09 أغسطس 2021

د. هدى محيو تكتب: العودة إلى المدارس؟

أستاذة وباحثة جامعية

د. هدى محيو تكتب: العودة إلى المدارس؟

أصدر مركز مراقبة الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة، مؤخراً، توصية مربكة في أيام «دلتا»، وتقضي بفتح المدارس بالكامل في الخريف المقبل حتى لو كانت لا تستطيع اتباع إجراءات السلامة جميعها من أجل الحد من انتشار الفيروس.

وتعد هذه التوصيات مخالفة تماماً للخط الذي كان المركز يتبعه، وهي اعتراف ضمني بأن «التعليم عن بُعد» كان مضراً بالعديد من الطلاب. وأكد المسؤولون ثقتهم بصحة المقاربة الجديدة على الرغم من موجة «دلتا» الجديدة والسريعة العدوى. كما أوصى المركز كل منطقة باتخاذ القرارات الوقائية التي تراها مناسبة فتخفف القيود أو تشددها بحسب وضعية انتشار الفيروس لديها، أي أنه لا توجد إجراءات واحدة تسري على الجميع حتى في البلد أو الولاية الواحدة.

وإذا كنا نذكر هنا توصيات مركز مراقبة الأمراض الأمريكي فهذا لأن العديد من المراكز الأخرى في العالم تسترشد به، بيد أن ما أصدره، مؤخراً، يطرح مسألة بقيت طيلة فترة انتشار «كورونا» في الظل؛ وهي مسألة تلقيح الأطفال من أجل منع تفاقم العدوى؛ بحجة أن تأثير «كورونا» على الكبار أشد بكثير من تأثيره على الصغار؛ لكن الحقيقة أن الكثير من الصغار قد أصيبوا بالعدوى، ولم يكتفِ المرض بالتأثير على جهازهم التنفسي وحسب؛ بل طال كذلك القلب والدماغ والكلى والعيون والجلد، ما يعني أن تطوير لقاح ضد «كورونا» فعّال وآمن للأطفال دون الثانية عشرة؛ يجب أن يشكل أولوية قصوى حتى تتمكن المدارس من فتح أبوابها بأمان. ومع هذا لا يتوقع إنتاج أي لقاح من هذا النوع قبل عام 2022.

وإذا كانت المناعة المجتمعية لا يتم بلوغها إلا بتلقيح 85 % من المجتمع؛ فإن الأطفال يجب أن يكونوا مشمولين لزاماً بالتلقيح. أما بالنسبة لمن لا يزالون يرفضون تناول اللقاح، نذكرهم بالهدف الذي من أجله تتم صناعة اللقاحات؛ وهو حماية الفرد من المرض؛ وحماية المجتمع من انتشاره. واللقاح من حيث التعريف به؛ هو إجراء وقائي، وقرار التلقيح من عدمه لا يتصل بحدة انتشار المرض. فحالات شلل الأطفال مثلاً صارت نادرة الوجود منذ الثمانينات، ومع هذا لا يزال الأطفال في العالم يتلقون اللقاح ضد الشلل من أجل الحؤول دون عودة الفيروس.

تختلف الأسر ويختلف الأفراد من حيث تعاطيهم مع الخطر، وإدراكهم له، وهو أمر ينطبق على التعاطي مع خطر الإصابة بـ«كورونا»، وضرورة تناول اللقاح وإعطائه للأطفال.

لكن إذا ما أتيح لك خيار خفض معدل تعرّض أطفالك لخطر الإصابة بمرض قد يسبب لهم الأذى الشديد، ألن تفعل؟ أنا سأفعل، وأظن أن الكثير من الأهل سينحون المنحى ذاته.