4 أبريل 2021

تفاصيل مثيرة عن الرحلة الأخيرة لمومياوات مصر الذهبية

محرر متعاون من القاهرة

محرر متعاون من القاهرة

تفاصيل مثيرة عن الرحلة الأخيرة لمومياوات مصر الذهبية

بدا ميدان التحرير وسط العاصمة المصرية، أقرب ما يكون الى نقش فرعوني، ومسلته العالية تبرق تحت الأضواء في تلك الليلة الساحرة، التي توقفت فيها الحياة لنحو ساعتين في مصر، لمتابعة وقائع تلك الاحتفالية الكبرى، التي نظمت في مناسبة الانتقال الرابع للمومياوات الذهبية، ولم تخل من دلالات سياسية، إلى موقعها الجديد بقاعة المومياوات الملكية بالمتحف المصري للحضارة.

تفاصيل مثيرة عن الرحلة الأخيرة لمومياوات مصر الذهبية

وتسمر الملايين أمام شاشات التليفزيون، في المقاهي والبيوت على حد سواء، لمشاهدة تلك العروض المبهرة، التي صاحبت عملية النقل، التي تابعتها أكثر من 400 وكالة ومحطة فضائية دولية، وقدمت خلالها مصر، عبر فيلم تسجيلي تم بثه بالتزامن مع تحرك الموكب الملكي من متحف التحرير، سياحة شديدة التميز والابهار، لحضارتها التي تضرب في عمق التاريخ.

كانت ليلة الجمعة الماضية، هي الليلة الأخيرة التي قضاها الفرعون "يويا" حامل ختم الملك، بالقرب من مومياء ابنته الملكة "تي"، قبل أن تغادر الملكة الشابة، ذات الشعر المنسدل، التي أشعلت دهشة العالم في الأيام الأخيرة، ركنها القصي في المتحف المصري بالتحرير، لتتقدم طابور الملكات الأربع اللاتي غادرن المتحف العتيق، ضمن موكب المومياوات الذهبية، إلى المستقر الأخير في متحف الحضارة المصرية بالفسطاط.


تفاصيل مثيرة عن الرحلة الأخيرة لمومياوات مصر الذهبية

لماذا تصدرت الملكة "تي" قائمة الملكات؟

تصدرت الملكة "تي"، قائمة الملكات اللاتي غادرن متحف التحرير ضمن الموكب الذهبي، متقدمة على نظيراتها اللاتي خلدهن التاريخ، بدأ من حتشبسوت، وميريت أمون، وأحمس نفرتاري، وهو تكريم مستحق لملكة وصفت في عشرات من النقوش والتدوينات الفرعونية القديمة بـ"المثقفة الجميلة" و"صاحبة الشخصية القوية"، وهو ما جعلها بحق واحدة من أشهر الملكات اللاتي ظهرن في مصر القديمة، في عصر الأسرة الثامنة عشر، نظرا للدور الكبير الذي لعبته في إدارة شؤون البلاد، جنبا إلى جنب مع زوجها الملك أمنحتب الثالث، ومن بعده ابنها الملك أمنحتب الرابع، وهو ما تجلى بوضوح في تلك المكانة المتميزة التي تمتعت بها، على خلاف نظيراتها من الملكات في الحضارة الفرعونية القديمة، وهو ما يبدو في عشرات التماثيل التي نحتها لها زوجها، ولا تزال باقية بنفس الحجم الذي كان ينحت بها تماثيله، على عكس غيرها من الملكات اللاتي كانت تماثيلهن تنحت دائما بأحجام أصغر.

تفاصيل مثيرة عن الرحلة الأخيرة لمومياوات مصر الذهبية

قضي الوزير "يويا" ليلته وحيدًا، بعد قرون طويلة، لم تفارقه خلالها مومياء ابنته الأثيرة الى قلبه، إذ ظل ملازما لها أثناء الحياة، وما بعد الموت، بل أنه كان سببا رئيسيا في الكشف عن شخصيتها، عندما تم اكتشاف المومياء الخاصة بها في نهايات القرن الماضي، داخل غرفة سرية بمقبرة الملك أمنحتب الثاني، وهو ما يرجح حسبما يذهب آثاريون الى أن مقبرتها الاصلية تعرضت للسرقة والنهب، ما دفع كبار الكهنة في مصر القديمة، إلى نقل موميائها إلى تلك الغرفة السرية التي حفرت على بعد أمتار من قبر زوجها الملك أمنحتب الثاني.

