على امتداد الشهور التي تلت اجتياح فيروس «كورونا» لمختلف أنحاء المعمورة، وما خلّفه من إدراك لواقع جديد ومخيف، بدا الوصول إلى ما يسمّى بـ«مناعة القطيع» هو شعلة الأمل الوحيدة. وكان الهدف تلقيح العدد الكافي من الناس، نحو ستين إلى سبعين بالمئة، من أجل قطع دابر الفيروس ومنعه من الانتشار. لكن هذا الوعد المغري بالخروج من الجائحة قد تراجع اليوم وباتت مناعة القطيع هدفاً صعب المنال إن لم يكن مستحيلاً.
لماذا حصل هذا التحوّل وماذا يخبئ لنا المستقبل من مفاجآت؟
يقول الخبراء إن نسبة الستين إلى سبعين بالمئة، التي تم تقديرها في البداية، قد تغيرت مع ظهور أشكالٍ متحوّرة من الفيروس أشد فتكاً وأسرع انتشاراً. وهذا ما دفع عتبة مناعة القطيع إلى ثمانين بالمئة وقد ترتفع إلى أكثر من هذا في حال ظهرت أشكال أخرى من الفيروس أشرس من سابقاتها، خاصة وأن بقاء انتشار الفيروس خارج السيطرة في أجزاء كبيرة من العالم لم تحظَ حتى يومنا باللقاح يزيد من فرص تحوّره. والحقيقة أن أقل من نصف بالمئة من جرعات الفيروس قد تم توزيعها على البلدان الفقيرة حتى اليوم. أضف إلى هذا أن حوالي مليار ونصف المليار شخص في العالم قد صرحوا عن عدم رغبتهم بتناول اللقاح، بحسب آخر إحصاء لمؤسسة «غالوب».
فما هو المخرج أمامنا إذا كانت مناعة القطيع مستحيلة؟
يعتمد بعض العلماء على تاريخ الجائحات للقول بأن لكل جائحة نهاية وبأنهم يأملون بتطور الـ«كورونا» الجديد ليصير شبيهًا بسابقاته الأربع التي تسبب حالات البرد والزكام العادية والتي يصاب بها الإنسان مرات عدة، من دون أن تكون قاتلة. فالناس يصابون بهذه الفيروسات خلال طفولتهم ويطورون مناعة جزئية ضدها تشكل لهم حماية حينما يكبرون.
لكن بعضهم الآخر يقول إنه على الرغم من أن التاريخ قد أثبت أن الكثير من الفيروسات تتحوّر لتصير أقل فتكًا مع مرور الزمن، إلا أنه لا ضمانة البتة لاتباع الفيروس الحالي هذه المسيرة، والإثبات على هذا هو ما تعانيه الهند مع آخر المتحورات. لذا يتحضر العديد من العلماء لمواجهة هذه الإمكانية. وثمة عشرات الفرق البحثية العاملة حالياً لخلق لقاح عالمي ضد «كورونا» بإمكانه أن يحمي ضد متحوّرات لم ترَ النور بعد.
فهل نتمكن يومًا من النوم على وسادتنا قريري العين؟ صعبة هي الإجابة عن هذا السؤال الذي لا يزال العلماء يختلفون حوله.