فوجئ أهل السينما في هوليوود والمتابعين حول العالم بإعلان «جمعية مراسلي هوليوود الأجانب» (Hollywood Foreign Press Association) عن عودتها عن قرارها السابق بإلغاء حفلة توزيع جوائز «غولدن غلوبز» السنوية، ذلك القرار الذي تم إعلانه قبل بضعة أشهر إذعاناً لنقد كاسح تعرّضت له في مطلع هذه السنة.
الذي حدث في الخامس عشر من هذا الشهر هو الإعلان عن أن حفلة توزيع هذه الجائزة، التي تُعد ثاني أهم جوائز السينما في الولايات المتحدة، ستقام فعلياً في مطلع العام المقبل كعادتها كل سنة. وكالعادة أيضاً سيتم الإعلان مسبقاً عن الأفلام والشخصيات السينمائية المتنافسة على هذه الجوائز مسبقاً، وتم تحديد الموعد الذي سيتم فيه الكشف عن هذه الترشيحات يوم 13 ديسمبر هذا العام.
جوائز جولدن جلوبس لعام 2021 (تصوير كريستوفر بولك / إن بي سي يونيفرسال / وكالة الصحافة الفرنسية)
مصدر المفاجأة هو أن الجمعية كانت تلقت ضربات موجعة هذه السنة عندما نشرت صحيفة «ذَ لوس أنجلوس تايمز» تقريراً ذكر أن الجمعية تخلو من سينمائي أفرو-أميركي واحد وأن أعضاءها (نحو 90 عضواً يمثلون صحفاً ومنابر إعلامية خارج الولايات المتحدة) تفوز بمعاملة الشركات الهوليوودية على نحو غير مهني بما في ذلك الحفلات الساهرة التي يتم دعوة الأعضاء إليها والهدايا التي يستلمونها والرحلات المنظمة التي تدفعها شركات هوليوود لأعضائها لحضور تصوير المشاريع السينمائية التي تقوم بإنتاجها داخل أو خارج البلاد.
صوّر المقال الجمعية كما لو أنها عصبة من المستنفعين لا أكثر. لكن الحقيقة (وهذا الناقد عضو فيها) هي أن الجمعية لم تفرض هذه المعاملة الاستثنائية على أحد ولا الهدايا والامتيازات حكراً عليها. والواقع أن رئاسة الجمعية (ممثلة حتى حين قريب بصحفي تركي اسمه علي سار) لم تحسن الدفاع عن نفسها بل سارعت إلى الالتفاف حول نفسها معلنة أنها ستستجيب لهذا النقد وستجري تغييرات أساسية في هيكلها وهذا ما فعلت به.
الحقيقة التي فشلت الجمعية في إيضاحها للمنتقدين هي أنه لا يوجد صحفيين من أصول إفريقية سوداء طلبوا الانضمام إليها، وهي فوجئت بسرعة قبول الشركات المختلفة للنقد الموجّه علماً بأنها كانت شريكاً في تقوية عضد هذه الجمعية نظراً لقوّة الجائزة التي تمنحها.
فأوقفت العديد من الشركات التعامل معها وأعلنت جهات مختلفة (بينها محطة NBC) عن تجميد علاقتها مع الجمعية وعدم بث جوائز الدورة المقبلة لها إلى أن يتم قيامها بالإصلاحات.
تحديات قيامها بالإصلاحات هو تحديداً ما قامت به. عيّنت أشخاصاً من خارج الجمعية للإشراف على نشاطاتها وعمدت إلى زيادة عدد أعضائها (أصبح حالياً 105 عضواً) وأجرت ترتيبات إدارية عديدة لكي تلتزم بالشروط المهنية المطلوبة.
الإعلان عن إقامة الحفل المقبل تحد لمرحلة صعبة تواصل الجمعية اجتيازها. هذه المرحلة موصومة بردات فعل جاهزة ضد ما قد يُثير غضب جهات باتت تملك نفوذاً مثل جمعية المثليين (Glaad) وحركة «أنا أيضاً» (Me Too) النسائية بحيث إن شركات الأفلام باتت تحرص على ألا تثير غضب أحد ما يجعل حتى إنتاجاتها تبدو كما لو صُنعت في المطبخ وليس في الاستوديو باعتماد مكوّنات مختلطة.
حتى الآن، هناك رد فعل غاضب واحد (قد تليه ردات فعل أخرى بين مؤيد ورافض)، إذ أعلنت جمعية «ذَ كريتكس تشويس» عن معارضتها لعودة جوائز «غولدن غلوبز». السبب هو أن جمعية النقاد، التي دأبت على توزيع جوائزها السنوية من دون كثير اهتمام، حاولت استغلال أزمة جمعية المراسلين واحتلال مكانتها.
عودة الغولدن غلوبز سيُفشل هذه الخطّة. والمعركة (أو هل نقول المعارك؟) على هذا الصعيد سوف تتوالى بلا ريب. مهما يكن فإن جمعية مراسلي هوليوود الأجانب سيجدون الكثير من الأفلام هذا العام للتصويت عليها، من Dune إلى Belfast ومن The Harder They Fall (درامياً) إلى Juncle Cruise (في مجال الكوميديا) Reflection: Walk with the Water (في مجال الفيلم التسجيلي) والعديد الآخر