25 مايو 2022

هل اختفى الممثل والمخرج وودي ألن إلى الأبد؟

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

هل اختفى الممثل والمخرج وودي ألن إلى الأبد؟
وودي ألن

ماذا حدث للممثل- المخرج وودي ألن؟ الجواب بكلمة: اختفى.

بالعادة، ينجز ألن الفيلم ويبدأ التالي بعد أسابيع قليلة. يختار سيناريو ليبدأ تصويره ويقرأ سيناريو آخر. ينجح في عرض أفلامه لجمهور متيّم بالكوميديات العاطفية التي تتحدّث عن العلاقات بين البشر بأسلوب ساخر ومرح. تتمنى عرض أفلامه المهرجانات ويلتف حولها الهواة.

هذه كانت العادة.. اليوم لا يوجد شيء من ذلك. في العام 2000 حقق ألن آخر فيلم له (حتى الآن) بعنوان «مهرجان رفكن» (Rifkin‪'s Festival) كان بمثابة تحية منه لإسبانيا ولمهرجانها سان سابستيان ويدور حول مخرج وزوجته يذهبان لحضور ذلك المهرجان ويفاجآن بجو البهجة السائد هناك «هذا ما أتحدث عنه: السينما هي الحياة»، يقول المخرج لزوجته في أحد المشاهد.

لكن.. هذا في السينما، أما على أرض الواقع فإن سنة 2000 خلت من البهجة عند وودي ألن.

كانت السنة التي اتهم فيها بتحرّشات جنسية مع إحدى بناته بالتبنّي، ومع أن المحكمة لم تجد أدلّة بل أقوالاً في هذا الشأن، إلا أن سمعة ألن وجدت حضيضها وبقيت فيه حتى الآن.

كيف يختار وودي ألن شخصياته؟

هل اختفى الممثل والمخرج وودي ألن إلى الأبد؟
وودي ألن

في الواقع، لا يتوقع أحد أن يجد في أفلام ألن المختلفة شخصيات أخلاقية أو متكاملة. لا يدّعي المخرج أنه يريد الحكم لها أو عليها. لكن منواله وكثرة تناوله العلاقات الثنائية مبنية على أنه من الصعب الثبات على حب واحد وإذا فعل فلفترة عابرة.

هذا ما يوعز بأنه يؤمن بذلك فعلاً لدرجة أنه لا يجد مواضيع أخرى يتحدث فيها. صحيح أنه ما زال يدير ممثليه جيداً، ولديه حس كوميدي ساخر وساحر، إلا أنه لا يبحث عن الاختلاف بقدر ما يبحث في منح مشاهديه صوراً أخرى من النماذج ذاتها.

هو من قال يوماً إنه يفتح درج مكتبه ويستعرض الأفكار التي كان خطّـها على ورق ثم يأخذ واحدة ويكتب لها السيناريو. وبما أنه لا يحتاج إلى بيع مسبق ولا إلى إقناع شركات الإنتاج بمشروعه. فإن ما يختاره يُنفّذ.

شخصياته لا تتغيّر كثيراً

هل اختفى الممثل والمخرج وودي ألن إلى الأبد؟
وودي ألن

نساء ألن قويّـات حتى حينما يكن رقيقات ورومانسيات. تتدرّج هذه القوّة تبعاً للتفاعل العاطفي الذي يشغل القلب حيال الأزمة التي تم بها. ما لا يتغيّـر أيضاً هو الدور الذي كان ألن يمنحه لنفسه حين كان كثير الظهور أمام الكاميرا: المحب الذي قد ينقل فؤاده ما شاء من الهوى. تستطيع دائماً أن تتخيّـله وهو يتحدّث برذاذ من الكلام والكثير من إشارات الأيدي وقدر من التأتأة متسائلاً عن أبسط الأمور.

لكن المتكرر أكثر من سواه، بصرف النظر عن وجود ألن أمام الكاميرا أو خلفها فقط، هي منواله من تصوير العلاقات الغرامية على أساس أن لا شيء فيها ثابت: بطله يحب كاثي قبل أن تسرق اهتمامه سوزان فيحبها أيضاً لكن سوزان في مرحلة اتخاذ قرار لأنها تحب جيري الذي يحب كاثي بدوره. الآن نقلب الأوضاع على هذا النحو مع تغييرات بسيطة لنجد أنها في أفلام ألن المختلفة من الثمانينات وإلى اليوم.

أفلام وودي ألن

هل اختفى الممثل والمخرج وودي ألن إلى الأبد؟
فيلم «لغز جريمة مانهاتن»

من «مانهاتن» (1980) إلى «سبتمبر» و«امرأة أخرى» (كلاهما في 1987) ومن «أليس«(1990) إلى «لعنة العقرب» (2001) مروراً بـ «سويت أند لوداون» (1999) وصولاً إلى حفنة من آخر أفلامه مثل «ماتش بوينت» (2005) و«سكووب» (2006) وفيكي كرستينا برثلونا» (2008) وما بعد، حافظ ألن على هذه التيمة. لم يحد عنها ولم يجد لها بديلاً.

لحين كانت دايان كيتون ملهمته الأولى إذ استعان بها خمس مرّات على نحو متواصل ثم مرّة لاحقة سنة 1993 بفيلم كوميدي عنوانه «لغز جريمة مانهاتن». قبل عشر سنوات من ذلك التاريخ كان تعرّف إلى ميا فارو وأسند إليها بطولة «كوميديا منتصف ليلة صيف الجنسية» وبعد هذا الفيلم بقيت في الجوار لاثني عشر فيلماً آخر قبل الانفصال عنها وسط ضجة إعلامية ترددت صداها لسنوات أخرى بعد ذلك.

عندما قل ظهوره على الشاشة في منتصف السنوات العشر الأولى من هذا القرن، بدأت مرحلة تعدد الممثلات اللواتي يلعبن في أفلامه من دون تكرار كما كانت الحال سابقاً.

إلى ذلك فإن شخصية ألن القلقة وتصرّفاته التي ميّزت طريقة أدائه فرضها ممثلوه من الرجال فإذا بهم يتحدثون ويتصرّفون كما لو أنهم يقلّدونه.

هو في جون كوزاك في «رصاص فوق برودواي» (1994) وغريغ ماتولدا في «نجوم مجتمع» Celebrity العام 1998، وإوان مكروغر في «حلم كاساندرا» (2007) كما في أوون ولسون في «منتصف الليل في باريس» (2011) وأليك بولدوين في «ياسمين أزرق» والآن واكيم فينكس في «رجل غير منطقي».

هو الآن منعزل إما لأن ينسى الناس الاتهامات التي وجهت إليه، أو إلى أن ينسوه هو تماماً.

اقرأ أيضًا: هل اختفت نجمات الأمس الجميل قبل الأوان؟