29 أبريل 2021

د. هدى محيو تكتب: «كورونا» وجواز سفره

أستاذة وباحثة جامعية

أستاذة وباحثة جامعية

 د. هدى محيو تكتب:«كورونا» وجواز سفره

كان من المفترض بوباء «كورونا» الذي اجتاح الكوكب بأسره أن يوحد البشر جميعهم لمحاربته والتصدي له، لكن العكس هو ما حصل، فما من مسألة متعلقة بـ«كورونا» إلا وأثارت الجدل والانقسامات والتحديات.

بادئ ذي بدء كانت الكمامة التي اندفع بعضهم إلى ارتدائها وتردد البعض الآخر فيما نزل البعض الأخير إلى الشوارع محتجاً عليها بذريعة الحرية الشخصية.

ثم تلاها إجراءات الحجر التي التزمها البعض وخرقها البعض الآخر وتظاهر ضدها البعض الأخير لدوافع تأمين القوت اليومي والدفاع عن النمو الاقتصادي. 

ثم جاء اللقاح الذي من المفترض به أن يكون المنقذ من «كورونا»، وهنا أيضاً اختلف الناس بين مسارع لتلقيه وبين رافض له إما خوفاً أو عدم إيمان أو أيضاً لإيمانه بنظرية المؤامرة.

أما موضوع الخلاف الذي يلوح في الأفق بشدة حالياً فهو إصدار جوازات سفر «كورونا» تثبت أن صاحبها قد تلقى اللقاح مما يخوله السفر بالطائرة وولوج أماكن العمل ومختلف التجمعات والمطاعم ومرافق الحياة الاجتماعية العامة. 

ويحظى هذا الموضوع حالياً بدراسة ونقاش في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وفي قطاع شركات الطيران والسياحة حول العالم. 

من المؤكد أن لجواز سفر «كورونا» جوانبه الإيجابية، فهو قد يساعد اقتصادات العالم على الانطلاق بعد سبات وتراجع شديدين ويخوّل الأسر الاجتماع والتلاقي مجدداً ويفتح الباب مرة أخرى للنشاطات الرياضية والثقافية واللقاءات الاجتماعية والسفر عبر العالم بحرية. كما ستتمكن قطاعات العمل من معاودة نشاطها من دون تهديد حياة موظفيها أو زبائنها. ما يعني باختصار أن جواز سفر «كورونا» يشكل إلى درجة ما، عودة إلى الحياة الطبيعية. 

بيد أن هذه الوثيقة، اليوم، وقبل تعميم اللقاح على جميع الناس والبلدان، ستؤدي إلى تقسيم العالم شقين: من تلقوا اللقاح ومن لم يتلقوه بعد، أي أن الثغرة الاجتماعية والاقتصادية والعرقية ستزداد عمقاً، لأن كل الامتيازات التي سبق ذكرها ستكون من حصة من تلقى اللقاح بسرعة وكثافة، أي أنها ستكون من حصة العالم الغربي أساساً والدول الغنية. وقد تمضي سنتان أو ثلاث سنوات قبل أن تحصل الدول الفقيرة على الكميات الكافية لها من اللقاح وهو أمر من شأنه أن يزيد حرمانها ويمنع مواطنيها من السفر ويعيق انتعاشها الاقتصادي.

وخلاصة القول إن العالم المنقسم على ذاته بين الملقحين أصحاب الجوازات وغير الملقحين الذين ينتظرون الفرج يَعِد بعودة الفرح إلى قلوب بعض الناس لكنه يطرح في الوقت ذاته إشكاليات تقنية وأخلاقية عميقة جداً.

هل تلقيت اللقاح؟

 

مقالات ذات صلة