21 مارس 2021

قصة نجوزي أوكونجو إيويلا .. الجدة النيجيرية التي تدير تجارة العالم!

كاتبة صحافية

قصة نجوزي أوكونجو إيويلا .. الجدة النيجيرية التي تدير تجارة العالم!

التنافس كان شديداً كما هي الحال، عادة، في انتخابات الوظائف العليا لمنظمات الأمم المتحدة. لكن هذه الجدة الإفريقية التي نشأت في نيجيريا فازت بالمنصب بجدارة رغم كل الذين حاولوا عرقلة نجاحها. 

من هي نجوزي أوكونجو إيويلا، وكيف استطاعت مواصلة مسيرتها المهنية الحافلة رغم أنها زوجة وأم وجدة؟

قصة نجوزي أوكونجو إيويلا .. الجدة النيجيرية التي تدير تجارة العالم!

حين لم يجدوا ما يعترضون به عليها، عايروها بأنها جدة، أي سيدة متقدمة في السن، وبهذا فإنها لا تمتلك الطاقة المطلوبة لإدارة واحدة من المنظمات الحيوية للأمم المتحدة. لكن مسعى المعترضين خاب، وتم انتخاب نجوزي أوكونجو إيويلا مديرة للمنظمة العالمية للتجارة ومقرها جنيف في سويسرا. وبهذا فإن السيدة «العجوز» ستنتقل من شمس إفريقيا الدافئة إلى صقيع أوروبا.

إن قصة صعود نجوزي البالغة من العمر 66 عاماً تستحق أن تروى. فهذه الخبيرة الاقتصادية المولودة في نيجيريا اكتسبت شعبية عندما عينت وزيرة للمالية في بلادها مرتين. كما أن فترة عملها الطويلة مع البنك الدولي، منحتها شهرة إضافية. ثم اكتملت أطراف مجدها حين جرى تعيينها وزيرة خارجية نيجيريا.

قصة نجوزي أوكونجو إيويلا .. الجدة النيجيرية التي تدير تجارة العالم!

نالت شهادة من «هارفرد» والدكتوراه من «ماساشوسيتس»

في 13 يونيو 1954 ولدت نجوزي في نيجيريا، وهي تنتمي إلى قبيلة «إيجبو». والدها هو الأستاذ تشوكوكا أوكونجو، من سلالة الملك المعروف باسم «إيزي» الذي ينحدر من عائلة «أوموبي» الملكية. وبهذا فإن أباها كان حاكماً في تلك الأيام. وقد التحقت البنت بالمدرسة الدولية «إبادان»، الأمر الذي منحها أساساً علمياً قوياً ساعدها على دخول جامعة «هارفرد» العريقة في الولايات المتحدة. أكملت دراستها بدرجات عالية في عام 1977، وفي عام 1981 أكملت دراستها العليا وحصلت على الدكتوراه في التنمية الاقتصادية الإقليمية من جامعة «ماساتشوستس» للتكنولوجيا.

عملت بعد تخرجها في البنك الدولي لسنوات عديدة، وتدرجت في الوظيفة حتى أصبحت نائبة للرئيس. وفي عام 2003 استقالت من وظيفتها عندما عينها الرئيس أوباسانجو وزيرة للمالية في الحكومة النيجيرية. وبعد سنتين، تحت قيادة الوزيرة القديرة التي تجيد التفاوض، أبرمت نيجيريا صفقة مع منتدى باريس الاقتصادي حيث حصلت بلادها على ما يقرب من 12 مليون دولار. وساعدت الميزانيات، التي تم تخصيصها لكل ولاية شهرياً، على التطوير وزيادة الشفافية في المعاملات والثقة في الحكومة.

في مقر منظمة التجارة العالمية
في مقر منظمة التجارة العالمية

كانت وزيرة للمالية في نيجيريا مرتين ووزيرة للخارجية

لم يكن من السهل على امرأة أن تصارع الرجال في أوساط كانت حكراً عليهم. وكما يحدث في العديد من بلدان العالم الثالث، ثارت عدة فضائح ودعاوى قضائية أدت إلى استقالة الوزيرة من منصبها في عام 2006. لكن بعد سنة واحدة تم تعيينها مديرة عامة للبنك الدولي. ثم في وقت لاحق من عام 2011، عندما تولى رئيس جديد السلطة في نيجيريا، عادت مرة أخرى إلى منصب وزيرة المالية، وواصلت التأكيد على حقيقة أن البلاد بحاجة إلى ترشيد النفقات المتزايدة والعمل على تحقيق توازن بينها وبين الواردات.

