تأتينا المطالعة كل يوم بمعلومات كنا نجهلها. هل سمعتم بعارض نفسي يصيب النساء اسمه «قلق الأميرة»؟
أقرأ تقريراً عن هذه الظاهرة التي تعانيها فئة منهن، دون أن تكون مرضاً عضوياً محدداً. وتتمثل هذه الظاهرة في امتناع بعض البنات والسيدات عن دخول دورات المياه في الأماكن العامة، خارج بيوتهن. بل إنهن يتهيبن دخول الحمّام حتى في أماكن العمل والدراسة وبيوت الأقارب والصديقات.
السبب؟ إنه خجل من نوع خاص يجعلهن يخجلن من ارتياد المراحيض لأن المرأة الحساسة لا تريد تشويه صورتها لدى الغير. وهي تعتبر نفسها أميرة من خارج هذه الدنيا، لا تضطر للقيام بما يقوم به كل البشر في تلك الأماكن المغلقة المسماة بيت الراحة. صحيح أن هذا العارض النفسي ليس مرضاً يصيب الجسم لكن الأطباء يؤكدون أن له أضراره على الصحة.
تابعت قراءة التقرير وأنا أتصور أنها ظاهرة محدودة جداً. لكن استطلاعاً لمؤسسة «إيفوب» الباريسية المتخصصة في دراسة اتجاهات الرأي العام، كشفت أن 56 في المئة من الفرنسيات يقعن ضحايا لها. ومفردة «ضحايا» ليست من عندي بل هكذا وردت في الدراسة. فمن العادي أن تصادف موظفاً زميلاً لك في ممرات المؤسسة، يحمل مجلة بيده ويدخل إلى المرافق العامة. لكن من النادر أن تفعلها زميلة. ما السبب وأين يقع العيب؟
كنت أتصور الأوروبيات أكثر تبسطاً منا. لكن الخبراء هنا يقولون بأن ضغوطاً ثقافية واجتماعية ونفسية تقع على المرأة، لاسيما الفرنسية، تجعلها تتفادى دخول المرافق العامة أمام زملائها. إنها تظن أن دخولها الحمام سيجعل الآخرين يتخيلون، يا للهول، ما يمكن أن تقوم بفعله في تلك الخلوة المغلقة بالمفتاح. وهو أمر يقود إلى الشعور بالنفور والقرف منها. فالمرأة، هذا المخلوق الجميل والرقيق، لا يمكن أن تأتي بأعمال مقززة. إنها لا تفرغ ما يتجمع في جسدها من سوائل وأطعمة. أي لا تتغوط.
جاء في الدراسة أن هناك من تتوتر بسبب الروائح البشرية وعطور المطهرات الكيمياوية التي تفوح من دورات المياه. أما إذا كانت عدة مقصورات متجاورة في مركز للتسوق مثلاً، فإن الضجيج يمنع البعض من إتمام المهمة. وهن يخجلن من أن يكون صوت ما يقمن به مسموعاً في الخارج. وتعترض هؤلاء النساء على تسمية دورة المياه بأنها بيت الراحة، لأنها بالنسبة لهن منطقة ضيق وخجل وعدم راحة.
إن الراحة الحقيقية لا تتحقق إلا في حمام البيت، المنطقة الحميمة بامتياز. وتمتنع الكثيرات عن استخدام المرافق في الأماكن العامة، خصوصاً المقاهي والمطاعم ومراكز التسوق، من باب الحرص على النظافة. وبينهن من تحمل في حقيبتها مناديل معقمة وسوائل بخاخة لتطهير المكان. مع الحرص على عدم المساس بحواف المرحاض. أي أن المرحاض الشرقي أكثر ملاءمة من الغربي. وهناك فئة ضئيلة من الرجال، أيضاً، لا يثقون بنظافة تلك الأمكنة لكنهم يستخدمونها عند الضرورة.
هذا الحفاظ على صورتها الراقية هو ما يسميه العلماء في جامعة ملبورن الأسترالية بفوبيا «الأميرة»، أي الخوف من تشويه لطافة أنوثتها المستقرة في الأذهان. وهو موضوع منتشر في أوساط كثيرة لكنها المرة الأولى التي أقرأ فيها عنه دراسة معززة بالإحصائيات والنسب المئوية وآراء المختصين.