13 مارس 2021

إنعام كجه جي تكتب: أمنيتي الساذجة

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس.

إنعام كجه جي تكتب: أمنيتي الساذجة

سألتني صحفية مصرية شابة «ماذا تمنيت في اليوم العالمي للمرأة؟» قلت لها، بصراحة، إنني لا أحب كثيراً هذه المناسبة. لكن بما أنها طرحت السؤال، فقد دارت في بالي أمنيات كثيرة. تراجعت كل الأمنيات أمام واحدة: أن تنقرض الحروب من العالم.
كنت أجيبها كعراقية من بلد ذاق الويل. وكان مشهد نساء مدينة الناصرية يرتسم أمام عيني. لقد وقفن في المساحة الفاصلة بين الشباب المحتجين والقوى التي كانت تقمعهم وتنهال عليهم بالعصي. لا أحد يكتوي بنار النزاعات المسلحة مثل والدة تفقد فلذة كبدها.

هل يمكن للنيران أن تخبو في هذه الكرة الأرضية وأن تعود الجيوش إلى ثكناتها ويفطر الجندي من خبز أمه، لا من أرغفة العسكر، ويرتاح على صدرها؟

في أول وعيي، كانت تسحرني قصص البطولات وحكايات النساء الريفيات في سنوات العشرين من القرن الماضي، حين هبّت انتفاضة في العراق ضد الإنجليز. سموها ثورة العشرين نسبة إلى العام الذي حدثت فيه. وقد سجلّت تلك الفترة أول ظهور سياسي للمرأة العراقية في العصر الحديث. كانت تدعم المنتفضين وترتجل الهتافات والأهازيج الشعبية لإذكاء الحماسة وتخرج من كوخها لتستقبل الشهداء بالزغاريد. 

وحين وصل الخبر إلى أحدى الأمهات بأن اثنين من أبنائها قد لقيا حتفيهما، حاول البعض مواساتها بالقول: «ليتك لم تتعبي وتربّي». وردت صارخة: «بل ربيت وتعبت وكبّرتهما لمثل هذا اليوم».

كانت عيني تدمع وأنا أقرأ تلك الحكايات. مثلما تدمع وأنا أتابع صور الأمهات الفلسطينيات يزغردن في جنازات أبنائهن. لكن السؤال «الممنوع» يلحّ عليّ: هل تستحق السياسة آلام الثكل؟ وإلام تحترق قلوب الأمهات في أرجاء العالم، بسبب حرائق مصيرها إلى رماد؟

السلام أمنيتي. مع كامل إدراكي بسذاجة الأمنية.

 

مقالات ذات صلة