صورة تعبيرية
خطأ تلو الآخر دفعت الفتاة ثمنه غاليًا، قصة حب فاشلة وخيانة من حبيبها النذل، دفعت بجميع الأطراف إلى حافة الهاوية وقادت الأسرة إلى الهلاك.
بدأت الحكاية بقصة حب خيالية، كانت كلها أحلام وطموحات ضد الواقع، وانتهت نهاية مأساوية وكارثية، فالمجني عليها فتاة جميلة لم يتخط وقت مقتلها الـ23 من عمرها، أما الجناة فكان كل من والدها وشقيقها، وسبب الجريمة، الدفاع عن العرض والشرف والتخلص من فضيحة مدوية لم يكن لها أي علاج، كما وصفها الأب في اعترافاته ، تفاصيل مثيرة ودقيقة وانحراف للفتاة عن الطريق المستقيم، ورغم أنها حاولت جاهدة أن تُخفي سرها عن الجميع إلا أن الصدفة كشفت بما لا يدع مجالًا للشك أنها ليست فوق مستوى الشُبهات.
العائلة بالكامل تعرضت للانهيار بسبب خطيئة وانحرافات كريمتهم الكبرى، ورغم نشأتها في كنف عائلة مستقرة وأسرة متماسكة يملؤها الحب، إلا أن هذا لم يكن كافيًا بالنسبة لها، تعلق قلبها بالحب لكن بطريقتها الخاصة، وجدت ضالتها في أحد زملائها، كان من وجهة نظرها يمثل الحياة بالنسبة لها، لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدُركه، فشلت قصة حبهما فشلًا ذريعًا، حيث اكتشفت الفتاة بعد فوات الأوان أنها لم تكن سوى نزوة في حياة حبيبها الذي رفض الزواج منها رسميًا، ليبدأ فاصل من المراوغات والحيل دفعت بها إلى أن تكون ضحية لهذا العشق الحرام.
كيف اُكتشفت قصة الحب؟
على الجانب الآخر كان أحد الجيران يهيم بها عشقًا، تقدم لخطبتها ووافقت الأسرة على قراءة الفاتحة بشكل مؤقت على أن تتم إجراءات الخطوبة بشكل رسمي فور انتهائها من دراستها في نهاية العام، وبالصدفة البحتة شاهد الشاب خطيبته وهي تسير مع أحد الشباب بعد انتهاء اليوم الدراسي، وعندما تتبعها كان الأمر صادمًا بالنسبة له، ما دفعه للسؤال عنها في محيط أصدقائها واكتشف الطامة الكبرى، تبين أنها ليست فوق مستوى الشُبهات، كانت الصدمة قاسية خصوصًا أن الفتاة التي اختارها قلبه لم تصارحه بأي شيء، شعر بالإهانة الشديدة ولم يكن أمامه مفرًا من فسخ الخطوبة من جانبه، وعندما استفسرت أسرة الفتاة عن السبب أكد لهما أن سمعة كريمتهم المصونة ليست في أحسن الأحوال.
كان الأمر يمثل صدمة قاسية للأسرة المكلومة التي تلطخت سمعتهم في الوحل، ولم يكن هذا كل شيء وإنما بدأت الألسنة داخل القرية الصغيرة تتحدث عن سبب فسخ الخطوبة، ما دفع الجميع للابتعاد عنهم، لذا كان حكم الأب ونجله النهائي قاطعًا، أصدرا حكماً بالإعدام على كريمتهم، وهو ما تم بالفعل كما سنوضح لاحقًا.
- المكان: إحدى القرى الموجودة على أطراف العاصمة، والتي تتميز بأن جميع الأهالي والجيران فيها يعيشون وكأنهم أسرة واحدة يعلم كل منهم ظروف وأحوال الآخر.
- الزمان: عندما أشارت عقارب الساعة إلى التاسعة ليلًا.
- التفاصيل: جريمة قتل بشعة شهدها المنزل الهادئ المشهود له بالطيبة وحسن السلوك والسمعة، أقدم الأب على ذبح كريمته الكبرى التي لا يزيد عمرها على الـ23 عامًا بحجة أنها جلبت لهما العار بسبب سوء سلوكها.
بدأت ملامح الكشف عن الجريمة في غضون الساعة العاشرة مساءً، حيث تعالت أصوات الصراخ والعويل داخل المنزل الهادئ، كان الصوت هو أنين وبكاء الأم والدة المجني عليها، تجمع الأهالي على مصدر الصوت، كان المشهد مفاجئًا وحزينًا، الأب يأوي إلى ركن بعيد من أركان المنزل، الدموع تملأ عينيه، ويداه ملطختان بالدماء، أما نجله الأصغر كان ممسكًا بآلة حادة ويهذي بكلمات سمعها كل الحضور «لم تعد تستحق الحياة بعد الآن».
وبعد دقائق معدودات فر الشاب هاربًا وسط ذهول الجميع، أما كريمتهم فكانت مسجاة على أرضية المنزل غارقة في دمائها وقد غادرت الحياة.
