أخيرًا جاءنا في عصر «كورونا» خبر مريح لربات المنازل وللمؤسسات على كافة أنواعها: صار باستطاعتنا أن نتخلى عن تعقيم المشتريات من السوبرماركت والملابس وكافة المسطحات والجدران وقبضات الأبواب والغرف والشوارع وما شابه بحسب آخر تعليمات صدرت عن مركز مراقبة الأمراض في الولايات المتحدة.
قد تذكرون أن تعليمات المركز ذاته كانت تنبّه، في بداية انتشار الفيروس، عن إمكانية بقائه حيًا على المسطحات والأقمشة لأيام عديدة أو لساعات طويلة مما قد يؤدي إلى نقل العدوى إلى كل من يلمس هذه المسطحات الملوثة ثم يلمس وجهه. وهكذا تحوّل العالم أجمع إلى مسرح تعقيم شامل حيث قامت ربات البيوت بتعقيم كل ما تقع عليه أيادي أفراد الأسرة أو بعزل كل المشتريات التي يصعب تعقيمها لأيام وغسل الملابس بمجرد دخول صاحبها إلى المنزل. وأقفلت المؤسسات والمدارس والجامعات أبوابها كل ليلة على حفلة تعقيم دقيق حتى خلت المتاجر من مستحضرات التنظيف والتعقيم والقفازات البلاستيكية.
واليوم بتنا نعلم أن كل هذه الجهود لم تؤمن أية حماية من الفيروس ولم تشر الأبحاث إلى أية إصابة قد حصلت جراء ملامسة أسطح ملوثة، علمًا أن العديد من الخبراء، في بداية الجائحة، اعتبروا أن الفيروس ينتشر بواسطة رذاذ كبير الحجم يمكن أن يقع على المسطحات ليتم التقاطه باللمس ثم نقله إلى أغشية الأنف والعينين. لكن السنة التي انقضت بيّنت أن الفيروس ينتقل بشكل شبه كامل عبر الهواء.
ويقول الخبراء اليوم إن انتقال الفيروس يظل ممكنًا عبر المسطحات من الناحية النظرية ولكنه يحتاج إلى وجود كميات كبيرة منه انتشرت حديثًا عليها ثم انتقلت بسرعة إلى اليد ومن ثم إلى الوجه وهو أمر مستبعد أو نادر الحدوث جدًا. فكل ما هو مطلوب هو غسل اليدين وارتداء الكمامة والقيام بعمليات التنظيف الاعتيادية بالماء والصابون بحسب التعليمات الجديدة لمركز مراقبة الأمراض في الولايات المتحدة. وهذا يعني بالنسبة للمؤسسات على أنواعها والمدارس والجامعات نهاية التعقيم اليومي العميق.
لقد تسببت التعليمات الأولى الناتجة عن الجهل بطبيعة الفيروس بإقفال العديد من الأماكن المفتوحة كالملاعب الرياضية والأماكن الأخرى غير المكتظة كالمكتبات، وستؤدي التعليمات الجديدة إلى تسهيل الحياة. بيد أن الاحتفاظ بعادات النظافة الجديدة بالنسبة إلى البعض قد تكون مكسبًا مهمًا، خاصة وأنه قد احتاج العلماء إلى عام كامل حتى يراجعوا مسألة التعقيم، ولا شيء يضمن، مع «التبشير» بفيروسات جديدة سيشهدها العالم، إلى ما ستؤول إليه الأمور.
اقرأ أيضًا: إنعام كجه جي تكتب: كلام موجع تفرضه «كورونا»