ليس من السهل أن تجتمع السياسة مع الرومانسية، لكن ميشيل أوباما، السيدة السوداء الأولى في تاريخ الولايات المتحدة. نشرت ميشيل على موقعها رسالة بالغة الرومانسية، موجهة إلى زوجها الرئيس السابق باراك أوباما، بمناسبة عيد ميلاده الستين الذي حلّ في الرابع من الشهر الجاري. كما شاركت ميشيل متابعيها في «إنستجرام» مجموعة من الصور العائلية الخاصة.
بعد 28 عاماً من الزواج، ما يزال الحب مشتعلاً بين الزوجين أوباما. إنهما لا يسيران إلا واليد في اليد، كما لا يتحرجان من التعبير عن ذلك الحب في الأماكن العامة، على الرغم من علمهما بأن الكاميرات تلاحقهما في كل مكان. وبهذا فإن بريق الرئيس الأمريكي السابق لم يخمد مع مغادرته البيت الأبيض. لقد تحول مع زوجته إلى نجمين، ينافسان نجوم السينما والغناء في الشهرة واجتذاب المعجبين.
كتبت ميشيل لباراك تعليقاً على صورة لزوجها نشرت على غلاف مجلة «إيبوني»، «ما زلت تدير رأسي بعد كل هذه السنوات». وفي حين كان زوجها مضطراً لإلغاء الاحتفال الكبير بعيد ميلاده بسبب الجائحة، فإن الزوجة قررت أن تقيم الاحتفال على طريقتها الخاصة، من خلال تقليب صور السنوات الماضية. إنها لقطات مختارة بعناية، تعكس صورة الأب المثالي، المحب لابنتيه ماليا وساشا، وكذلك صورة الزوج العاشق الذي يصوب نظرات الوله لشريكة حياته، كما كتبت «شكراً لك لأنك لم تدع أعباء العالم تشغلك عن أن تكون أباً وزوجاً رائعاً. عيدك سعيد».
أوباما كان الرئيس الذي غيّـر وجه التاريخ الأمريكي. إنه أول رئيس أسود يحكم الولايات المتحدة، الدولة الأقوى في العالم، وهو قد أعلن في خطاب الفوز «إذا كان هناك من ما يزال يشكّ في أن أمريكا هي أرض تحقيق الأحلام، وأن ما حلم به آباؤنا المؤسسون ما زال حياً، فإن الجواب هو ما يحصل هذه الليلة». كان ذلك مساء الرابع من نوفمبر 2008. وكان العالم كله قد تابع مسيرة صعوده، وتفاصيل معركته الانتخابية العسيرة التي خاضها تحت شعار «نعم نحن نستطيع».
فكيف مرت السنوات الـ60 من عمر هذا الرجل المسكون بالطموح والإصرار؟
ولد باراك حسين أوباما في صيف 1961 في ولاية هاواي لأب كيني مسلم وأم أمريكية من كنساس، تتحدر من أصول إنجليزية وإيرلندية. انفصل والداه وهو في الثالثة من عمره، وبعد الطلاق اقترنت أمه آن دانهام بطالب إندونيسي. ولهذا فإن باراك أمضى بعض سنوات طفولته في إندونيسيا. وفي سن العاشرة عاد إلى الولايات المتحدة، ليواصل الدراسة في هاواي، حيث يعيش جداه لأمه. كان تلميذاً متفوقاً شديد الطموح، وهو طموح قاده إلى دخول جامعة كولومبيا التي تخرج فيها حاصلاً على شهادة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية. بدأ الخريج الوسيم يعمل في ميدان المال، وكان إلى جانب ذلك ناشطاً في أحياء السود في شيكاغو.
كانت مسؤولة عن تدريبه في مكتب للمحاماة في شيكاغو
لم تكن تلك سوى المرحلة الأولى من سلم الصعود، فهو قد وضع عينه على جامعة «هارفرد» العريقة، وتمكن من دخولها لدراسة القانون. وهناك أصبح أول رئيس تحرير أسود البشرة للمجلة القانونية للجامعة «هارفرد لو ريفيو».
لكن أهم ما وقع له هو تلقيه في صيف 1989 دورة تدريبية في مكتب للمحاماة، كانت تعمل فيه محامية شابة تُدعى ميشيل روبنسون. وكانت المحامية خريجة «هارفرد» مثله، إنها المسؤولة عن تدريبه. لقد وقع أسير سحرها، ودعاها للخروج معه، حيث قدم لها مثلجات بالشوكولاتة. وبحسب المقربين منهما فإنه عانقها في تلك الأمسية. وبعد ثلاث سنوات أصبحت زوجته. شعبية كانت الزوجة محامية معروفة، وتعتبر من الوجوه المؤثرة في أوساط الحزب الديمقراطي في شيكاغو. وهي التي شجعت باراك على العمل في السياسة. وقد استجاب لنصيحتها، وكان يؤمن بقوة حدسها.
وفي عام 1996، بعد سبع سنوات من أول لقاء لهما، أصبح أوباما سيناتوراً لولاية آلينوى. وبموازاة حياتهما المهنية، سارت حياتهما العائلية بانسجام وسعادة. لقد ولدت لهما طفلة أولى هي ماليا ثم ثانية هي ناتاشا التي عُرفت بساشا. في عام 2008 أصبح باراك حسين أوباما الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية حائزاً 52.9 في المئة من أصوات الناخبين. وقد اشتهر بأنه صاحب أسلوب بعيد عن التشنج، وميال إلى التجديد. وهو الأسلوب الذي طبع سنوات رئاسته كلها. ففي ولايته الأولى، قام الزوجان بتحديث التقاليد المحيطة بمنصب الرئيس، وهو ما أثار إعجاب الأمريكيين. وعندما فاز بولاية ثانية كانت شعبيته مع زوجته قد تجاوزت أمريكا، واجتاحت القارات. وبهذا فإنهما تصدرا قائمة مجلة «فوربس» للثنائي الأكثر تأثيراً في العالم.
كان المصورون يلاحقونهما في كل مكان، حتى بعد خروجهما من البيت الأبيض. لقد جمعا ثروة من المحاضرات والأفلام الوثائقية على منصة «نتفليكس»، ونالا جائزة «جرامي». لقد دشنا حياة الرئاسة بثروة تزيد قليلاً على مليون دولار، وهما يملكان اليوم ثروة تقدر بأكثر من 242 مليوناً. وبهذا يتحقق شعار أوباما المفضل «نعم، نحن نستطيع».