19 مايو 2021

إنعام كجه جي تكتب: شبر إضافي لأماندين

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس.

إنعام كجه جي تكتب: شبر إضافي لأماندين

أماندين هو اسم طفلة فرنسية ذات وجه ملائكي، مثل كل أطفال الدنيا، تبلغ من العمر 9 أعوام. ولدت جميلة مثل دمية. لكنها كبرت ولم تكبر. واكتشف والداها، ذات يوم حزين، أن البنت تعاني التقزم الذي سيمنع قامتها من النمو مثل أقرانها. ستكون قصيرة بشكل ملحوظ، أي قزمة.

لكن أماندين ووالديها كانوا في منتهى السعادة وهم يعلنون أن البنت اكتسبت بضعة سنتمترات إضافية وزاد طولها على المتر الواحد بقليل.

وكتبت الصحف أنها أول شخص في فرنسا يتلقى علاجاً جديداً ضد التقزم. وقد تمت تجربته عليها في مستشفى «نيكر» الشهير للأطفال، بالتعاون مع معهد متخصص في الأمراض الناجمة بسبب الموروثات، أو الجينات.

على مستوى العالم، تعتبر أماندين الشخص الثالث عشر الذي يخضع لهذا الدواء. ورغم صغر سنها فإنها تؤكد أن الناس يتشاءمون من الرقم 13 لكنها تتفاءل به. 

إن العلاج يسير جيداً ويساعد في مدّ عظام ظهرها، من العنق حتى أسفل العمود الفقري، لكن الأطراف ما زالت تعاند. إن الطفلة ترى في كل سنتمتر جديد انتصاراً عظيماً.

بضعة سنتمترات، أي شبر أو أقل من شبر، لكنه يكفي لأن يفتح نافذة الأمل في حياة هذه الطفلة وغيرها من آلاف الأولاد والبنات الذين يولدون مع هذا النقص. لم تعد اللغة المهذبة تصفهم بالمعاقين وأصحاب العاهات، بل بأصحاب الهمم وذوي الاحتياجات الخاصة.

إنهم لا يختلفون في قدراتهم العقلية عن غيرهم من الأصحاء، لكن أطرافهم القصيرة تسبب لهم متاعب كثيرة. أبسطها أنهم أقصر من بلوغ أجهزة الصرف الآلي أو الهواتف العمومية أو قراءة التعليمات المعلقة على جدران الدوائر والمباني. وبعضهم لا يصل إلى أرقام الطوابق في المصاعد الكهربائية. وطبعاً هناك مشكلات صحية أصعب.

في الصور المنشورة لها نراها مبتسمة، وقد ارتدت قميصاً أزرق طرزت على ياقته كلمة «هابي»، أي سعيدة. وهي تدرك، رغم صغر سنها، أنها لم تكسب المعركة بعد، فصديقاتها أطول منها بثلاثين سنتمتراً تقريباً. لكن العلاج ما زال مستمراً، وهو ثمرة 25 عاماً من الأبحاث العلمية في فرنسا.

وتبقى حالة أماندين خاصة وتثير تساؤل العلماء. إن والدها طويل جداً ووالدتها ذات طول معتدل. ولها عم يقارب طوله المترين، أي «هوائي تلفزيون» كما نقول في أحاديثنا. مع هذا فإن الصفات الموروثة أعقد مما نتصور.

في فرنسا، يعرف الجميع الممثلة ميمي ماتي. إنها قزمة نجحت في العمل الفني وصارت نجمة تلفزيونية تجتذب أفلامها ملايين المتفرجين كل أسبوع. وإذا كان هناك فيلم لها مقابل فيلم لكاترين دينوف أو بريجيت باردو فإن ميمي تتفوق عليهما. وهي ذات شعبية كاسحة. ولو ترشحت لرئاسة الجمهورية فليس من الغريب أن تحقق معجزة إنسانية. 

نعم هي امرأة قصيرة، بل بالغة القصر، لكنها رفعت قامة ملايين الرجال والنساء الذين يجدون فيها رمزاً للتغلب على الإجحاف الذي ولدوا به.

وميمي كانت المثل الأعلى لأماندين. لكن الطفلة الفرنسية تتطلع اليوم إلى مثل أطول بشبر أو شبرين.

اقرأ أيضًا: فيتوريا بوينو.. برازيلية بدون ذراعين تحلق في عروض الباليه

 

مقالات ذات صلة