ميرفا القاضي: أركز حالياً على مسرحية "شيكاغو بالعربي" وصرت انتقائية وسأصبح انتقائية أكثر
رحلة لا يستهان بها قضتها الفنانة اللبنانية الشابة ميرفا القاضي في عالم الأضواء بين عروض الأزياء والغناء والتمثيل، لم تغرها فيها الشهرة، التي أبت أن تكون على حساب المضمون الذي تقدمه.. اليوم وبعد وصولها إلى قناعة عدم إضاعة الوقت في هذه الحياة القصيرة، باتت أكثر انتقائية في أعمالها التي كان آخرها العمل المسرحي الغنائي الضخم«شيكاغو بالعربي»، عنه وعن أشياء أخرى تمحور لقاؤنا معها والذي سألناها فيه:
تعودين اليوم بزخم بعد طول غياب؟
لم أغب لأعود، قد أكون غبت عن شاشات الفضائيات اللبنانية المحلية، ولكنني كنت موجودة عبر المنصات الإلكترونية، ومع أم بي سي، عبر أعمال من بينها مسلسلا «الثمن» و«سفر برلك»، بالإضافة لإحيائي الكثير من الحفلات.
شاركت في مسلسل «الوسم» الذي عرض على منصة «شاهد»، والذي لاقى بعض الانتقادات بسبب مشاهد العنف التي أدخلها إلى المنازل؟
أصبحنا نعيش في عالم بشع جداً، والجيل الجديد بات يكبر على مشاهد العنف والقتل أينما كان، لدرجة فقد فيها الأطفال براءتهم وباتوا يتحدثون بلغة أبناء الثلاثين وما فوق، وما بدأنا بفهمه نحن اليوم فهموه هم في سن مبكرة جداً، كل هذا بسبب الهواتف التي يحملونها ومواقع التواصل الاجتماعي، في وقت فقدت فيه الرقابة، ولكن في مسلسل «الوسم» تحديداً فإنه يعالج قضية تتعلق بالمافيات الموجودة في كل مكان، وقد تطرق إليها كثير من الأعمال العربية والأجنبية التي شاهدها معظم الناس، فلم يكن ذلك بجديد على المشاهد، وهو تضمن رسائل تنبذ العنف، وأنا كنت ألعب فيه دور رئيسة مافيا تعمل في سلوفينيا.. شخصياً أحببت العمل وإخراجه الذي لامس مستويات الإخراج الغربي، كذلك أحببت عمل الفنان قصي خولي في الكتابة فيه، ولكنه عمل يحتاج لتركيز، فإذا فاتتنا حلقة قد نعجز عن فهم الباقي، وهذا ما كنا نفتقده بعض الشيء في الأعمال السطحية والسخيفة بعيداً عن حك الرأس، ليبقى كل شيء مرهونا بالأذواق المختلفة.
تواجدت في السباق الرمضاني؟
نعم، من خلال المسلسل التاريخي «سفر برلك»، وهذه هي المرة الأولى التي أؤدي فيها دوراً من هذا النوع، أكون فيه جاسوسة يهودية (شخصية سارة ارونسون) لها علاقة مع جمال باشا الذي لعب دوره الفنان عابد فهد، ولكن بعد رؤيتها المجزرة التي تسبب بها تقرر خيانة الأتراك لصالح الإنكليز في أحداث كثيرة تصل بعدها للقبض عليها وإعدامها.. وهذه هي المرة الأولى التي أتشرف فيها بالعمل مع المخرج المبدع الليث حجو، في عمل من إنتاج ضخم تم تصويره في أكثر من بلد، وأنا شخصياً صورت مشاهدي في مصر، والآن بعد شهر رمضان، ومع عودة مسلسل «الثمن» فإن لي ظهوراً ودوراً بدأتم تشاهدونه فيه.
وما قصة سلمى في «شيكاغو بالعربي»؟
سلمى فهمي، هي حلمي الذي يتحقق اليوم من خلال مسرحية «شيكاغو بالعربي» الموسيقية العالمية، فهي أطول عرض موسيقي قدم بتاريخ بروداي في العالم، وتقدم للمرة الأولى في العالم العربي في كازينو لبنان كمسرحية استعراضية تتضمن الغناء والرقص، في عمل يضم نحو 40 فناناً، ويتضمن رسائل تحكي عن تأثير مواقع التواصل والميديا على الرأي العام، من خلال نساء قتلن أزواجهن، ودخلن إلى السجن ليخبرن ماذا حصل معهن.. فيها خيانة، قدح وذم وفساد، وكم كان القضاة والمحامون فاسدين حينها ليستطيعوا تبرئة قاتلة، بالإضافة إلى أننا قمنا بعمل محاكاة لها معكوسة على الواقع اللبناني من خلال سكريبت كتبه منتج المسرحية روي الخوري وفؤاد يمين بشكل جميل جداً.