متحف الحضارة يستقبل أشهر فراعنة خبيئة الدير البحري

تفاصيل مثيرة عن الرحلة الأخيرة لمومياوات مصر الذهبية

لم يكن "يويا" هو الوحيد الذي هجره النوم، في تلك الليلة المبهجة، التي أحيت في نفوس قطاعات واسعة من المصريين، عظمة الأجداد وحضارتهم الضاربة في عمق التاريخ، تلك التي كشفت جانبا كبيرا منها، "خبيئة الدير البحري" التي اكتشفتها بمحض الصدفة، إحدى عائلات قرية القرنة غرب الأقصر، في عام 1881، وضمت عشرات من التوابيت والمومياوات والأثاث الجنائزي، الخاص بعدد من الملوك والكهنة، ومن أبرزهم عدد من ملوك الموكب الذهبي، وعلى رأسهم امنحوتب الثالث، وسقنن رع، وأحمس، وتحتمس الثالث، وامنحوتب الثاني.

تفاصيل مثيرة عن الرحلة الأخيرة لمومياوات مصر الذهبية

لعبت الصدفة دورا كبيرا في الكشف عن المومياوات الذهبية نهاية القرن الثامن عشر، فهي التي قادت وحدها ثلاثة من الأشقاء، ينتمون الى عائلة "عبد الرسول"، وهي واحدة من أشهر العائلات التي تخصصت في التنقيب عن الآثار في صعيد مصر خلال تلك الفترة، وتقول القصة المتداولة بين أهالي القرنة، إن الأشقاء الثلاثة عثروا على هذا الكنز الضخم في منطقة الدير البحري، وأنهم تكتموا سر هذا الكنز الكبير لسنوات، قبل أن يفتضح أمره، بعدما وصلت احدي القطع الأثرية التي كانوا يختلسونها على فترات من المقبرة الكبيرة، الى أحد الخبراء المولعين بالآثار المصرية، فظل يتقصى أمرها، حتي وصل الى عائلة "عبد الرسول" في الأقصر، وساوم الأشقاء الثلاثة ليدلوه على مكان الكنز، مقابل مبلغ مالي ضخم، لكنهم رفضوا ما دفعه الى ابلاغ السلطات المصرية عنهم، وقد تعرض الأشقاء الثلاثة حسبما تروي القصة لضغوط شديدة، حتي يعترفوا علي مكان الخبيئة، قبل أن يحسم أحدهم الأمر بعد فترة، ويرشد عن مكانها في عام 1881.

تفاصيل مثيرة عن الرحلة الأخيرة لمومياوات مصر الذهبية

الاحتفال الأول من نوعه

على مدار نحو ساعتين، تابع العالم وقائع نقل المومياوات الذهبية، إلى مقرها الجديد في متحف الحضارة بمنطقة الفسطاط، وهو الاحتفال الأول من نوعه الذين يليق بمكانة هؤلاء الفراعنة العظام، الذين خضعوا لأربع عمليات نقل سابقة، تمت في هدوء شديد، ربما كان أولها تلك العملية التي تسجلها كتب التاريخ، والتي تمت في نهاية الدولة الحديثة، في عهد الأسرة الواحدة والعشرين، عندما قام "حريحور" الكاهن الأكبر للإله آمون، بنقل جثامين هؤلاء الملوك العظام، إلى المقبرة التي عرفت باسم "خبيئة الدير البحري"، لحمايتهم من عمليات النبش وسرقة القبور، التي انتشرت في تلك الفترة، وقد عزز حريحور تلك المقبرة، بالعديد من الحيل لضمان سلامتها، قبل أن تكتشف بعد مرور أكثر من 2800 عام بمحض الصدفة، ويتم نقل المومياوات في بادئ الأمر إلى مقر المتحف المصري بحي بولاق، لتظل هناك فترة من الزمن، ثم يتم نقلها إلى متحف الجيزة، ومن بعده إلى المنطقة المعروفة حاليا بضريح سعد زغلول في حي السيدة زينب، لتستقر بعدها لنحو قرن ونصف القرن، في المتحف المصري بالتحرير بعد افتتاحه عام 1902.

تفاصيل مثيرة عن الرحلة الأخيرة لمومياوات مصر الذهبية

في الثامنة من مساء السبت الماضي، دقت طبول أوركسترا القاهرة السيمفوني، ليغرق ميدان التحرير في غبشة الأضواء الخافت، وتتحرك فرق الموسيقات العسكرية من أمام المتحف المصري، إيذانا ببدء الاحتفال بالموكب الملكي، ولم تمر سوى دقائق، حتى سلطت الأضواء المبهرة على بوابة المتحف الرئيسية، لتتقدم الصفوف عجلة حربية، ومن خلفها يخرج طابور المومياوات الملكية، تتصدره مومياء الملك "سقنن رع"، حاكم طيبة القديمة، وأول من بدء حرب التحرير ضد الهكسوس، قبل أن ينهي ابنه أحمس الأول وجودهم في مصر للأبد.

