وصف العالم الأزهري د. أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء ورئيس جامعة الأزهر الأسبق، العنف ضد النساء والذي تنامى في عالمنا العربي في السنوات الأخيرة بأنه من عادات الجاهلية الأولى، وهو دليل «ضعف إيمان وانحدار أخلاق»، وقال «من العبث ممارسة هذا العنف تحت شعارات دينية، فالشريعة الإسلامية كفلت للمرأة كل حقوقها ونظمت علاقتها بزوجها على أفضل ما يكون التنظيم، بحيث تؤدي دورها، وتحقق رسالتها وتكون أداة استقرار وطمأنينة في المجتمع.. وبالتالي لا يجوز شرعاً إيذائها نفسياً أو بدنياً، كما لا يجوز إهدار حقوقها الشرعية والتي عددتها الشريعة وجرمت كل سلوك ينافي ما قررته وحثت عليه».
via GIPHY
"الغاية المنشودة من الحياة الزوجية هي السكن والمودة والرحمة بين الزوجين وليس العنف"
وطالب العالم الأزهري د. أحمد عمر هاشم كل الرجال التعامل مع نسائهم بمنظور الإسلام الوسطي وليس بمنطق العادات والتقاليد المتوارثة والعالقة بعقول كثير من الرجال.. وأكد «بعض هذه العادات والتقاليد ظالم للمرأة ومعوق لرسالتها ومهدر لحقوقها الشرعية».
وأضاف" ديننا الحنيف يرفض ويدين كل أشكال العنف ضد المرأة،ف لقد أوضح لنا الخالق سبحانه أن الغاية المنشودة من الحياة الزوجية هي السكن والمودة والرحمة بين الزوجين وليس العنف والشقاق وهذا واضح من قوله سبحانه: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة».. وكان من آخر وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أمور حيث قال: «الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانكم لا تكلفوهم ما لا يطيقون، الله الله في النساء فإنهم عوان في أيديكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله».
كما يوضح "رسولنا الكريم أعطى للرجال القدوة والمثل في حسن معاملة النساء، فكان يداعب زوجاته ويلاعبهن تطييباً لقلوبهن، حتى أنه صلى الله عليه وسلم كان يسابق عائشة في العدو ـ أي الجري ـ فسبقته يوما وسبقها في بعض الأيام، فقال عليه الصلاة والسلام: «هذه بتلك».. ومن هنا يجب أن يعلم كل رجل أن العنف ضد المرأة من عادات الجاهلية الأولى.
معاشرة الزوجة بالإكراه أمر مرفوض شرعًا
ويؤكد د. أحمد عمر هاشم "الشريعة الإسلامية نظمت العلاقة الجنسية بين الزوجين تنظيماً دقيقاً وجعلت الاستمتاع حقاً للطرفين، لا سلطان لأحد فيه، فالمرأة من حقها الاستمتاع بزوجها كما أن من حق الزوج الاستمتاع بزوجته، ولذلك أفاض الفقهاء قديماً وحديثاً في بيان الأحكام الشرعية المتعلقة بالاستمتاع بين الزوجين.
لكن الملاحظ أن بعض الرجال أو كثيرا منهم يسيئون استخدام هذا الحق، وفهموا الأحاديث النبوية التي تحث المرأة على الاستجابة لزوجها لإشباع رغباته المشروعة وكفه عن الحرام فهماً خاطئاً.. بل إن بعض الذين يتصدون للفتوى دون علم كامل بأبعاد وجوانب وتداعيات ما يتحدثون فيه، أباحوا للرجل قهر زوجته في الفراش ومعاشرتها رغم أنفها ودون النظر لاحتياجاتها النفسية وظروفها وأحوالها الجسدية.. وهذا أمر مرفوض من الناحية الشرعية ولا يمكن أن تقره شريعة الإسلام، وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حديثه الصحيح: «إذا دعا الرجل المرأة إلى فراشه ثم أبت باتت تلعنها الملائكة حتى يرضى» فإن هذا الحديث يحمل توجيها للمرأة باتباع الأسلوب الصحيح في التعامل مع حق من حقوق الزوج، وهذا الحديث لا يعني أن يجبر الرجل زوجته على معاشرته وهي في غير حالتها المزاجية أو الصحية.
والخلاصة أن الشريعة الإسلامية ترتقى دائما وتسمو بالعلاقة الحميمة بين الرجل وزوجته وقد رسمت لها طريقا سويا يحقق مطالب الزوجين النفسية والجسدية بعيدا عن العنف والإكراه.
وأضاف "لابد أن يدرك كل الرجال أن التعامل الإنساني الراقي مع المرأة هو علامة رجولة، ودليل حسن تربية، ومؤشر صحيح لخيرية الإنسان وإيمانه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم».