باشرت دولة الإمارات حملتها المكثفة في تقديم خدمات اللقاح المضاد لفيروس «كوفيد- 19» للمواطنين والمقيمين على السواء، حيث شهدت المراكز المنتشرة في مختلف إمارات الدولة إقبالاً كبيراً على تلقي أحد نوعي اللقاح وهما لقاح «سينوفارم» ولقاح «فايزر بيونتك».
وكانت وزارة الصحة ووقاية المجتمع أعلنت توافر اللقاح للفيروس غير النشط ضد «كوفيد - 19» في جميع المراكز الصحية في مختلف إمارات الدولة، للوصول إلى المناعة المكتسبة الناتجة عن التطعيم، ما يساعد على تخفيض أعداد الحالات والسيطرة على المرض، تبعاً لتأكيد الدكتورة فريدة الحوسني، المتحدث الرسمي باسم القطاع الصحي في الدولة، حيث لفتت إلى أن الهدف هو «الوصول لتطعيم أكثر من 50% ضد «كورونا» من سكان الدولة خلال الربع الأول من العام الحالي باستثناء الحوامل والمرضعات والأطفال».
تصوير: السيد رمضان
27 موقعاً لتقديم خدمات لقاح «كوفيد - 19» في إمارة الشارقة
«يداً بيد نتعافى»ففي إمارات الدولة، يبدو الإقبال كثيفاً على المراكز التي تقدم خدمات التلقيح مع اتباع الإجراءات الوقائية تحت شعار «يداً بيد نتعافى» حيث الكثير من الأفراد ارتأوا تلقي اللقاح باعتبار أن «آثاره الجانبية لا تقارن بأضرار الإصابة بكوفيد- 19 وتداعياته».
وفي هذا السياق، يؤكد مدير منطقة الشارقة الطبية محمد عبدالله الزرعوني لـ«كل الأسرة» أنه «تم افتتاح 27 موقعاً لتقديم خدمات لقاح «كوفيد - 19» في إمارة الشارقة للمواطنين والمقيمين وتشمل مراكز الرعاية الصحية الأوليّة المنتشرة على مستوى الإمارة وكذلك تجهيز العديد من المواقع التي تستوعب الأعداد الكبيرة من المقبلين على تلقي اللقاح، واستناداً إلى استراتيجية أن تكون الإمارات من أفضل دول العالم في جميع المجالات في 2021 ومنها المجال الصحي».
وحول الأرقام المتوافرة، يؤكد الزرعوني أن مركز إكسبو وحده يستقبل يومياً بين 3 إلى 4 آلاف من الأفراد الذين يتلقون اللقاح، لافتاً إلى أن وزارة الصحة ووقاية المجتمع تسخّر كل إمكاناتها ومواردها لخدمة توفير اللقاح لأكبر شريحة على مستوى الدولة.
وحدة مركز إكسبو- تصوير: السيد رمضان
آراء المتطوعين في اللقاح
توضح إحدى المتطوعات أن «ثمة طبيباً يتواجد على مدى النهار لتوضيح بعض المسائل الطبية والفصل في إمكانية إعطاء اللقاح من عدمه في بعض الحالات»، منوهة إلى «أننا، بدورنا، نجيب عن استفسارات من الرجال تتعلّق بمخاوف العقم جراء تناول اللقاح ونحاول أن نزودهم بالمعلومات العلمية الكافية لطمأنتهم وإزالة هذه المعتقدات التي تتكوّن جراء شائعات لا أساس لها من الصحة».
وبين من استطلعنا آراءهم بعد تلقيهم اللقاح، هناك من أعرب عن عدم معاناته من أي ردة فعل، في حين أن آخرين شعروا بصداع خفيف أو ارتفاع في الحرارة والألم الموضعي ولم تستمر إلا لأيام قليلة.
كانت رغدة فريد يونس تشعر بالخوف قبل اتخاذها القرار بتلقي اللقاح «اطلعت على العديد من آراء الأصدقاء وبينهم من تلقى اللقاح ووصلت إلى نتيجة مفادها أن الإصابة بفيروس كورونا مع عدم استشراف تداعياتها هي أكثر خطراً مقارنة بتلقي اللقاح والخوف من أعراض قد لا تحدث».
في كل الحالات، لا بد من المجازفة ولكنها مجازفة إيجابية، وفق رغدة التي تلفت إلى أن «تلقي اللقاح يضع حداً لكل الضغط الذي يستنفر أعصاب الفرد جراء الخوف من الإصابة بالفيروس ولكنه بالتأكيد أمر لا يغفل اتباع الإجراءات الوقائية». بعد تلقي اللقاح، شعرت رغدة ببعض التعب والحاجة إلى النوم وتقول ضاحكة «ازدادت شهيتي للطعام وتناولت مقداراً كبيراً مقارنة بالأيام السابقة». وبعد الجرعة الأولى، باتت رغدة تفكر بتعقل بعيداً عن الخوف «لا يمكننا أن نحارب كورونا ونقف ضد اللقاح بالوقت نفسه. خوفي لم يمنعني من اتخاذ القرار سريعاً كوني أرغب في معاودة حياتي الطبيعية والسفر بحريّة».
الاستعلامات قبل تلقي اللقاح- تصوير: السيد رمضان
الآثار الجانبية المحتملة
تقوم مراكز التطعيم بتقديم معلومات وافية للشخص الراغب في أخذ لقاح فيروس «سارس – كوفيد 2» (غير النشط) لجهة ماهية اللقاح وآثاره الجانبية المحتملة حيث ورد في نموذج الموافقة على أخذ اللقاح أن الآثار الجانبية تتراوح بين الشائعة مثل الألم، الألم عند اللمس، الاحمرار والتصلب والحكة في مكان التطعيم، إلى حدوث ردود فعل جهازية مثل الحمى، الصداع، الإرهاق، الغثيان، القيء، الإسهال، السعال، الحساسية، آلام العضلات، آلام المفاصل والخمول لدى بعض المرضى وعادة ما تزول الأعراض الخفيفة دون الحاجة إلى علاج ويتّم إعطاء من يعانون أعراضاً متوسطة أو شديدة علاجاً تحت إشراف طبي».
هناك الكثير من الرسائل الإيجابية حول مأمونية اللقاح ، ما شجع الناس وزاد من أعداد المقبلين
وفي ظل ريادة الدولة في مجال مكافحة «كوفيد - 19» وبالأخص لجهة توفير اللقاح، تشير الدكتورة هيفاء حمد فارس، رئيس قسم البرامج الصحية بإدارة الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة ووقاية المجتمع واستشاري طب أسرة، أنّ توفير اللقاح بدأ منذ نهاية شهر سبتمبر من العام الماضي وخصّص، في الفترة الأولى، للاستخدام الطارئ وبعدها عمّم على جميع البالغين من 18 عاماً وما فوق والإقبال عليه في تطور مستمر والأعداد متزايدة بشكل مبشر. وحول ارتباط المخاوف بالاستخدام الطارئ وعوامل أخرى، تجيب «هذه المخاوف متوقعة مع بداية أي عملية تطعيم وبالأخص أن هذا اللقاح يعتبر جديداً والأهم هو الوعي ودور العملية الإعلامية على مستوى الدولة حيث هناك الكثير من الرسائل حول مأمونية اللقاح ومروره بالمراحل الإكلينيكية وما بعدها، ما شجع الناس وزاد من أعداد المقبلين على مراكز التطعيم لتلقي اللقاح».
تصوير: السيد رمضان
الفرق بين «لقاح «سينوفارم» ولقاح «فايزر»
توضح «لقاح «سينوفارم» يستخدم فيروساً غير نشط يحتوي على جزيئات فيروسية ميتة تخلق في المختبر قبل أن تقتل وهي غير معدية، في حين أن لقاح «فايزر» يعتمد على تقنية الحمض النووي الريبوزي لتحفيز الجسم على إنتاج أجسام مضادة. وما نود إيصاله للناس أنه بغض النظر عن تركيبة اللقاحين، فإن كليهما مرّ بمراحل إكلينيكية وما بعدها وتمّت تجربتهما والإعلان عن نسبة المناعة المكتسبة جراء استخدامهما وأنا أدعو الأفراد إلى عدم التواني عن تلقي أي من اللقاحين في حال توافر الفرصة لذلك». وعلى صعيد كبار السن، تتبدّى خطة وزارة الصحة في الذهاب إلى بيوت كبار السن، وهذا «ما أعلن عنه في الإحاطة الإعلامية ليحصل كبار المواطنين على اللقاح».
