3 أغسطس 2021

د. هدى محيو تكتب: الأسوأ ليس قدراً محتوماً

أستاذة وباحثة جامعية

أستاذة وباحثة جامعية

د. هدى محيو تكتب: الأسوأ ليس قدراً محتوماً

في هذه الأيام الصعبة التي تمر بها البشرية، والتي لم تنتهِ بعد، من الصعب جدًا أن نتوقع ما قد يعيشه أطفالنا وأحفادنا. ربما يشهدون بدورهم كوراث أخرى ولكن، على العكس، ربما أنهم هم من سيتذكروننا ويشفقون على حالنا ويقولون لأطفالهم «كفى تذمرًا! فكروا بجدتكم التي عاشت في العشرينيات وعانت مع شعوب الأرض مشكلات فظيعة صارت اليوم من الماضي»؟

صحيح أن عصرنا عصر فريد من نوعه، فالبشر لم يبلغوا قبلاً هذا الكم الهائل من الأعداد التي تستهلك موارد فلكية وتسكب كل عام آلاف مليارات أطنان البلاستيك في المحيطات وأكسيد الكربون في الأجواء. نحن نتسبب بانقراض أجناس حيوانية ونباتية بسرعة تفوق حقبات الانقراضات الكبرى السابقة، كتلك التي شهدتها الديناصوريات مثلاً...

لكن هذا أحد وجهي العملة.. الوجه الآخر هو أننا نملك كمًّا هائلاً من المعلومات والتكنولوجيا والموارد والطاقة، أكثر من أي جيل مضى، من أجل أن نجد الحلول ونطبقها. وهذا ما يخلق وضعًا متأرجحًا يحول دون أن نعرف ما الذي ينتظرنا في العقود المقبلة.

فمن يمكنه أن يتوقع ما سيسفر عنه التقدم في علم الأحياء من أجل استعادة الأجناس المنقرضة؟ وإلى أي مدى سيصل الذكاء الاصطناعي وهل سيمكننا من حل المشكلات العديدة التي نواجهها اليوم؟

وهل سنتمكن من اكتشاف وتطبيق موارد طاقة تسمح بالقضاء على ظاهرة الاحتباس الحراري؟ وهل ستتضاءل أعداد البشر بسرعة مع حلول العام 2050 في كل مكان، ما عدا إفريقيا؟

وما هو مستقبل البكتيريا الملتهمة للمواد البلاستيكية من أجل تنظيف المحيطات ؟ وسواها من أسئلة كبيرة ومهمة لا أحد يملك جوابًا عنها، لكن الكثيرون يملكون نظريات حولها.

يقول عالم الرياضيات الفرنسي الشهير «هنري بوانكاريه»: «كلما اتسعت حلقة المعارف، اتسعت حولها حلقة الظل». وهذا يعني أن تقدم البشرية العلمي والتقني يطرح أسئلة أكثر فأكثر غموضًا. إن قدرتنا على التدمير تكبر وتتضخم، وهذا ما يقلقنا، ولكنها معها تكبر قدرتنا على الإصلاح والبناء. لهذا السبب قد يعيش أطفالنا وأحفادنا أيامًا أفضل في النهاية لأننا لسنا متأكدين من أن الأمور ستسير من سيء إلى أسوأ غدًا.

لا يمكن للأسوأ أن يكون بانتظارنا على وجه اليقين لأن حظوظنا في مستقبل أفضل لا تزال موجودة وهي تعتمد على موقفنا وعلى إرادتنا بالتصدي والعمل وعلى قدرتنا على الابتكار...

لكن من المؤكد أن الخطر الأكبر المحدق بنا هو أن نجلس مكتوفي الذراعين بانتظار أن تحل الأمور نفسها بنفسها أو على الأرجح في هذه الحالة أن تتفاقم.

 

مقالات ذات صلة