كان لا بد وأن تستمر الحياة، وأن نعمل على تحقيق طموحاتنا ولو بالمخاطرة
هذا العمل مغامرة، خصوصاً في هذه الظروف الصعبة؟
صحيح، وروي الخوري كان مصراً على تنفيذ المشروع منذ فترة، وقد عرضه علي منذ عامين، إلى أن حسم أمره على التنفيذ رغم كل الظروف الصعبة، ليس في لبنان وحسب، بل في كل العالم، مشيراً إلى أن جلوسنا بدون عمل لن يعيد إلينا أموالنا المنهوبة، ولن يعيد البلد إلى ازدهاره، وكان لا بد وأن تستمر الحياة، وأن نعمل على تحقيق طموحاتنا ولو بالمخاطرة، التي حملت أجواء إيجابية منذ اللحظة التي تم فيها الإعلان عن العمل حيث قاربت الحجوزات على النفاذ بعد عشرة أيام من الإعلان عن العمل.
كثير من الفنانين توجهوا إلى دول الخليج وتحديداً إلى المملكة العربية السعودية لعرض الأعمال الفنية؟
بدأنا العرض في لبنان، وبعده سيكون لنا جولة في أكثر من دولة لم نحددها بعد، ولكن المؤكد أنها ستكون في الدول التي تضم جاليات لبنانية.
العمل المسرحي يحتاج لالتزام، فهل أثر في التزاماتك الدرامية؟
لا أستطيع الالتزام بأي عمل درامي حالياً، خصوصاً وأني أحب إتقان عملي، وعندما وافقت على العمل في «شيكاغو بالعربي»، كنت مدركة بأني لن أستطيع الالتزام بأي عمل آخر لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، خصوصاً وأن العمل يتضمن الغناء والرقص والتمثيل، ويحتاج لكثير من التركيز والانضباط اليومي.
هل حققت لك هذه المسرحية حلماً من أحلامك الفنية الكبيرة؟
بالتأكيد، فهناك نجوم كبار في هوليوود، أمثال باميلا أندرسن، كاترين زيتا جونس، رينيه زيلويغر، ريتشارد غير، صوفيا الصعيدي لعبوا أدواراً في هذه المسرحية التي تم عرضها أكثر من مرة في الغرب، وكان يتم اختيار الممثلين فيها بدقة عالية.. ما قصدت قوله إن أي ممثل أو ممثلة يمكنهم لعب أي دور في أي فيلم أو مسلسل، ولكن هذه المسرحية لها اختيارات دقيقة جداً، ولذلك سأعطي كل ما عندي لأكون على قدر المسؤولية.
بدأت أنظر للحياة نظرة مختلفة، أريد أن أكون سعيدة بالعمل الذي أقوم به
هل يمكن القول بأن هذا العمل سيأخذك إلى مكان مختلف فنياً، وهل ستتغير خياراتك؟
خياراتي تغيرت بالأصل ووصلت لمرحلة رفضت فيها الكثير من الأعمال، لأنه لم يعد بذهني إضاعة المزيد من الوقت في هذه الحياة القصيرة، ولنكن واقعيين ليس كل ما يعرض من مسلسلات هي مسلسلات دسمة، والتصوير يستغرق أشهراً، وأنا بدأت أنظر للحياة نظرة مختلفة، أريد أن أكون سعيدة بالعمل الذي أقوم به، ولن أقبل بدور لا أقتنع به، ولا آخذ حقي فيه بنسبة مئة بالمئة، صرت انتقائية، وسأصبح انتقائية أكثر.
الأعمال المقتبسة تأخذ وقتاً أطول، قد يصل إلى حدود السنة وهي تلاقي رواجاً كبيراً
لا أعرف كيف يتم تقييم الأعمال الناجحة اليوم، وكيف يقيمون الشهرة التي لا ترتبط في كثير من الأحيان بالنجاح، فهناك أشخاص يقررون بلحظة أن يكون لديهم صفحات على مواقع التواصل يضعون عليها أشياء سوبر سخيفة، وبين ليلة وضحاها نجد أن لديهم ملايين المتابعين، ولكني شخصياً، ومنذ بدايتي في عالم عروض الأزياء إلى الغناء والتمثيل، لم أبحث يوماً عن الشهرة بل عن الأعمال التي أحبها والمقتنعة بها. واليوم زادت قناعتي هذه وأكثر، بحيث لا تعني لي أرقام المتابعين شيئاً خصوصاً وأن أغلبها مزيف، والشيء نفسه ينطبق على المسلسلات التي لا يعني «تكسيرها الدني» أنها ناجحة، وأن الممثلين فيها نجوم، لأننا أصبحنا نعيش عالم التسويق الذي إن رصد لعمل سوبر سخيف ينجح نجاحاً ساحقاً، في الوقت الذي يكون هناك عمل دسم وجميل لا يحظى بنفس التسويق، فلا يسمع عنه أحد...أصبحنا نعيش عالماً بشعاً، والأسوأ قادم، لأن السخافة هي الطاغية، في ظل التطبيقات المستحدثة التي تبيح كل شيء.. الناس أصبحت حشرية تبحث عن مصائب الناس وباتت تفضل الأشياء السطحية.
متشائمة أنت؟
مستقبل الفن لا يبشر بالخير، والوقت أصبح متأخراً لإصلاح ما فسد!!