشفها. وهو أيضاً أدرك أن مستقبله سيكون بين يدي هذه المراهقة التي تصغره في السن. ومن أجلها انفصل عن زوجته، وكان عليهما أن يواجها جبالاً من الاعتراضات قبل أن يتمكنا من الزواج. وهو زواج راهن كثيرون على فشله لكنه نجح واستمر الحب بينهما قوياً منذ أن كانت ساذجة وفقيرة وآخر العنقود في عائلة لها 14 ولداً وبنتاً، حتى أصبحت تمتلك ثروة بمئات الملايين.
أولى أغنياتها عام 1981 كانت بعنوان «لم يكن سوى حلم». وهو الحلم الذي سرعان ما تحقق عندما شاركت باسم سويسرا في مسابقة «يوروفيزيون» للأغنية الأوروبية وأدت أغنية بعنوان «لا ترحل بدوني»، وحلت في المرتبة الأولى. ولأن رينيه كان وراءها في كل خطوة، فقد جاءها بمن يحسن من لكنتها ومن يعلمها اللغة الانجليزية.. إنها اللغة العامية للأغاني. وبفضل تلك الدروس تمكنت من توقيع عقد مع شركة أميركية للإنتاج الموسيقي. وبعد ذلك ما عاد يوقف انطلاقتها شيء.
تبدل مظهرها وفقدت الكثير من وزنها. كما تغيرت ملامح وجهها واعتمدت تسريحة حديثة وأزياء من توقيع مشاهير مصممي باريس وميلانو. ومع حلول التسعينات كانت قد حققت شهرة عالمية وضربت أسطواناتها أرقاماً قياسية في المبيعات. ثم جاءت أغنيتها «ماي هارت» في فيلم «تايتانيك» عام 1997 لتتوجها ملكة للأغنية بدون منازع. ومع هذا لم تنس لغتها الأم وتعاونت مع الملحن جان جاك جولدمان وقدما أسطوانات رائعة بالفرنسية.
سيلين مع أبنائها وكلابها
مع حلول عام 2000 أثبتت سيلين ديون أنها سيدة من سيدات المسرح. وصارت لها عروضها الخاصة الدائمة في مدينة لاس فيجاس، وهي العروض التي حققت أعلى الأرباح في العالم. ومن تلك المدينة الأميركية الشهيرة بكازينوات المقامرة، دارت سيلين في جولات غنائية عديدة حيث غنت بالإسبانية والألمانية واللاتينية واليابانية والصينية في حفلات كان يشرف على تنظيمها زوجها الذي كرس وجوده لخدمة موهبتها. لقد حصلت 5 مرات على جائزة «جرامي» المرموقة، لكن رحيل رينيه أنجليل عام 2016 كان الضربة التي كادت تقصم ظهرها لولا أنه ترك لها ثلاثة أبناء رائعين.
عندما بلغ ولدها البكر سن العشرين، نشرت سيلين ديون كلمة موجهة إليه جاء فيها «تذّكر أن أباك يحرسك باستمرار ويوجه خطاك».