قبل أربعة أو خمسة أعوام نشرت صحيفة «النهار» اللبنانية تقريراً عن أكثر أربع مدن في العالم شهرة في تحضير القهوة، وإقبال السكان فيها على تناولها، وهذه المدن هي على التوالي: سياتل الأمريكية، بنما في أمريكا الجنوبية، بوغوتا عاصمة كولومبيا، وسيول في كوريا الجنوبية، وحسب الصحيفة فإن «سياتل» هي كلمة مرادفة للقهوة، فلدى مواطني شمال غرب المحيط الهادئ نوع من علاقة حب مع القهوة، وتحتوي مدينة سياتل على أشهر وأبرز أنواع القهوة الأمريكية والعالمية.
بينما تنتج بنما أرقى أنواع البن في العالم، نظراً لجودته العالية وتكلفة المواد الخام، وكفاءة مزارعي البنّ، وتقام، وبشكل منتظم، معارض في المدينة لمعرفة كيفية تحضير القهوة كما تُنظم عدة شركات رحلات لزيارة عدد من المزارع والمقاهي المحلية التي تقدّم القهوة التي تشتهر بها المدينة.
ويصل معظم الزوار الدوليين إلى العاصمة الكولومبية، للتعرف إلى قهوتها وتناولها، وتنتشر في المدينة مقاهٍ محلية متخصصة في تحضير وتقديم القهوة الكولومبية المرتفعة الجودة. أما في سيول الكورية فإنه من الشائع أن يتم تسليم كوب من القهوة سريعة الذوبان في الوقت الذي تنتظر في محال بيع الهواتف الخليوية، وبعد تناول وجبة.
هل يمكن أن ترد سيرة القهوة دون أن يأتي الذكر على قهوتنا العربية؟ فبحسب بعض المصادر فإن تاريخ زراعة البن في المنطقة العربية يعود إلى القرن الخامس عشر، ومنذ ذلك الوقت انتشرت القهوة كمشروب لا يستغني الكثيرون عنه، ويذهب بعض الرواة إلى القول بأن شجرة البن التي من ثمارها تُحضّر القهوة، عرفت، أول ما عرفت، في جنوب الجزيرة العربية، وأن العرب كانوا أول من تذوقها بين أقوام الأرض، وتروى حكاية عن راعي غنم كان يجول بالقطيع في أنحاء المروج، حين لاحظ أنه يظهر على غنم قطيعه النشاط والحيوية عند تناولها لثمار شجرة البن، فكان أن أدرك أثر هذه الثمار في بثّ الحيوية والطاقة حتى لدى البشر أيضاً.
ويقال إن الشيخ جمال الدين الذبحاني هو أول من أدخل القهوة إلى الجزيرة العربية، حيث كان يتنقل بين المدن نظراً لأعماله وتجارته، ولما تعرّف إلى مشروب القهوة أعجب بمذاقها وحين عاد إلى موطنه أرسل من يجلب إليه هذا المنتوج من الحبشة، وعلى صلة بهذا المنشأ فإن وزارة الثقافة في المملكة العربية السعودية اختارت هذا العام، 2022، ليكون عاماً للقهوة السعودية، وسيتضمن عام القهوة السعودية سلسلة من الأنشطة والفعاليات والمسابقات التي تعرف بأنواعها والطرق المختلفة لتحضيرها، وأماكن زرع أشجارها في أنحاء البلاد، وليس بأقل أهميّة من ذلك طقوس تقديمها وتذوقها.