كثيرة هي المشكلات الزوجية والأسرية التي تفرض نفسها على واقعنا الاجتماعي في كل البلاد العربية، وتتطلب مواجهة هادئة مستنيرة بتعاليم وتوجيهات شريعتنا الإسلامية الغراء التي أوجدت حلولا مثالية لكل المشكلات قبل تفاقمها.
التقينا العالم الأزهري د. حسن الصغير، أستاذ الشريعة الإسلامية ورئيس أكاديمية الأزهر العالمية لتأهيل الأئمة والدعاة، وسألناه:
هل من حق الزوجة مطالبة زوجها بتعويض في حالة الانفصال عما قدمته له من مساهمة براتبها في بناء المنزل وتربية الأولاد؟
أجاب العالم الأزهري د. حسن الصغير"الأصل في الشرع الحكيم هو استقلال الزوجة عن الزوج في ذمتها المالية، فالزوج هو المكلف شرعا بنفقة الزوجة والأولاد وإعداد المسكن، اللهم إلا ما طابت نفسها به مما شاركت به الزوج فيما هو مكلف به.
فإن كانت الزوجة قد شاركت زوجها على سبيل التعاون الخالص بينهما، فهذا تبرع منها بما قد أسهمت به في البيت والأولاد، وحينئذ فلا يحق لها الرجوع فيه، وإن ساءت العلاقة بينهما.
وأما إن كانت قد شاركته على سبيل الإقراض أو على سبيل الهبة المشروطة بدوام العشرة والرباط الزوجي، فحينئذ يجوز لها مطالبته بذلك، سواء في صورة كتابة جزء من البيت باسمها، أو في صورة استرداد لما شاركت به، لكن بعد إثبات ذلك القصد، وعلى الزوج ألا يتنكر لما قدمته زوجته بل يحسن به شرعاً ومروءة، وإن أراداً الانفصال أن يبادر هو إلى مكافأة زوجته على ما سبق أن تعاونت معه فيه، بإعطائها مؤخر صداق مناسب، وبتوفير مسكن مناسب لها؛ إذ لا يليق بالمسلم أن يأكل زوجته لحماً ثم يرميها عظما، وعلى الأولاد أن يقوموا بواجبهم نحو والدتهم، ولا سيما أنهم كانوا مصرفاً من مصارف زهرة شبابها ونتاج كدها وتعبها وسنين حرمانها".