تفاصيل مثيرة عن الرحلة الأخيرة لمومياوات مصر الذهبية

تولي الملك سقنن رع حكم مصر، وهو من ملوك الأسرة السابعة عشرة، في وقت عصيب، إذ كانت البلاد ترزخ تحت احتلال الهكسوس، على نحو لم يبق من أرض مصر المستقلة، سوى شريط ضيق في الصعيد، يمتد من القوصية في محافظة أسيوط، إلى منطقة إلفنتين في أسوان، وتروي العديد من النقوش في معابد مصر القديمة، قصة هذا الصراع المستعر لتحرير البلاد، فتصور سقنن رع، وهو يحارب ملك الهكسوس "أبيبى" في أولى معارك حروب التحرير، بعد أن أرسل إليه الأخير برسالة مستفزة، يشكو فيها من أصوات أفراس النهر، التي تسبح في البحيرة المقدسة بمعبد الإله آمون، في منطقة طيبة، وكيف أنها باتت تزعج ملك الهكسوس، وتمنعه من النوم في عاصمته البعيدة أواريس، التي كانت تقع في دلتا النيل، وتبعد مئات الكيلو مترات عن طيبة!

تفاصيل مثيرة عن الرحلة الأخيرة لمومياوات مصر الذهبية

وتذهب كثير من الدراسات الحديثة، الى أن الملك سقنن رع، ربما يكون قد قتل وهو في الأربعينيات من عمره، في معارك التحرير، وهو ما تؤكده الأشعة المقطعية التي أجريت قبل سنوات لمومياء الملك، وكشفت عن تعرضه لضربات في الرأس والوجه، فضلاً عن إصابته بجروح قاتلة، وهو ما يكشف عن دور بطولي في مواجهة الهكسوس أثناء احتلالهم لمصر، قبل أن يكمل ابنه أحمس الأول، حرب التحرير وينهي وجودهم في البلاد.

تفاصيل مثيرة عن الرحلة الأخيرة لمومياوات مصر الذهبية

قضي المصريون نحو ساعتين من البهجة، وهم يتابعون وقائع النقل المبهر، للمومياوات الذهبية، إلى القاعة المخصصة لهم في متحف الحضارة، قبل أن يصل الركب إلى رحلته الأخيرة في منطقة الفسطاط، وتطلق المدفعية 21 طلقة، تحية وتكريمًا للفراعنة العظام.

قائمة المومياوات الذهبية:

  • الملك سقنن رع الثاني، عصر الأسرة 17 (1550-1539 ق.م).
  • الملكة أحمس نفرتاري، زوجة الملك أحمس عصر الأسرة 18.
  • الملكة ميريت آمون زوجة الملك آمنحتب الأول عصر الأسرة 18.
  • الملك أمنحتب الأول، عصر الدولة الحديثة الأسرة 18 (1525-1504 ق.م).
  • الملك تحتمس الأول عصر الدولة الحديثة الأسرة 18 (15501292 ق.م).
  • الملك تحتمس الثاني عصر الدولة الحديثة الأسرة 18 (1492 -1479 ق.م).
  • الملكة حتشبسوت عصر الدولة الحديثة الأسرة 18 (1479 – 1458 ق.م).
  • الملك تحتمس الثالث عصر الدولة الحديثة الأسرة 18 (14791425 ق.م).
  • الملك أمنحوتب الثاني عصر الدولة الحديثة الأسرة 18 (1428-1397 ق.م).
  • الملك تحتمس الرابع عصر الدولة الحديثة الأسرة 18 (1397-1388ق.م ).
  • الملك أمنحوتب الثالث عصر الدولة الحديثة الأسرة 18
  • الملك سيتي الأول عصر الدولة الحديثة الأسرة 19 (1290-1279ق.م).
  • الملك رمسيس الثاني عصر الدولة الحديثة الأسرة 19 (1279 – 1213 ق.م).
  • الملك مرنبتاح عصر الدولة الحديثة الأسرة 19 (1213 – 1203 ق.م).
  • الملك سيتي الثاني خلف الملك مرنبتاح على العرش
  • الملك رمسيس الثالث عصر الدولة الحديثة الأسرة 20 (1183-1152 ق.م).
  • الملك رمسيس الرابع عصر الدولة الحديثة الأسرة 20 (1152-1145 ق.م).
  • الملك رمسيس الخامس عصر الدولة الحديثة الأسرة 20 (1145-1142 ق.م).
  • الملك رمسيس السادس عصر الدولة الحديثة الأسرة 20 (1143-1136 ق.م).
  • الملك رمسيس التاسع عصر الدولة الحديثة، الأسرة 20 (1125-1107 ق.م).

* تصوير – أحمد حماد

اقرأ أيضًا: أسرار وخفايا قصر البارون

 

مقالات ذات صلة