من المعروف والمستقر شرعاً أن خصوصيات بيت الزوجية مصانة ومحمية بتعاليم وآداب الإسلام، كما أنها محمية بحكم التقاليد الراسخة التي تربينا عليها في عالمنا العربي، لكن تجاوز تعاليم الدين وتوجيهاته، وكسر التقاليد العربية الراسخة، أدى إلى شيوع العنف الأسري الذي نعاني منه الآن، والذي وصل الى معدلات مرتفعة للجرائم الأسرية في العديد من مجتمعاتنا العربية.
أسرار غرف النوم شأن خاص بالزوجين، ولا يجوز كشفها إلا عند حدوث مشكلة
تصف د. سعاد صالح، أستاذة الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر- فرع البنات، العلاقة بين الزوجين بـ«الأمانة» التي يجب على كل منهما أن يصونها «لا يوجد إنسان عاقل، سواء أكان رجلاً أو امرأة، لديه مروءة وكرامة وشهامة يتحدث مع زملائه في العمل، أو أشخاص لم يرهم ولا يعرفهم سوى من خلال غرف الدردشة، عن علاقته بزوجته وما يحدث بينهما في غرف النوم، فأسرار غرف النوم شأن خاص بالزوجين، ولا يجوز كشفها إلا عند حدوث مشكلة مستعصية على الحل، فيكون كشف هذه الأسرار لمن يتدخل بالإصلاح أو إنهاء المشكلة وفى أضيق الحدود».
وتنصح د. سعاد صالح كل من الزوجين بالتخلق بخلق «الحياء» فيما يخص علاقتهما الشخصية، وتؤكد أن الحياء يحمى العلاقة الزوجية، وهذا الحياء لا يمنع من عرض مشاكلهما الخاصة على «أهل الذكر» من المتخصصين في الشؤون الطبية أو الدينية أو الأسرية، للاستفادة من خبراتهم والاسترشاد بنصائحهم، وهذا الأمر ليس مباحا فقط، بل هو مرغوب شرعا، والقرآن الكريم فتح لنا هذا الباب واسعا عندما قال الحق سبحانه وتعالى «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون»، لكن لكل شيء ضوابط وقواعد يجب الالتزام بها، حتى لا تتحول الإباحة في أمر ما إلى فوضى، فيجوز لكل من الرجل والمرأة أن يعرض مشكلته، أو ما يعاني منه مع شريك حياته، لكن في إطار قيم الإسلام وأخلاقياته التي تؤكد على ضرورة الالتزام بالعفة والحياء والوفاء، وعدم كشف الأسرار الخاصة جدا بين الزوجين.
وأكدت د. سعاد «في إطار الالتزام بالضوابط والقواعد الشرعية لا حرج من مناقشة مثل هذه القضايا في برامج يشاهدها الناس عامتهم وخاصتهم، فالمشكلة المعروضة في برنامج تلفزيوني أو فضائي قد تخص سيدة أو رجلاً، لكنها تنطبق على أحوال كثير من المشاهدين والمشاهدات، وعندما تعرض حلول أو تقدم نصائح، أو تذكر أحكام شرعية، بالتأكيد يستفيد منها الجميع، المرفوض هو الأسلوب المثير الذي تعرض به المشكلات والهموم الجنسية بين الزوجين في كثير من البرامج، ولذلك ندعو إلى ضرورة الحرص على الحياء والالتزام بالعفة، ونؤكد أن الإسلام بأخلاقياته وآدابه لا يجد حرجاً في عرض ما يخص هذا الجانب، والشريعة الإسلامية تتعامل مع الإنسان من خلال نظرة شاملة، فالإسلام يتعامل مع الإنسان ككيان مادي ويستجيب لحاجاته ومطالبه، فيوفر له المأكل والمشرب والملبس والجنس، ويجند طاقاته لتوظف في تعمير الأرض، وتشييد الحضارات. ولذلك نحن دائما ننصح بضرورة الالتزام بما جاءت به شريعة الإسلام من أحكام وتشريعات وآداب لتنظيم العلاقة بين الناس عامة وعلى المستوى الأسري خاصة».
اقرأ أيضًا: الأزهر: كشف أسرار العلاقة الزوجية جريمة محرمة شرعًا