19 ديسمبر 2020

د. هدى محيو تكتب: في خضم جائحة لا تنتهي

أستاذة وباحثة جامعية

أستاذة وباحثة جامعية

د. هدى محيو تكتب: في خضم جائحة لا تنتهي

من السهل أن تشعر بالتوتر أو ببعض الاكتئاب وأنت تقرأ أو تشاهد خبراً تلو الآخر في أيام «كورونا» المشؤومة هذه مضافاً إليها أخبار العالم المؤرقة الأخرى. ويتساءل المرء عن الطريقة التي يستطيع فيها أن يحفظ توازنه النفسي في خضم هذه الرياح الاجتماعية والسياسية والصحية التي تعصف بنا.

صحيح أننا نود أن نعرف ماذا يجري في بلداننا وفي العالم لكن لا نود أن تصير هذه المعرفة مصدر حزن وتوتر دائمين، فما العمل؟ 
في الحقيقة، كل واحد منا يجد طريقته الخاصة في الحل. فبعضهم يكثف متابعة الأخبار أو يخففها تبعًا لما يتاح إليه من وقت ومن موارد داخلية لاحتمال ما يراه أو يسمعه. فالتعرض الدائم للأحداث المؤرقة بإمكانه أن يجعل جسمنا يفرز هرمونات ضارة تحمل آثارًا طويلة المدى على صحتنا.

قد يتمكن الجسم من التعامل مع الأحداث العارضة ليستعيد توازنه، لكن تكرار حالات الهلع والتوتر والخوف وتواترها قد يضع الجسم في حالة تأهب دائم ويتسبب بنتائج مختلفة من أرق ونقص في الذاكرة ومشكلات هضمية وحتى أمراض قلبية.
وقد يلجأ بعض الناس المفرطي الحساسية إلى حجب أنفسهم عن الأخبار في حين يتعامل بعضهم الآخر مع حساسيتهم تجاه الخطر بالتركيز الدائم على الأخبار كطريقة للسيطرة على قلقهم. وثمة فئة تعرّض نفسها لما يكفي من أخبار حتى تظل مطلعة على المهم منها من دون أن تلتصق التصاقًا دائمًا بأي نوع من الشاشات، سواء التلفزيونية أو الهاتفية. 

وفي الواقع، إن الاهتمام بالنفس في هذه الأيام الصعبة يبدأ بمعرفة حدود هذه النفس وما تستطيع أن تتحمله من دون أن تشعر أن ما تسمعه يُطبق عليها ويفقدها فرح الحياة الذي هو الدافع الأساسي في كل ما نقوم به. 

وإذا كان الاهتمام بالنفس هو الخطوة الأولى لحمايتها، بيد أن حماية النفس تمر كذلك عبر الاهتمام بالآخرين. كثرة المصائب والروائز تجعلنا نشعر بالعجز وجائحة كتلك التي تصول وتجول في هذا العالم لا تترك لنا مجالاً كبيرًا للشعور بأننا قادرين على السيطرة على أي شيء من حولنا.

ومع هذا، نحن نستطيع في المقابل أن نسيطر على الطريقة التي نتعامل بها مع الأخبار السيئة المنتشرة حولنا. وواحدة من الطرق التي تقضي على الشعور بالعجز هو أن نكون جزءاً من الحل بدل أن نكون جزءًا من المشكلة. ولربما كان باستطاعتنا أن نساهم مساهمة إيجابية في مجتمعنا عبر عملنا أو تطوعنا أو الاهتمام بأسرتنا وجيراننا وأصدقائنا أو مساعدة من هم بحاجة إلى مساعدتنا. فأعمال المحبة والخير الصغيرة هي الرافعة الأكبر لمعنوياتنا ولمعنى وجودنا.

 

مقالات ذات صلة