«إكسبو 2020 دبي» هو الفسحة التي كشفت من خلاله الكثير من الدول عن اهتمامها في مجال البيئة والاستدامة، إلا أن جناح سنغافورة، الذي جسد شعاره في هذا الحدث العالمي عنوان «الطبيعة.. الرعاية.. المستقبل»، حمل رسالة واضحة أوضح فيه عن قدرة سنغافورة على دمج الطبيعة مع النسيج الحضري بإنشاء مدن متكيفة ذاتياً تقوم على نظم بيئية خضراء.
الغابة الماطرة
التجول في غابة ماطرة مستدامة والسير تحت ظلالها الوارفة في نظام بيئي أخضر قائم على مبدأ الاكتفاء الذاتي واستهلاك صفري للطاقة هو شكل ومضمون الجناح السنغافوري، حيث الشكل المعماري القائم على التطوير المدني المبتكر امتداداً للطبيعة وهو الفكرة العامة والهدف الذي تسعى سنغافورة لتحقيقه لمواجهة التحديات البيئية التي سببها التحضر وتعقيدات الحياة.
وضعت سنغافورة العمارة الخضراء على رأس أولوياتها وعكست روح التنمية المستدامة باستغلال المساحات بحلول من خلال عرض نظام متكامل لإدارة المساحات الخضراء بأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا الحديثة في أنظمة المياه والطاقة والهواء حيث أثبتت أن الزراعة ممكنة في أي مكان في العالم وفي مختلف الظروف.
روبوتات متسلقة للمحافظة على صحة النباتات
تعتمد فكرة تصميم الجناح على وجود ألواح لالتقاط أشعة الشمس في الطبقة العلوية يتم استخدامها في وقت لاحق لتنقية المياه التي تسقط على الأرض والتي تستخدم في ري مختلف أصناف النباتات وتلبية احتياجات ومتطلبات الإنسان من الماء.
استخدمت سنغافورة في الجناح أحدث ما توصلت إليه من روبوتات متسلقة قادرة على كشف واستشعار احتياجات 170 نوعاً من النباتات إضافة إلى مجموعة من المستشعرات التي تساعد على معرفة مجموعة من البيانات كدرجات الحرارة، نسبة الرطوبة ونسبة الأوكسجين في الجو للمحافظة على صحة النباتات التي تشكل مظلة لأكثر من 8 آلاف نوع من النباتات المحفوظة في أصص تعلوها أنابيب تلتقط أشعة الشمس تعكسها عليها لتغمرها بطبقة خفيفة من ضياء الشمس بشكل يومي، كما توفر إضاءة لتعزيز النمو الليلي المتوازن.
زهور الأوركيد الساحرة
من بين ما يميز جناح سنغافورة أيضاً تخصيص قسم لزهور الأوركيد الذي صمم ليبين للزائرين طريقة زراعة وتهجين هذا النوع من الزهور، حيث يضم أربع مختبرات تبرز طريقة إكثار وتهجين هذه الأزهار بألوان مختلفة، كما يضم القسم أصنافاً فريدة بعضها يزهر في الداخل ويتم الحفاظ عليها من خلال مادة هلامية ونباتية تحتفظ بكل قطرة ماء.
برامج وخطط حكومية للتشجير
وعي حكومة سنغافورة بالمخاطر البيئية جعلها من أكثر الدول استدامة في العالم واهتماماً بالثروة النباتية حيث أطلقت عدة برامج للتشجير، كما يعيش 85% من سكانها في مساكن عامة عالية ضمن مساحة تقع فيها 8 من بين 10 منازل على بعد 10 دقائق سيراً على الأقدام من حديقة، ومن بين هذه الحدائق حديقة سنغافورة النباتية، أول موقع في سنغافورة مسجل ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي، تقع على بعد 5 دقائق فقط من حزام التسوق الشهير في شارع «أورشارد» الذي سمي على اسم المشاتل المصطفة على جانبيه في حقبة الأربعينات، وهذا ما دفعها إلى تقديم التصورات والتحديات التي يواجهها كوكب الأرض من خلال شاشات بانورامية تعرض المئات من مقاطع الفيديو التي يبثها الجناح لزائريه ليكشف مخاطر التطور للتنمية الحضرية التي نعيشها اليوم والحلول والتدابير التي اتخذتها الحكومة السنغافورية في هذا المجال والتي منها تحديد استعمال العربات الخاصة عبر رفع تكلفة استعمال العربات وفرض رسوم إضافية لتخليص المدن من الازدحام، كما في المقابل تم تطوير واحد من أفضل أنظمة النقل المتكاملة في العالم مع استعمال مكثف للحافلات والقطارات العمومية التي تشمل أيضاً النقل من وإلى المناطق المجاورة للبلاد.
*تصوير: السيد رمضان