24 فبراير 2022

لماذا ترتفع معدلات الطلاق بين أبناء الأسر المرفهة؟ دار الإفتاء تجيب

محرر متعاون

لماذا ترتفع معدلات الطلاق بين أبناء الأسر المرفهة؟ دار الإفتاء تجيب

كم من زيجات بين أبناء الطبقة المرفهة نجحت وحققت ثمارها، وضربت نموذجاً جيداً في الاستقرار الأسري والسعادة الزوجية.

لكن كشفت دراسة اجتماعية حديثة أجريت بجامعة الإسكندرية المصرية مؤخراً عن ارتفاع معدلات الطلاق بين أبناء الأسر المرفهة، حيث زادت نسبة الطلاق فيها 28% عن أقرانهم من أبناء الطبقات المتوسطة والفقيرة، وهو ما يستدعي الوقوف عندها، لنحاول التعرف إلى الأسباب.

الشاب الذي وجد مؤنة الزواج ميسرة ولم يبذل جهداً ولم يشقَ لكي يتزوج يصبح الزواج والطلاق عنده أمراً هيناً،

في البداية يؤكد د. شوقي علام، مفتي مصر، أن كل زيجة لا تقوم على الاختيار الصحيح بين الطرفين، من الطبيعي أن تعاني مشكلات وأزمات، وقد تنتهي بأبغض الحلال، وذلك بصرف النظر عن المستوى الاجتماعي للزوج والزوجة.. ويقول «استقرار العلاقة الزوجية يتطلب قدراً كبيراً من الصبر والحكمة لدى طرفي العلاقة الزوجية، ويتطلب أيضاً الاعتراف بحقوق الطرف الآخر والوفاء بها، وهذا ما تؤكده تعاليم الإسلام، ففي هذه التعاليم والأخلاقيات والتوجيهات حرص كبير على مستقبل العلاقة بين الطرفين.

فمثلاً في بعض البيئات العربية لم يكن متاحاً للراغبين في الزواج من الجنسين التعرف إلى بعضهما البعض، وفي ظل الالتزام بتعاليم الدين هذا العرف مرفوض، فمن حق كل من الطرفين أن يرى من اختاره ليكون شريكاً لحياته، ويتعرف إلى فكره ورؤيته للحياة، ويطمئن إلى كونه مناسباً لكي يشاركه حياته بحلوها ومرها، وفي ظل تعاليم الإسلام ينبغي أن يكون بين الطرفين كفاءة، بمعنى أن يكون مستواهما الاجتماعي والفكري والثقافي متقارباً، وكلما كان بين الطرفين كفاءة كلما كانت فرص نجاح الزواج كبيراً».

ويوضح مفتي الديار المصرية أن كثرة وقوع الطلاق بين أبناء الأسر المرفهة قد يكون مؤشراً إلى عدم الشعور بالمسؤولية تجاه الحياة الزوجية، وقد يكون الجانب المادي عاملاً مساعداً في ذلك، فالشاب الذي وجد مؤنة الزواج ميسرة ولم يبذل جهداً ولم يشقَ لكي يتزوج يصبح الزواج والطلاق عنده أمراً هيناً، وهذا أمر منهي عنه شرعاً، فهو يتزوج هذه لفترة ثم يذهب إلى غيرها بيسر وسهولة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لعن كل رجل زواق للنساء، أي يتزوج ويطلق من أجل تلبية شهوته، لأن من أبرز أهداف الزواج في الإسلام إقامة أسرة مستقرة والإنجاب وتربية الأولاد تربية سوية.

أهم أسباب ارتفاع الطلاق بين أبناء الأسر المرفهة

ويوضح د. علام أن من أهم أسباب ارتفاع الطلاق بين أبناء الأسر المرفهة هو «التسرع في إيقاعه من جانب الزوج، أو تسرع الزوجة في طلب الطلاق» وقد يكون الزوج قد فوض زوجته في تطليق نفسها عندما تحتاج ذلك فتطلق نفسها مع أول خلاف.

ويضيف «وقد يكون الزواج قائما على مصلحة معينة، وهنا تكون العلاقة الزوجية في مهب الريح، لأنها ليست قائمة على الحب والرغبة المتبادلة، وغير ذلك من الأسس المتينة التي يريدها الإسلام للعلاقة الزوجية. ومع ذلك أرشد الإسلام الزوجين إلى عدم التسرع في قطع رباط الزوجية حتى ولو لم يكن الزواج قائماً على أسس واقعية، كما أرشد الإسلام الزوجين بعدم التسرع في الطلاق عند وقوع أي مشكلة أو حدوث خلاف، بل ينبغي عليهما التمسك بهذه العلاقة التي وصفها الخالق بـ«الميثاق الغليظ»، وذلك من خلال المعاملة بالرفق والرحمة، وحسن الظن، واعتدال الغيرة، والمشاركة في تحمل أعباء الحياة، ومراعاة كل طرف لظروف الآخر».

ويطالب مفتي مصر بضرورة بمشاركة الابن أو الابنة في اختيار شريك الحياة، «الحوار الموضوعي بين الأسرة والشاب أو الفتاة مهم للغاية، فقد يختار الشاب أو تختار الفتاة بالعاطفة بعيدا عن العقل، وعند الزواج ننصح أولادنا أن يفكروا بموضوعية ويستخيروا الله بعد دراسة وافية لكل المزايا والعيوب في الطرف الآخر، وأن تكون هناك فترة خطبة للتعرف بين الطرفين، وبعدها يقرر الطرفان استكمال مشروع الزواج أو التوقف، وليس عيباً أن تتم الخطبة بين شاب وفتاة وبعد تعرفهما على بعض يتم فسخ الخطبة، ففسخ الخطبة في مرحلة مبكرة أفضل كثيراً من أن يتم الزواج ثم يحدث الطلاق».