إلى جانب حياتها المهنية السياسية، أدارت نجوزي منظمة خاصة غير ربحية للاستشارات. وقد عملت منظمتها مع منظمة «جالوب» لإدخال نظام متطور للاقتراع إلى الساحة السياسية النيجيرية. وفي تلك الفترة نشطت أيضا في المجلس الاستشاري للنزاهة المالية العالمية، وكانت عضواً في مجلس إدارة معهد الموارد العالمية، وقد تم تكريمها بعدد من الجوائز لعملها النموذجي. كما فازت بجائزة «تايم يوروب هيرو». والحقيقة أن الجوائز والتكريمات التي حصلت عليها لا تحصى. كما انتخبتها صحيفة «فاينانشال تايم» كشخصية عام 2012، وإلى جانب كل ذلك نالت درجات الدكتوراه الفخرية من عدد من الكليات والجامعات في جميع أنحاء العالم.

لذلك، تضامنت جهات عالمية عديدة حين حاولت صحيفة سويسرية الطعن في أهلية المديرة الإفريقية وفي قدرتها على الوفاء بمتطلبات منصبها الجديد، لأنها جدة. وهو «أسخف» اعتراض يمكن أن يخطر على البال في زمن تنادي فيه الأمم المتحدة بتمكين النساء وبدفعهن إلى مناصب القرار. ثم أن المرشحة الأفريقية لم تنزل بالمظلة على منصبها بل كانت عضواً في العديد من المناصب الدولية ووزيرة للمالية ومستشارة اقتصادية يشهد لها بالكفاءة.

قصة نجوزي أوكونجو إيويلا .. الجدة النيجيرية التي تدير تجارة العالم!

في اللحظة الأخيرة تراجعت الولايات المتحدة عن عرقلة ترشيحها

لم يلتفت ممثلو الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية للانتقادات المتعلقة بالسن، وبعد 15 دقيقة من افتتاح اجتماعهم أواخر الشهر الماضي، وافقوا على تعيين نجوزي أوكونجو إيويلا في منصب المديرة العامة، لتصبح أول امرأة وأول شخصية إفريقية تتولى هذا المنصب. وهو ليس بالحدث السعيد في حياتها بل واحد من أكبر التحديات التي تواجه المديرة الجديدة، نظراً لأن المنظمة تعاني شللاً شبه تام. ومع الأول من الشهر الجاري تولت الجدة النيجيرية مهام منصبها لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد، وهي قد دعت بعد تعيينها إلى إعطاء دفع للمنظمة، وقالت في بيان لها «إن تكون منظمة التجارة العالمية قوية، لهو أمر ضروري إذا ما أردنا أن نتعافى سريعاً وتماماً من الدمار الذي تسببت به جائحة كوفيد-19».

لم تحضر «العروس» جلسة زفافها في مقر منظمة التجارة العالمية، شأنها في ذلك شأن المندوبين الذين ناقشوا هذا الخيار عبر تقنية الفيديو. ولم يكتمل «العرس» الانتخابي لأن الجائحة التي هزت أسس المبادلات التجارية العالمية، حرمت المنظمة من تنظيم مراسم تعيين المديرة العامة الجديدة. وهي كانت المرشحة الوحيدة للمنصب بفضل توافق واسع حول اسمها، لا سيما دعم الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي لها. والأهم أن العهد الجديد في الولايات المتحدة الأميركية لم يعترض على ترشيحها، كيف يعترض والمرشحة خريجة «هارفرد»؟ وكانت إدارة دونالد ترامب قد سعت خلال أربع سنوات إلى تقويض المنظمة، وقامت بتعطيل التوافق الذي كان يرتسم حول المرشحة، لكن الأمر حسم في اللحظة الأخيرة خلال الخريف الماضي. وبعد فوزها قال المندوب الأميركي في المنظمة إنه حريص على العمل مع المديرة الجديدة ويمكنها أن تعول على الولايات المتحدة كشريك بناء.

نجوزي، التي كانت قد باشرت مسيرتها المهنية في البنك الدولي عام 1982 حيث عملت مدة 25 عاماً، حاولت الفوز برئاسة تلك المؤسسة المالية الدولية لكنها فشلت، عام 2012، أمام الأميركي من أصول كورية جيم يونج كيم. أما اليوم فإنها تدير مؤسسة لا تقل أهمية، تعاقب عليها منذ إنشائها في العام 1995 ستة رجال: ثلاثة أوروبيين ونيوزيلندي وتايلاندي فضلاً عن برازيلي.أبوها حاكم قبيلة إفريقية أرسلها للدراسة في أميركا.