فنانة من الزمن الجميل، بدأت مشوارها الفني في نهاية عام 1993 عندما شاركت في برنامج استوديو الفن وحازت الميدالية الذهبية، لتنطلق بعدها في حياتها الفنية التي لم تعرف الاستقرار، فغيابها الأول لم يطل؛ حيث عادت في عام 2011 بأغنية منفردة بعنوان العطاء تناشد فيها العالم من أجل الأطفال الذين يعانون بسبب الحرمان والجوع، ثم ابتعدت مرة ثانية، قبل أن تعود من خلال نشيد بعنوان «أنا عربية».
اليوم عادت وأطلقت أغنية «أنت عود» من كلماتها وألحانها، وكان لا بد من لقائها والحديث معها فسألناها:
تقولين دائماً إن الفن عشقك الكبير، فهل يستطيع العاشق الابتعاد عن معشوقه طويلاً، ولماذا العودة اليوم؟
لم أتخل يوماً عن الغناء عشقي الكبير، حتى في غيابي عن الساحة الفنية كنت دائماً أتابع، أراقب، أسمع وأواكب، أنا لم أعلن يوماً قراراً بالاعتزال أو الابتعاد عن الفن، وكنت دوماً حاضرة عندما أشعر بالحاجة إلى الحضور كما حصل بعد انفجار المرفأ حين قدّمت أغنية خاصة من كلماتي وألحاني وتوزيع هاني شنودة، وحضوري لم يقتصر على لبنان؛ بل طال العالم العربي الذي كانت تحركني تجاهه أمور كثيرة، عاطفية، وطنية أو اجتماعية، لذلك لا يمكن استغراب عودتي وإن كانت غير تقليدية.
لبنان بنظري قضية كبيرة، حلم، وجع فرح وحزن، ولذلك جاء تعبيري بالطريقة التي شعرت بها بدون تكلّف أو افتعال
كنت تنتظرين صدمة تعيدك إلى الساحة الفنية؟
الفنان هو الأقدر على التعبير عن لسان حال الناس ولسان حاله، ولبنان بنظري قضية كبيرة، حلم، وجع فرح وحزن، ولذلك جاء تعبيري بالطريقة التي شعرت بها بدون تكلّف أو افتعال، فأنا عبّـرت عن وجع الناس في الوطن العربي، وكنت دائماً أقول إن الطفل العربي شاب قبل أوانه، باختصار أقول إن المشاعر هي التي تحركني فنياً مهما كانت وأينما وُجدت، بعيداً عن البهرجة والطبل والزمر، هي مكنونات أحاول البوح بها للقلم أو للآلات الموسيقية لترجمتها عملاً فنياً لا يحده زمان أومكان.
ذكرت أنك كنت تراقبين الساحة الفنية دوماً، فكيف تقيمين تطورها ومستواها؟
الفن منذ القدم يمشي بخطين، أحدهما خط جاد لفن مبدع، وخط آخر لفن معاصر جديد يمر عابراً بدون أن يأخذ موقعه في عالم الفن، ويحظى في بعض الأحيان بضربة حظ تجعله «حالة» في حينه، لكني لا أنكر أنه لكلتا الحالتين جمهور معين علينا أن نحترمه، وهذا الشيء ينطبق على كل المجالات؛ حيث تكون النوعية المميزة دائماً أقل من الكمية، وهذا الأمر ضروري ليظهر الفرق وتتحقق النجاحات. لذلك أتحفّظ دائماً عن إبداء الرأي في الأعمال الفنية والدخول في أي جدل، وأحاول التركيز على عملي وتطوير ثقافتي الفنية. إن الفن الحقيقي يبدأ منذ الصغر، لذلك يجب أن تكون الخطوة الأولى في المدارس ومع الأمهات، فإذا بدأنا «صح ننتهي صح».
عدت بأغنية منفردة، لم تُشبع شوق الجمهور
القصة غير مرتبطة بحسابات ثابتة في الفن، وقد يكون تأثير أغنية واحدة كتأثير ألبوم كامل إذا كانت مشغولة بإتقان وحب، وأغنية وراء أخرى نصل إلى ألبوم أخذ حقّه مفصلاً وعلى نار هادئة، لتأتي الخلاصة بالنجاح أو الفشل.
ماذا عن ردود الفعل التي تلقيتها، وكم تقبّلت الانتقادات حولها؟
كنت سعيدة جداً بردود الفعل الإيجابية التي وردتني، خصوصاً تلك التي أثنت على أغنية من كلماتي وألحاني جاءت من نوع السهل الممتنع وأول تجربة نسائية لبنانية تتغزّل بالحبيب بشكل مباشر وتصفه بالعود والمسك والعنبر.
البعض رأى أن الأغنية لم تكن على قدر الانتظار؟
أنا أحترم كل الآراء، ولا يُمكن أن نُرضي كل الناس بالنتيجة، لكن أحداً لا يمكنه أن يُنكر الحالة التي أحدثتها الأغنية والنجاح الذي حققته في وقت قصير، وهذا يكفيني فخراً ويجعلني أنسى كل التعب الذي بذلته لتقديم عمل أكون مقتنعة به، وإذا تحدثنا بلغة الأرقام لا يُمكن أن نعتمد على نسبة عشرة في المئة لم يعجبها العمل مقابل نسبة 90 في المئة من المعجبين.
هل ستحاولين استرضاء من لم يعجبهم هذا العمل في عملك القادم؟
أنا لا أفكر بهذه الطريقة؛ بل أتبع إحساسي بكل شيء، وعودتي اليوم تأتي في توقيت صعب يحتاج فيه الناس إلى الحياة الجميلة، فلا خيار لنا إلا أن نقدّم لهم الفرح، كل من يعمل معي يُدرك حرصي على أدق التفاصيل التي لا أرضى فيها بأنصاف الحلول، ويمكن القول إن ضميري مرتاح حتى الآن.
تكتبين وتلحنين، فهل يمكن أن تتعاوني مع أحد من الفنانين الموجودين، أم تفضلين ترجمة مشاعرك بنفسك؟
لم أفكر يوماً في الموضوع، وما كتبته ولحنته حتى اليوم كان تعبيراً عن مكنونات داخلية فجّرتها ظروف معيّنة، لكن إذا شعرت بأنه لديّ ما يناسب أحد الموجودين، لم لا؟
نعيش اليوم عصر الدراما، فهل تفكرين خوض تجربة التمثيل؟
أنا لا أجيد التمثيل، فهذه المهنة بالذات لها ناسها التي تملك أدواتها، وأنا لا أتعدى على مجال لا يوجهني إليه إحساسي.