مشهد صعب ومؤلم ولكن لم يحتاج الأمر إلى توضيح أو شرح، كان يبدو للوهلة الأولى أن الأب ونجله لهما علاقة مباشرة بمقتل الفتاة، ونجح الأهالي في التحفظ على الأب القاتل بعد هروب نجله.
صورة تعبيرية
الأم كانت خارج المنزل وقت وقوع الجريمة
بعد دقائق معدودات، تلقى اللواء مدير الإدارة العامة لمباحث العاصمة إخطارًا من قسم الشرطة يفيد بوقوع جريمة قتل بشعة، على الفور انتقل رجال المباحث لمكان الواقعة لمعاينة مسرح الجريمة، وبالفحص تبين العثور على جثة فتاة في بداية العقد الثاني من عمرها، بها آثار طعنات متفرقة بجسدها، وتم نقل الجثة إلى المشرحة تحت تصرف النيابة العامة، وبإجراء التحريات الأولية تبين أن وراء ارتكاب الواقعة والدها وشقيقها نتيجة سوء سلوكها وبعد فسخ خطوبتها بسبب سمعتها التي أصبحت على كل لسان.
تم التحفظ على الأب الذي أكدت والدة المجني عليها أنه القاتل، كما تم انتداب رجال البحث الجنائي لمعاينة مسرح الجريمة، ثم تم إبلاغ النيابة العامة بالتفاصيل المبدئية لأسباب وطريقة ارتكاب الواقعة والمتهمين فيها، ما دفع النيابة العامة لإصدار أوامرها بندب الطب الشرعي لتشريح جثة الابنة المجني عليها، حيث تبين من المناظرة إصابتها بعدة طعنات في أنحاء متفرقة من الجسد إضافة إلى جروح وكدمات في رأسها نتيجة التعدي عليها بآلة حادة، وكلفت النيابة الطب الشرعي لتحديد سبب الوفاة.
تبين من التحريات وتحقيقات النيابة أن الأم كانت خارج المنزل وقت وقوع الجريمة وعندما عادت فوجئت بابنتها غارقة في دمائها وفارقت الحياة. بدأت الأم بالصراخ والعويل ما استدعى الجيران الذين قاموا على الفور بالتحفظ على الزوج ولم يتمكنوا من السيطرة على شقيق المجني عليها الذي فر هاربًا وبيده آلة حادة ، ومن ثم تم إبلاغ الشرطة.
وعندما وصلت قوات الأمن تبين وجود الأب وهروب شقيق المجني عليها بعد اشتراكه في الجريمة، وكشفت تحريات الأجهزة الأمنية أن شقيق المجني عليها ووالدها وجها لها عدة طعنات بسبب سوء سمعتها وشكه في سلوكها.
الأب يعترف
«كانت تستحق القتل بعد أن لطخت شرف العائلة، طول عمري عايش بشرفي وسمعتي، أتمتع بحب الجميع من جيران وأصدقاء وأقارب، لم أتخيل يوماً أن تكون نهايتي هكذا والسبب هو ابنتي، الجميع كان ينظر لابنتي ويحلم بها، يتمنى رضاها ورضاي لتكون ابنتي زوجة له، الجميع كان يتسابق لخطبتها، وفجأة ابتعد عني الناس بلا مبرر، كل من حولي كان يرمقني بنظرات غريبة وغير مفهومة، الكثير من الجيران ابتعد عني وعن أسرتي فور فسخ خطوبتها.
في البداية لم أكن أعلم السبب الحقيقي وراء ابتعاد الناس عني وعن أسرتي حتى اكتشفت الطامة الكبرى، واكتشفت أنني آخر من يعلم، ابنتي سارت في طريق الحرام، لذلك قتلتها وغسلت عاري بيدي بعد أن تسبب انحرافها في تناول سمعتها وسمعتنا بالسوء».
بهذه الكلمات أنهى الأب القاتل كلماته واعترافاته أمام رئيس نيابة العاصمة، لم يتمكن من البوح بأكثر مما قاله ونطق به لسانه، غلبته دموعه، شرد ذهنه وكأنه يسترجع شريطاً من الذكريات الجميلة الممزوج بالمجهول حتى انتهى به المطاف وقد تلوثت يداه بدماء كريمته الوحيدة.
عقب تقنين الإجراءات، تمكن رجال المباحث من ضبط شقيق المجني عليها الهارب، وبمواجهته اعترف بالاشتراك في ارتكاب الجريمة دفاعًا عن الشرف، وتم تحرير محضر بالواقعة.
أمرت النيابة العامة بحبس كل من الأب القاتل ونجله 15 يومًا على ذمة التحقيقات الجارية معهما مع مراعاة التجديد في الموعد المحدد وحتى إحالتهما إلى محكمة الجنايات لتصدر المحكمة حكمها النهائي في هذه القضية باعتبارها قضية شرف.