10 يناير 2021

د. هدى محيو تكتب: هل سيحررنا اللقاح؟

أستاذة وباحثة جامعية

د. هدى محيو تكتب: هل سيحررنا اللقاح؟

هل حقاً أن اكتشاف لقاح ضد «كورونا» سيحررنا أخيراً من الجائحة، ويعيدنا إلى حياتنا الطبيعية التي كادت أن تصبح ذكرى جميلة نأسف عليها؟

يؤكد الخبراء أن اكتشاف لقاح آمن وفعّال سيكون البداية وليس النهاية، والسبب هو أنه ما من لقاح فعال مئة في المئة، وبعضهم فقط يؤمّن مناعة على مدى الحياة. فإذا ما نظرنا إلى اللقاح ضد الحصبة مثلاً، وهو من أفضل اللقاحات للوقاية ضد المرض، نجده فعالاً في 97 في المئة من الحالات، ويجب أن يعطى مرتين فقط، في حين أن اللقاحات ضد الإنفلونزا تتصف بنصف فاعلية، ويجب تكرارها كل سنة. لهذه الأسباب قد يكون الجيل الأول من اللقاحات ضد «كورونا» متوسط الفاعلية.

ولكن ما هي فاعلية اللقاحات «المتوسطة»؟

هي قد تحدّ من خطورة الفيروس من دون أن تحول دون انتشاره، وهي بالتالي قد تساعد في إنقاذ الكثيرين من المصابين به، لكنها لن تجعله يختفي ببساطة. فالبشر قد اكتشفوا لقاحات ضد نحو اثني عشر فيروساً، ولكن وحده فيروس الجدري قد قُضي عليه عن وجه الأرض بعد خمسة عشر عاماً من التنسيق العالمي والتلقيح الشامل.

ويؤكد الخبراء أنه من دون لقاح «كامل الأوصاف»، وهو أمر نادر الحدوث إلى حد كبير، ستظل الإصابات بـ«كورونا» قائمة. وهذا يعني أنه مع لقاح أو بدونه، سنحتاج إلى علاجات أخرى مما يقوم العلماء بتطويره من أدوية مضادة للفيروسات تعطى للمريض بعد إصابته، وأدوية الأجسام المضادة التي تقلد الاستجابة المناعية للمصاب الذي شفي من المرض، والأدوية الضابطة لجهاز المناعة التي لا توقف الفيروس عن التكاثر، ولكن تحمل جهاز المناعة على عدم الرد بعنف على المرض.

ما من علاج من العلاجات المذكورة سيكون كافياً وحده، كما يرجح العلماء، لكنها ستكون معاً وبمساعدة اللقاح، قادرة على خفض نسبة الوفيات، والحد من انتشار الجائحة في أرجاء المعمورة.

ما الذي ينتظرنا في هذه الأثناء؟ وما الذي يجب أن نتوقعه؟

يقول فريق من علماء الأوبئة في جامعة هارفارد، إن خط سير الجائحة في السنوات المقبلة يعتمد إلى حد كبير على فترة المناعة الطبيعية التي سنكتسبها من اللقاحات والأدوية، أو من قدرتنا على الشفاء من «كورونا». فإذا كانت المناعة دائمة، فقد يختفي الفيروس في غضون سنوات، ما لم تحدث له طفرات تغيّـر من طبيعته. وفي حال لم تكن المناعة دائمة فإن الفيروس سيطيب له البقاء بيننا، تماماً كالإنفلونزا، لنشهد انتشاراً له مرة أو مرتين في السنة، بحسب المدة التي تدوم فيها مناعتنا. بكلمات أخرى، سنضطر على الأرجح أن «نتعايش» مع هذا الفيروس طوال حياتنا.