مشاهير تلقوا اللقاح ويروون تجربتهم
اخترت اللقاح الصيني كونه مصنعاً من الفيروس نفسه
الدكتور نادر صعب، جراح التجميل المعروف، كان أول طبيب عربي يتلقى اللقاح قبل نحو أربعة أشهر في دبي. يبدي ارتياحه للقرار الذي اتخذه «نعيش في زمن كورونا حيث تغير نمط الحياة ونسعى إلى اتخاذ الإجراءات الوقائية حفاظاً على سلامتنا وسلامة مرضانا وزبائننا، ومع فرض قيود التنقل بين بعض إمارات الدولة، اضطر البعض للخضوع لفحص كوفيد- 19 لمرات عدّة عند كل زيارة». وكجراح تجميل يعيش في دبي، كان لا بد من خوض التحدي وهو اللجوء إلى اللقاح الذي توافر آنذاك وهو «سينوفارم»، ويبين «كان هذا خياري باعتبار أن هذا اللقاح، ووفق المنطق الطبي، مصنع على غرار الصناعات المعهودة للقاحات حيث يتّم أخذ جزء من الفيروس وحقنه في جسم الإنسان لتفعيل وتحفيز مناعته من خلال خلق أجسام مضادة لنكون مهيئين في حال تعرضنا لفيروس كورونا ومحصّنين بجهاز مناعي لحماية الجسم». تتفاوت الأعراض بين جسم وآخر، يشرح د. صعب «بعض الأفراد تلقوا اللقاح الصيني وعانوا أعراضاً كالصداع، الحرارة، الإسهال لفترة طويلة وألم بالرقبة، ولكن على صعيدي الشخصي، كنت أدأب على تزويد جسمي بالفيتامينات اللازمة عن طريق حقن وريدي لمصل يحتوي على العديد من الفيتامينات التي تزود الجسم بزخم من الطاقة لتحفيز جهاز المناعة، ما أثر إيجاباً في عدم معايشة أي أعراض».
الدكتور نادر صعب
اعتمد د. صعب المنطق الطبي في تلقي اللقاح الصيني على الرغم من أنه، في عمله التجميلي، يفضل مواد التجميل الأمريكية من بوتوكس وفيلر وحشوات صدر وغيرها «بالنسبة للقاح، فإنه مستقى من طبيعة الفيروس نفسه وترتبط ضرورة تلقيه بطبيعة عملي وتنقلي بين بلدان عدة كوني أعيش في الطائرة متنقلاً من بلد إلى آخر بحكم عملي ولم أتعرض للفيروس أو قد أكون أصبت به ولم أشعر بأعراضه بحكم المناعة التي اكتسبتها من اللقاح». بيد أن هذا الإجراء الوقائي لم يمنع د. صعب من الاستمرار في اتخاذ الإجراءات الوقائية «فاللجوء للقاح يخفف تداعيات الفيروس ولكن لا بد من اتباع الاحتياطات الإجرائية للوقاية».
بعض الرسائل تنافي الواقع.. والثقة كبيرة بحكومتنا ومؤسساتنا
محمد المناعي
من جهته، اطلع محمد المناعي، مذيع أخبار ومقدم برامج في مؤسسة دبي للإعلام، على كل المعلومات المتعلقة باللقاح قبل تلقيه «مجتمعنا جداً منفتح على كل وسائل التواصل الاجتماعي، وللأسف بعض الرسائل تحاول تشويه الواقع القائم وإقناع الناس بـ«نظرية المؤامرة» لأغراض سياسية وغيرها». يوضح المناعي «الثقة كبيرة بحكومتنا ومؤسساتنا الاتحادية والمحلية التي لا يمكن لها أن تسمح بمثل هذه الأمور كما أن مجتمعنا مثقف سواء على مستوى أبناء الدولة أو المقيمين، وهذا عامل مساعد في تفنيد كل الإشاعات والتماهي مع الموقف الرسمي». وعن تجربته الشخصية في تلقي اللقاح، يؤكد أنه شارك في حملة التطعيم التي أطلقتها هيئة الصحة بدبي لتشجيع الناس على التوجه للتطعيم حيث «لا أعراض تذكر سوى بعض الخمول والحاجة للنوم». ونمازحه كون البعض أصيب بشراهة في الطعام، يضحك مؤكداً حقيقة هذا الأمر دون أن يربط الحالة باللقاح «لاحظت هذا السلوك خلال اليومين الأولين من التطعيم ولكني لست طبيباً لأقرن ذلك بالتطعيم. مجرد ملاحظة لا أكثر».
وحول تعبير البعض عن مخاوفه من لقاح دون آخر، يسأل المناعي «لو توافر لقاح واحد في الدولة، لتوجه الأفراد إلى أخذه بهدف الوقاية، وكل هدف حكومتنا والحملات القائمة لتشجيع الإقبال على اللقاح للحصول على مجتمع سليم ومعافى»، مراهناً على دور المؤثرين والإعلاميين وغيرهم في «التأثير الإيجابي في الدائرة حولهم دون الأخذ بالاعتبار عدد المتابعين. هذه مسؤولية مجتمعية يتحملها كل فرد في المجتمع».