26 يناير 2022

وادي العبادلة في الفجيرة.. الجمال تحت ظلال التاريخ

محررة في مجلة كل الأسرة

وادي العبادلة في الفجيرة.. الجمال تحت ظلال التاريخ

مجرد التأمل في مساحات الوادي المترفة بالاخضرار كفيل بأن يشعرك بالقدرة على التنفس بحرية تامة، وبعيداً عن الضغوطات.

وادي العبادلة، عنوان جديد يضاف إلى سجل الأفراد والعائلات، حيث يشكل واحة خضراء يلجأ إليها الكثيرون هرباً من صخب الحياة اليومية أو من الضغوطات المهنية، وبالأخص مع استمرار فيروس «كورونا» في ترك بصمته في المساحات الضيقة أو المغلقة.

يقع الوادي في إمارة الفجيرة ويقصده الزوار من مواطنين ومقيمين والسياح الأجانب، حيث الانطلاق إلى الوادي يتوازى مع الطريق الممتد بين مسافي ودبا الفجيرة، وأطلقت هذه التسمية على المكان لكون أغلبية سكانه كانوا من قبيلة العبدولي وقبيلة الزيود.

وادي العبادلة في الفجيرة.. الجمال تحت ظلال التاريخ

في تلك المساحات شاهقة الارتفاع، يجد المرء نفسه وسط الخضرة الوارفة في ظل الأفلاج المائية عند حافة الوادي، كما يجد نفسه تحت ظلال من التحدي في تجاوز تلك المنعرجات صعوداً ونزولاً تكتنفها أشجار النخيل والموز والليمون.

يراهن المغامر الإماراتي وليد العبدولي على البعد البيئي والتاريخي للمكان الذي يشكل له ملاذاً للاستكشاف والعيش مع الطبيعة والمغامرة. يجد وصفاً دقيقاً لتلك البقعة من باب معايشته لتفاصيل الأرض والهواء خلال مشاركاته في بعض أنشطة مركز الفجيرة للمغامرات «هذا الوادي يكتنف أحضان الطبيعة، حيث مسار وادي العبادلة الذي تم إنشاؤه منذ نحو عامين وعزّز البعد السياحي للمنطقة، وكان عامل جذب للكثير من العائلات، وبالأخص مع جائحة «كورونا» ولجوء الأفراد إلى التنفيس عن ضغوطاتهم في أرجاء الطبيعة».

وادي العبادلة في الفجيرة.. الجمال تحت ظلال التاريخ

وكان مركز الفجيرة للمغامرات قد عمل على إنشاء وإحياء 23 مساراً بيئياً بين الجبال والأودية والتلال في مختلف مناطق الفجيرة، بينها مسار وادي العبادلة الجبلي، وعدد من المسارات لتعزيز قطاع السياحة البيئية وسياحة المغامرات، واستكشاف البعد التاريخي ومعالم الطبيعة في الإمارة.

وفي هذا الصدد، سبق لمدير المركز والمغامر الإماراتي سعيد المعمري، أن أكد أن «المركز عمل على إنشاء وإحياء العديد من المسارات في مناطق الفجيرة، وخصوصاً الجبلية»، لافتاً إلى أن «رياضة المشي في المسارات الجبلية من الرياضات الممتعة والمشوقة، وتتسم بالكثير من الأبعاد الاجتماعية والبيئية والتراثية والرياضية».

وادي العبادلة في الفجيرة.. الجمال تحت ظلال التاريخ

يشكّل الوادي مشهدية تزاوج بين ثلاثية ثرية: الطبيعة الخلابة من جهة (خضرة ومياه وأفلاج وظلال وارفة)، وبين البعد التاريخي لهذه البقعة التي سكنتها قبيلة العبدولي وقبائل أخرى، والجانب المغامراتي الذي تم استثماره في رحلات الهايكينغ، والمشي في الطبيعة وسط أشجار الغاف والسدر والسمر.

للمياه التي تنبع من الصخور حكاياتها الشفافة، فهي عذبة تروي المرتادين العطشى، كما تروي المحاصيل والمنتجات الزراعية، وتساعد في نمو الأعشاب والنباتات البرية التي يتم توظيفها في خلطات لعلاج بعض الأمراض. كما تتوافر برك مائية ملأى بأسماك الصد، وهي من الأسماك الصغيرة التي تعيش في المياه العذبة من فصيلة الشبوطيات، حيث تمّ تصنيف سمكة الكهوف العمياء الإماراتية من ضمنها حديثاً، وهي تعيش في برك وادي الوريعة، وأعطي لها اسم علمي جديد هو «جارا بريمي وريعي».

وادي العبادلة في الفجيرة.. الجمال تحت ظلال التاريخ

المغامرات جزء من المتعة في المشي في وادي العبادلة لما لها من أثر في تحسين المزاج وفي الإطلالة على مكان يجمع المغامرين من كل الجنسيات، حيث الأغاني والأهازيج تتردّد على لسان البعض، في حين يعمد آخرون إلى الاستماع إلى الموسيقى بعيداً عن الثرثرة، في وقت يعتبر غيرهم التجربة نوعاً من التماس مع الطبيعة وتأمل تضاريس الوادي بمنعرجاته ومنحدراته، والهضاب المحيطة به وعيون مياهه الكبريتية.

يقصد الكثير من الأجانب المكان بحثاً عن الاستكشاف والسكينة في ظل الهدوء اللافت الذي يحيط بالمكان، كما الجبال التي تشكل سياجاً طبيعياً والظلال الوارفة لأشجار النخيل على مختلف أنواعها، والمانجو والليمون، لدرجة يردد البعض أن خيوط الشمس لا تجد طريقها إلى وادي العبادلة لكثافة الثروة الحرجية والمزارع الخضراء المنتشرة على ضفاف المكان.

وادي العبادلة في الفجيرة.. الجمال تحت ظلال التاريخ

تحافظ تلك البقعة على خصوصيتها وعلى تماسها مع تاريخ العديد من قبائل المنطقة، فما زالت العادات الأصيلة راسخة فيها، كما هو نبض المكان وظلاله، حيث الطبيعة تصنع جنتها المنفردة.