4 أبريل 2022

د. باسمة يونس تكتب: من أجل قاتل!

كاتبة إماراتية، دكتوراه في القيادة التربوية

كاتبة إماراتية، دكتوراه في القيادة التربوية. أصدرت (10) مجموعة قصصية، (4) روايات،(12) نص مسرحي وعدة أعمال درامية وإذاعية .حاصلة على أكثر من( 22 ) جائزة في مجالات الرواية والقصة والمسرحية.

د. باسمة يونس تكتب: من أجل قاتل!
كاتي كيتشن مع قاتل والدها

لم تشعر كاتي كيتشن بالحزن على مقتل والدها بعد سرقته تحت تهديد السلاح كحزنها على مصير الجامايكي «جوزيف وايت» الشاب المدان بجريمة قتله من قبل هيئة محلفين في غضون خمسة وأربعين دقيقة.

كانت كيتشن قد سافرت بعد مقتل أبيها حول العالم وحصلت على البكالوريوس، وتدربت في فصل يوغا في هيوستن والتقت زوجها الثاني لكنها ظلت قلقة لأنها تريد أن تفعل ما سيحدث فرقاً في حياتها.
ويبدو أن التعاطف مع وايت قد جعلها تتغلب على معاناتها من الضيق والخجل لتصبح أكثر مرونة في مواجهة معاناة الآخرين.

وفي عام 2014 وبعد حضورها ندوة بعنوان «صنع التغيير الذي يريدون رؤيته» التقت «رينولدز» التي تنظم حملة ناجحة لإغلاق سجن سيئ السمعة في إلينوي ومتحدثاً آخر يدعى داريل كانون قضى أربعة وعشرين عامًا في السجن لاتهامه بجريمة قتل لم يرتكبها وشعرت بـ «خجل عميق» وتساءلت عن حق جوزيف وايت في أن يكون حراً بعد أن أمضى أكثر من 20 عاماً في السجن، و«ماذا لو أصبح شخصًا صالحًا؟».

وفي ذلك الخريف، التحقت كيتشن بندوة للتطوير الشخصي، وخلال الجلسة الأخيرة من الندوة الثانية شعرت أنها تمر بـ «تحول» وعندما حان دورها للاقتراب من الميكروفون كان قلبها يدق بسرعة لأنها ستكشف خطتها عن إخراج الرجل الذي قتل والدها من السجن.

كانت والدة كيتشن ترفض الإفراج المشروط عن وايت في كل مرة، ولكن وبحلول الوقت الذي أكملت فيه كيتشن الدورة كانت إلسا قد ماتت، ولم يعارض أحد في العائلة رسميًا خططها لإطلاق سراحه.

وفي أكتوبر من عام 2014، أجرت كيتشن اتصالاتها بالمدعي العام في قضية والدها والتحقت ببرنامج يسهل الاجتماعات بين الضحايا الجناة وعلمت أن وايت اعتنق الإسلام أثناء سجنه وسمى نفسه يوسف وحصل على شهادة مهنية.

وأوصت المدعية العامة يومها بنقل وايت إلى وحدة كارول فانس وهو سجن انتقائي للغاية في مقاطعة فورت بيند في تكساس والالتحاق ببرنامج إعادة تأهيل مدته ثمانية عشر شهرًا على أن يطلق سراحه إن أكمل البرنامج.

التقت كيتشن مع وايت في 20 مايو 2015 وبعد أيام قليلة من اللقاء كتبت عن امتلاء كيانها بالرحمة وكيف تحدثت معه لمدة أربع ساعات ونصف الساعة وفي نهاية الاجتماع استأذن من الوسيط ليعانقها.

أكمل وايت برنامج إعادة التأهيل في ربيع عام 2017 وسافرت كيتشن من نيويورك إلى هيوستن، على أمل مقابلته عند مغادرته السجن، لكنها علمت أن شروط الإفراج المشروط عنه تمنعه من الاتصال بأسرتها فاستأجرت مخرجًا محليًا سجل لها الساعات الأولى من حرية وايت.

وبعد ثمانية أشهر نجح التماس وزارة العدل الجنائي للتنازل عن الحظر المفروض على وايت، فحضرت كيتشن احتفالًا في كارول فانس لوايت وغيره من المفرج عنهم، وصعد وايت إلى المسرح مرتديًا ربطة عنق وبدلة سوداء اشتراها من أرباح وظيفته الجديدة في خط تجميع في إحدى شركات تصنيع سيارات الإسعاف كما قال للجمهور، ثم قال «منذ خمسة وعشرين عامًا، قتلت رجلاً. أنا هنا لأن ابنة هذا الرجل سامحتني».

في السنوات التي تلت إطلاق سراح وايت ظلت كيتشن وزوجها يرسلان لوايت هدايا عيد الميلاد ووجبات طعام كلما سافرا إلى مدينته.

 

مقالات ذات صلة