لا تسعى وراء الشهرة بل العمل الهادف، وهي عضوة دائمة في لجنة مهرجان الزمن الجميل، وقبل كل ذلك هي سيدة المسرح التي تنسى نفسها عندما تقف على خشبته.. إنها الممثلة اللبنانية برناديت حديب التي تخوض تجربة جديدة في ثاني عمل عربي مشترك لها بعد الأعمال الكثيرة التي قدّمتها محلّياً.. التقيناها وعرفنا منها تفاصيل مسيرتها وجديدها:
آخر أعمالك المسرحية حمل عنوان «ريحة العنبر»، ماذا تقولين عنه، ولماذا اقتصر على عدة عروض خاصة؟
لم يكن العمل عرضاً مسرحياً بالمعنى التقليدي، بل كان في طور العمل الذي بدأ منذ نحو عام ونصف كـ«zoom meeting»، إلى أن قررنا أن نعرضه على خشبة المسرح في عروض تجريبية.
بموازاة هذا العمل، ماذا في جعبتك؟
أعمل مع المخرج عصام بو خالد على تحضير مسرحية سيتم عرضها في شهر سبتمبر 2023، ويتحدث نصها عن هواجس المرأة، أوجاعها وأفكارها، في قالب من نوع الكوميديا السوداء، مهضوم وقريب من الناس، بالإضافة لعمل درامي جديد مع شركة الصبّاح، ألعب فيه دوراً جديداً ومختلفاً عن كل ما قدّمته من قبل.
هذا العمل الدرامي هو تجربتك العربية المشتركة الأولى؟
هي الثانية بعد مسلسل «حدود شقيقة» مع الفنان باسم ياخور، كذلك كان لي مشاركة بسيطة في مسلسل «على الحد» مع الفنانة سلاف فواخرجي، كما شاركت مع الفنانة فرح بسيسو في عمل لمنصة شاهد، ولكن هذه هي المرة الأولى التي ألعب فيها دوراً جريئاً.
لديّ ما يكفي من جرأة في طرح المواضيع
أنا أعرف أنه ليس لديك خطوط حمر في التمثيل؟
هذا صحيح، إذا كانت الجرأة تخدم الدور، فأنا لديّ ما يكفي منها في طرح المواضيع، ولكني أتحدث عن جرأة مختلفة في هذا الدور الشرير الذي لا يشبهني أبداً، والذي ألعبه للمرّة الأولى، وهذا ما حمّسني كثيراً.
هناك من يعتبر أن الممثل اللبناني ليس في درجة الممثل السوري مثلاً؟
هذا غير صحيح، لقد لاقى النجوم السوريون الانتشار الكبير من خلال الدراما اللبنانية أكثر من الدراما السورية المحلّية، وأكثر فقد حصل كثير منهم على فُرص عمل كان الممثل اللبناني أحقّ فيها..لقد كثر في الفترة الأخيرة الجدل حول شطارة الممثلين وأي هو الأفضل السوري أو اللبناني..الخ، وأنا ضد هذا الجدل كله، لأنه ليس هناك ممثل ناجح لأنه ينتمي إلى هذا البلد أو ذاك، فإما هو ماهر أو لا، بغض النظر عن انتمائه.
هل كان للشللية دور في استبعادك عن الشركات الكبرى؟
لا يُمكن أن ننكر أنه لكل نجم أو نجمة مجموعات تعمل معهم دائماً، ولا أدري إذا كان استبعادي لهذا السبب، أو أن التحفّظ على اسمي كان لأسباب أخرى، علماً بأنه إذا أردنا الحديث بشكل مهني يجب أن يُسند اختيار فريق العمل للمخرج، ولكن ما يحصل على الأرض اليوم أن المخرجين باتوا يخضعون لإرادة النجم أو النجمة، وإرادة شركات الإنتاج.
لا تزال نصوص الدراما ضعيفة ولا تحاكي واقعنا
ألا تعتقدين بأن الدراما اللبنانية بدأت توضع على السكة الصحيحة؟
لا أُفضّل الحكم على دراما لا أتابعها بشكل جيد، ولكن من خلال متابعتي مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال بعض المشاهد والتعليقات، أعتقد ذلك، خصوصاً في ظل الضخّ الإنتاجي السخي، وخصوصاً لصالح الأعمال العربية المشتركة، وهذا أمر جيد، ولكن على مستوى النصوص فهي لا زالت ضعيفة، ولا تُحاكي واقعنا.
تتحدثين عن الأعمال المقتبسة التي لا تحاكي واقعنا؟
أنا أتحدث بشكل عام، ففي مجتمعنا قصص واقعية كثيرة، ولدينا كتّاب ماهرون، فلم يُغيّبون؟ّ!،علماً بأني لست ضد فكرة الاقتباس بالمطلق، ولكن بتصرف، ومع المُقاربة، فلكل مجتمع خصوصيته التي لا يُمكنه الخروج منها، وربما هذا ما دفع كثيرين لانتقاد مسلسل «ستيليتو» الذي لا أسمح لنفسي بانتقاده لأني لم أشاهده، ولكني أشاهد المقاطع التي يتم انتقادها، مثل ظهور الممثلات بكامل أناقتهن وماكياجهن عند استيقاظهن، وعند وقوفهن في المطبخ.
أنت قدّمت أعمالاً مسرحية مقتبسة؟
طبعاً، نحن نقتبس من المسرح العالمي، من روسيا، إسبانيا، إنجلترا، ولكننا لا نقدمها بطريقة القص واللصق، ولا بترجمتها القديمة، لأن الجمهور لن يتقبّلها.
لا زال للمسرح ألقه، ولا زال له جمهوره في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، وفي ظل هجمة الدراما التلفزيونية؟
عشنا فترة رعب خلال جائحة «كورونا» من انتهاء دور المسرح، ولكن ما شهده هذا الموسم من عودة مسرحية قوية، ولهفة الجمهور لمشاهدته، أزال كل الرعب الذي عشناه.
لم تصوروا أياً من مسرحياتكم للتلفزيون؟
صوّرنا واحدة، ولكن شعرنا بعد ذلك أن المسرحية تخسر من قيمتها بعد تصويرها، خصوصاً وأن اللعبة المسرحية والإخراج المسرحي مختلف تماماً عن ذاك التلفزيوني، وعندما تُعرض المسرحية تلفزيونياً لا تأخذ حقّها ولا تعطى قيمتها..
ولكنها تنتشر بشكل أوسع؟
هذا صحيح، كل ما له علاقة بالتلفزيون انتشاره أكبر، ولذلك كان دوري (نورا) في مسلسل عودة غوار، مع الأستاذ دريد لحّام، الأكثر انتشاراً حتى اليوم، ولكن عندما نخاف على عملنا ونحاول المحافظة على قيمته الفنية، تسقط كل الاعتبارات الأخرى.
لذلك بقيت بمنأى عن السعي المستشرس وراء الشهرة؟
عندما اخترت كلية الفنون للدراسة لم تكن الشهرة هدفي، اليوم معظم الناس يريدون خوض مجال التمثيل حباً بالشهرة، بعيداً عن شغف المهنة، وهذا ما يجعل أغلبهم يقدّم التنازلات من أجل الوصول، أما أنا فلم أجد نفسي في أي مجال آخر، ولأني أحترم نفسي ومهنتي لا أستطيع تقديم أي تنازلات لأني أريد أن يشكّل اسمي علامة فارقة في تاريخي الفني.
* تصوير: ادي صليبا